المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

الكومبس -رأي: لقد تركت حرائق الغابات المدمرة التي تجتاح لوس أنجلوس خلفها مساراً من الدمار، ما أدى إلى تهجير الآلاف وتدمير الأنظمة البيئية بشكل لا يمكن إصلاحه. أصبحت هذه الأحداث المناخية المتطرفة تتزايد بشكل ملحوظ لتكون سمة قاتمة من سمات تغير المناخ، مما يبرز الحاجة الملحة للعمل العالمي.

يتم تسليط الضوء على الرابط المقلق بين تغير المناخ والأحداث المناخية المتطرفة والوفيات من خلال تعاون دولي بين باحثين من معهد كارولينسكا، وجامعة أوتاوا في كندا، والمعهد البهائي للتعليم العالي في إيران. حللت الدراسة بيانات من 77 دولة على مدار عقدين (1999-2018)، وكشفت أن موجات الحرارة هي الأكثر فتكاً، حيث سجلت الدول ذات الدخل المرتفع أعلى عدد من الوفيات المرتبطة بموجات الحرارة بسبب عوامل مثل الشيخوخة، وجزر الحرارة الحضرية، وأنماط الحياة التي تستهلك الموارد.

يتناغم هذا البحث بشكل عميق مع الأزمة الحالية في لوس أنجلوس، حيث أدت ظروف الجفاف المستمرة ودرجات الحرارة القياسية إلى خلق عاصفة مثالية لحرائق الغابات. وتؤكد الدراسة أن تكرار وشدة هذه الأحداث المتطرفة تتفاقم بفعل ارتفاع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون (CO2) والتحضر غير المستدام. إنه تذكير صارخ بأن تغير المناخ لا يعرف حدوداً؛ فآثاره تنتشر عبر القارات، وتؤثر بشكل غير متناسب على الفئات الضعيفة.

تسلط النتائج الضوء أيضاً على حقيقة عميقة: إن مصير الإنسانية المشترك يتطلب استجابة موحدة للتحديات العالمية. كما أن العالم مترابط، فإن الحلول أيضاً مترابطة. يجب أن تتجاوز هذه الاستجابة الجوانب المادية والتكنولوجية للمشكلة وأن تعالج أبعادها الروحية والأخلاقية الأساسية. الأزمة البيئية الحالية ليست مجرد فشل في السياسات أو الممارسات، بل هي انعكاس لابتعاد الإنسانية عن المبادئ التي يجب أن تحكم علاقتها بالأرض وببعضها، مثل التناغم والعدالة والاعتدال.

يجب أن يكون هناك تحول أعمق، تحول يعتمد على القدرة الروحية للأفراد والمجتمعات. التقدم الحقيقي في معالجة تغير المناخ يتطلب أن ترى الإنسانية نفسها كجسد واحد، حيث يشعر الجميع بألم الآخر. يجب أن يتم توزيع الموارد بشكل عادل، ويجب أن تكون الأولوية في الأفعال لصالح رفاهية الأجيال القادمة على المكاسب قصيرة المدى. كما أن التعليم يلعب دوراً محورياً: تعزيز فهم الترابط بين البشر وتنمية الشعور بالمسؤولية تجاه كل الحياة.

علاوة على ذلك، يجب أن يكون هناك التزام ثابت بالوحدة والتشاور، سواء داخل الأمم أو بينها. التشاور يعزز الحلول التي هي عادلة وشاملة ومستدامة، ما يضمن أن تُسمع جميع الأصوات. يجب تمكين المجتمعات للمساهمة بشكل فعال، من خلال تقديم رؤاها الفريدة وقواها إلى الجهود الجماعية.

بينما تكافح لوس أنجلوس من أجل إخماد النيران، يجب على المجتمع العالمي أن يستفيد من دروس هذه الأزمة. النار ليست مجرد رمز للتحديات الأوسع التي نواجهها، بل هي أيضاً دعوة لإعادة إشعال أسمى الصفات الإنساني، التعاطف، والتعاون، والالتزام المشترك بالعدالة. من خلال تبني هذه الرؤية العليا، يمكننا حماية كوكبنا، والوفاء بدورنا في رعايته، وبناء مستقبل يتسم بالسلام والازدهار للجميع.

د. زياد الخطيب