رسالة زهراء من السويد إلى زينب في العراق

: 6/2/16, 11:25 PM
Updated: 6/2/16, 11:25 PM
رسالة زهراء من السويد إلى زينب في العراق

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

الكومبس – مقالات: هذه الرسالة قد تكون مجرد كلمات عادية من بنت في الصف الثامن، تعيش في السويد إلى ابنة خالتها التي تعيش في العراق، لكنها في الحقيقة ليست كذلك، فهي رسالة لها معاني كثيرة وهامة، خاصة في هذا الوقت الذي فرق مكونات شعب واحد إلى فرق متناحرة ومتباغضة، ويحاول البعض نقل هذا التناحر والكراهية معه إلى بلدان الاغتراب.

هذه الرسالة بكلماتها البسيطة والبريئة وصلتنا من التلميذة زهراء عن طريق إدارة مدرستها (مدرسة السلام في أوريبرو) أكثر ما يمكن أن يلفت انتباه القارئ هو كلمات الأم التي تعلم ابنتها المحبة والتسامح، والانتماء إلى الإيمان وإلى العراق وليس إلى طائفة أو إثنية معينة.
كم نحن فعلا بحاجة إلى مثل هذه الوالدة لتكون قدوة لكل الأمهات والآباء، لكيلا يزرعوا الكراهية والحقد والطائفية بهذا الجيل الجديد، فإذا جيلنا أخطأ يجب على أبنائنا أن لا يدفعوا ثمن هذا الخطأ، خاصة أننا نعيش هنا في السويد أو في أوروبا ويمكن أن نستفيد من دروس قاسية وضريبة عالية دفعتها الشعوب الأوروبية، لكي يبنوا بلدانهم على مبادئ العيش المشترك واحترام الآخر ...لنقرأ الرسالة

بسم الله الرحمن الرحيم

إلى صديقتي وابنة خالتي الغالية زينب ….

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كيف حالك؟

اشتقتُ إليكِ كثيراً، مرَّ وقتٌ طويلٌ على آخرِ لقاءٍ لنا، فأنا لم اراكِ منذُ ثلاث سنوات تقريبا… ولكن لم تغبْ عن بالي الأيام الجميلة التي قضيناها معاً. هل تتذكرين كيف كنّا نسهرُ لساعاتٍ متأخرةٍ من الليلِ، نتحدثُ ونضحكُ.. كنتُ احكي لكم عن حياتِنا في السويد وكنتم تحكونَ لي عن حياتكم في العراق، عنِ المدرسةِ، علِ الجو الحارِ وعن انقطاعِ التيارِ الكهربائي.

وأنا أكتب إليك تذكرتُ كيفَ كانَ اولُ يومٍ وصلنا فيه إلى بيتِ جدتي في العراق. بعد ساعتين مِن وصولِنا كانت الساعةُ التاسعةَ مساءً، فانقطعَ الكهرباءُ…. وكانَ أَخي الصغير لا يعرفُ مامعنى أَن ينقطعَ الكهرباء، فظنَّ أنَّ أحدهم سيحتفلُ بعيدِ ميلاده…لأنَّ الغرفةَ كانت مظلمة، وعندها سأل: عيدُ ميلادُ مَنْ اليوم؟ فبدأ الجميعُ بالضحكِ. كم أنا مشتاقة لهذهِ الأيام، فهي مليئةٌ بالذكرياتِ الجميلةِ مع الأقاربِ والأصدقاءِ، وأتمنى أن التقي بكم من جديدٍ.

هل تعلمي يا زينب في كُلِّ مرَّةٍ أسألُ فيها أُمي متى سنسافِرُ إلى العراقِ؟ تجيبني نفسَ الجوابِ: عندما يستقرُ الوضعَ في العراق. ولكن متى سيستقرُ الوضعَ في العراق؟ أذكرُ أنني قبلَ ايامٍ شاهدتُ الأخبارَ وكانت مشاهدُ التفجيراتِ محزنةُ لأنَّ أكثرَ القتلى من الأطفالِ والنساءِ، وسألتُ أُمي مَنْ يُفَجِر؟ ولماذا يُفجر؟ لماذا لا يعيشونَ بسلامٍ ومحبةٍ؟ لماذا لا يتعاونونَ ويبنونَ العراق من جديدٍ؟ ألا يستحقُ العراقُ منهم ذلكَ؟ أنا لم أولدْ في العراقِ ولكنني أحبهُ كثيراً. قالت أمي: إنَّ الذينَ يفعلونَ ذلك بالعراقِ هُم حقاً لا يُحبونَ العراقِ؟ هم نجحوا بأن يفرقوا العراقيين، وقسموهم الى كرديّ وعربيّ ومسلم سنيّ وشيعيّ ومسيحيّ والحقيقة إنَّ العراقيينَ ليسوا كذلك، ففي الكثيرِ منَ الكثيرِ منَ البيوتِ تعيشُ العائلة الواحدة وفيها الكردي والعربي السني والشيعي متحابين فيما بينهم!

لم استوعب كلام أمي، فالإختلافُ لا يُبررُ القتل. يمكن أن نكونَ مختلفين ونعيش بسلامٍ بدونَأن يقتُلَ أحدنا الآخرَ. فأنا في مدرستي وفي صفي، أُحبُ صديقاتي ومعلميني ومعلماتي، وأعرفُ أنهم يُحبوني ونحن مختلفون. فصديقتي من بلدٍ وأنا من بلدِ ومعلمي من دينٍ وأنا من دينٍ، ومعلمتي من مذهبٍ وأنا من مذهبٍ، ولكننا نُحبُّ بعضنا البعض. أتمنى أن يكونَ العراقُ مثلنا، فالإختلافُ ليسَ جريمة حتى يُقتَلُ الإنسانُ من أجلها. أنا متأسفة يا زينبُ لأنَّ رسالتي كانت محزنة. أتمنى لكِ السعادة والنجاح في الدراسةِ وأتمنى أن أراكِ عن قريب.

ابنةُ خالتكِ المشتاقة إليكِ زهراء

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.
cookies icon