رسالة إلى قادة الدول الإسلامية: لا تتشاطروا على السويد

: 7/2/23, 3:31 PM
Updated: 7/2/23, 3:31 PM
مسجد في بوتشيركا
Foto: Jonas Ekströmer
مسجد في بوتشيركا Foto: Jonas Ekströmer

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

جميل منكم، أيها العرب والمسلمون هذه الحمية والغيرة وردود الفعل القوية والصارمة، على قيام بعض السخفاء بحرق أوراق يقولون إنها نسخ من المصحف الشريف، جميل منكم استدعاء السفراء وإصدار بيانات التنديد والتسارع إلى عقد الاجتماعات والمؤتمرات الطارئة، لإظهار غضبكم على السويد، ولكن قبل أن يطق لكم عرق، دعونا نخبركم أن السويد قدمت لنا نحن المسلمين والعرب في السويد ما لم تستطيعوا أنتم تقديم جزء بسيط منه، هذا البلد منحنا حقوق أكثر مما حصلنا عليه في بلداننا الأصلية، هذا البلد منحنا الكرامة واعتبرنا بشر متساوين مع الجميع، بغض النظر عن لون بشرتنا وميولنا ومعتقداتنا الدينية والفكرية، نحن هنا ولمعلوماتكم نمارس الحرية الدينية كما نشاء، ونشعر بالأمن والأمان والاستقرار، الأغلبية العظمى منا يحملون الجنسية السويدية وحصلوا عليها بعد سنوات قليلة، بينما دولكم لا تمنح حتى الإقامة لمن لا يعجبكم أو يمكن أن يعتبر عالة عليكم.

هنا المسلمون الذين هربوا من بلدانهم، بسبب نقص الحرية أو نقص الكرامة، كان منهم المرضى والعجزة وكبار السن والأميون كلهم حصلوا على إقامات وجنسيات، لمجرد أنهم بحاجة لحماية.

قبل أن تتوغلوا أكثر بإجراءات معاقبة السويد، على ديمقراطيتها التي من الصعب أن تتفهموها، وتحاولوا المزايدة عليها وإظهار أنكم حريصون فعلاً على ورق المصحف من الاحتراق، لإلهاء شعوبكم وتسجيل مواقف استعراضية أمامهم، نحب أن نقول لكم إننا لسنا بحاجة لكم ولا حتى لبياناتكم ومؤتمراتكم، نحن المسلمون في السويد بخير ونستطيع أن نتفاهم مع مجتمعنا، ونستطيع أن نناقش ونضغط لكي نحاول أن نمنع حرق المصحف أو أي رموز دينية بالطرق الديمقراطية والأدوات الحضارية المتاحة لنا، وهي طرق وأدوات عديدة ومتوفرة لدينا. خاصة أن السويد كان لديها قانون قديم يحرّم النيل من الرموز الدينية وازدراء الأديان. مع أن هناك خطراً كبيراً علينا نحن كأقلية دينية من سن قوانين تحد من حرية التعبير، أي تغييرات يمكن أن تكون سبباً يستخدم ضدنا وسبباً للحد من تمتعنا بممارسة شعائرنا الدينية. فما نطالب به الآن يمكن إن حصل أن يتحول ضدنا.
إذا كان ثمن كل ما نتمتع به من حقوق وكرامة، غض النظر وعدم الاكتراث بقيام بعض المعتوهين والباحثين عن الشهرة بإحراق بعض الأوراق فنحن نقبل بهذا الثمن.

نعم نحن نستطيع حل مشاكلنا لأننا مواطنون سويديون ونحن جزء من المجتمع، وحتى إن لم نستطع فسندرب أنفسنا على أن لا نكترث للسخفاء والحاقدين الذين يستغلون القانون في نشر الكراهية.

لا نعلم من سيروض من؟ هل نحن سنروض السويد ونعيد لها قوانينها القديمة التي ناضلت أجيالاً بعد أجيال لكي تتخلص منها؟ أم أن السويد ستروضنا ونصبح أقل عصبية وأكثر حكمة ولا نثور من أجل إحراق مجرد أوراق على يد شخص حاقد أو جاهل.

المهم هو أن تنتبهوا أنتم على مشاكلكم وعلى حاجات شعوبكم وأن تحاولوا رؤية أيضاً من ينتهك فعلاً حقوق المسلمين ومن يدنس مقدساتهم يومياً ويغتصب أرضهم، وأنتم صامتون صمت القبور، بل منكم حتى من يتحالف ويقف مع أعداء الأمة ومع من يحرق ويقتل ويشرد أبناء دينكم يومياً.

أنتم الآن تريدون أن تستغلوا ما حصل لتستعرضوا أمام شعوبكم غيرة زائفة على الإسلام ونصرة مصطنعة لقضايا المسلمين.

أغلب الدول التي بالغت بالرغبة بمعاقبة السويد، لديها على الأغلب مشاكل وتصفية حسابات مع السويد، الاستعراض يبدأ من الخليفة العثماني في الشرق إلى الخليفة العلوي في الغرب، كلاهما وجدا حجة على طبق من ذهب لمعاقبة السويد على توجهات ومواقف سابقة لها، لا تزال آثارها واضحة. الخليفة العثماني له مشكلة مع الأكراد، والسويد كانت تدعم هذه الأقلية، واستقبلت عدد منهم على أراضيها، بينما الخليفة العلوي في المغرب له مشكلة مع مواقف السويد الداعمة لبوليساريو، ومسألة الاعتراف بالصحراء الغربية أو المغاربية، فكما قايض القضية الفلسطينية سابقاً باعتراف ترامب بمغربية الصحراء يمكن أن يقايض السويد الآن ويصفح عنها.

من المهم أن تتوضح المواقف، فليست الغيرة على بضع صفحات جرى حرقها في ستوكهولم من قبل أحد العابثين والباحثين عن الشهرة، بل المصالح الخاصة هي السبب، تماماً كما فعل بوتين عندما وجد المناسبة لكي يقول: المسلمون عندنا يتمتعون بحريات أكثر من الغرب، لأننا نجرم إهانة مقدساتهم.

نتمنى من كل المجتمعين من أجل الاستقواء على السويد أن يدركوا بأن السويد ليست عدواً للمسلمين ولا يجب معاقبتها وفرض عقوبات عليها، ولكن قد يكون مفيداً الضغط السياسي عليها وعلى المجتمع الدولي لعدم ازدراء الأديان، لكي تعرف السويد وغيرها أن هناك متغيرات في العالم وأن المسلمين إن اتحدوا الآن على إدانة حرق صفحات من ورق المصحف، فلعل وعسى يتحدوا على أمور أخرى أكثر أهمية وجدية.

كل ذلك كوم، وما يقوم به السيد مقتدى الصدر كوم آخر وأهم، هذه الشخصية الدينية التي تستطيع بسهولة تحريك الشارع العراقي وحتى الحكومة وكل أجهزتها بتصريح قصير، ولأن الجالية العراقية هنا في السويد كبيرة وعريقة، من المهم أن تنقل هذه الجالية الصورة بشكل أوضح لهؤلاء الأشخاص المؤثرين.

أمجد سلامة

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.