المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
مقالات الرأي: هل كان يعلم أولوف بالما Olof Palma أن رصاصة من مجهول تنتظره عام ١٩٨٦ لتنهي تاريخ من حياته السياسية المليئة بالعطاء والمحبة والإخلاص لبلده؟
وهل توقعت زوجته إليزا ان هذه الوقفة في منتصف الخمسينات ستكون مثيلتها الأخيرة في منتصف الثمانينات وهم يخرجون من إحدى صالات السينما في العاصمة السويدية ستوكهولم؟
دفع حياته ضريبة مواقفه الشجاعة وصراحته المعهودة ، عده الكثير من المهتمين بالشأن السياسي انه احد القادة الأوروبيين المميزين جدا لاسيما ان الرجل حمل راية فك الاستقطاب بين المعسكرين الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفيتي السابق و الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
وقد بادر بخطوات عملية في هذا المضمار منها لقائه بالزعيم الراحل فيدل كاسترو ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات وقد اتصل إبان فترة الحرب العراقية الايرانية بزعماء البلدين تمهيداً إلى لقائهم وإقناعهم بضرورة وقف إطلاق النار وإنهاء مسلسل الصراع بالنيابة.
لازال شعب النوبل يعتصر التنهدات ويذرف الدموع على ذكراه الراسخة في وجدان المواطن السويدي فاختاروا اسم أولوف بالما لشوارع وساحات ومؤسسات تخليداً لذكراه والمضي قدماً نحو الأمام لمواصلة البناء والإعمار وتحقيق الرفاهية لا الرجوع إلى الوراء والسكون بالماضي كما هو حالنا في البلدان العربية والإسلامية والتي تتسم بأن ماضيها اجمل من حاضرها في الغالب.
من هنا يتوجب علينا أخذ العبرة في تخليد الشهداء عملياً لا كلامياً فقط واستخلاص المثل العليا في التسامح المجتمعي وإنهاء الاصطفافات الداخلية والانقسام فالحياة حيث يختارها المرء بنفسه فيرضى ان يكون هامشياً او صانعاً للأحداث وكذلك الممات فكم من راحل لا تعدوا ذكراه الا حكراً على ذويه المقربين وسرعان ما يلفه النسيان كما لفه قبر وكم من راحلٍ تقترن ذكراه بصناعة التاريخ والمواقف العظيمة وعليه اجزم قاطعاً ان الفرد يختار حياته ويختار مماته وما القضاء والقدر إلا شماعة تعليق الفشل وغياب ذات الحيلة والامل.
علي الشمري
مقالات الرأي في الكومبس، تُعبّر عن أصحابها وليس بالضرورة عن الشبكة