رسالة من طبيب قلب أمريكي إلى الرئيس بايدن

: 11/23/23, 6:29 PM
Updated: 11/23/23, 6:44 PM
وليد العلمي: طبيب قلب تدخلي مقيم بمدينة واشنطن
وليد العلمي: طبيب قلب تدخلي مقيم بمدينة واشنطن

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

عزيزي السيد الرئيس،
أكتب إليك بصفتي مواطناً أميركياً وطبيب قلب. لا تبعد عيادتي كثيراً عن البيت الأبيض. في كل ليلة، أخلد إلى النوم وأنا أشعر بالامتنان لأنه أتيحت لي فرصة الحصول على مستوى تعليمي ممتاز. أنام جيداً لأنه، وكل يوم تقريباً، تتاح لي الفرصة لإنقاذ حياة شخص ما. هذه جميعها هدايا لا أعتبرها أمراً مفروغاً منه.
عندما أقسمتُ على إنقاذ الأرواح، كان إيماني، وما زال، هو أن جميع الأرواح مهمة ومتساوية. أعلم أنك لست طبيباً، لكني كنت أعتقد أنه بما أنك أقسمت اليمين الدستورية، فإنك تؤمن مثلي بالشيء نفسه؛ وخصوصاً أنك فقدت زوجتك الأولى وابنك – شخصان بريئان كانا في المكان الخطأ في الوقت الخطأ. أنا واثق بأن الأطباء الذين عالجوهما بذلوا كل ما في وسعهم لإنقاذهما، لا لأنهما ينتميان إلى أسرة عضو مجلس شيوخ منتخب، وإنما لأنهما بشر.

لا أحد أعرفه يتعامل مع المرضى على نحو مختلف، اعتماداً على المكان الذي ولدوا فيه، أو المكان الذي يعيشون فيه، أو اللغة التي يتحدثون بها، وبالتأكيد ليس بناء على الجهة التي أعطوها صوتهم. هل يمكنك أن تتخيل أن يُحكم عليك على أساس هذه الأمور؟ هذا يتعارض مع الإنسانية، ناهيك عن أنه مخالف للقانون. لو أنني شهدتُ شيئاً كهذا، فسيكون من واجبي كطبيب – وكإنسان – أن أبلغ عنه.

يشهد الناس في الولايات المتحدة والعالم أجمع الآن هذه الجرائم الإسرائيلية البشعة في غزة. إن أموال الضرائب التي أدفعها عمّا كسبته بشق الأنفس تُستخدم لدفع ثمن الأسلحة التي تقتل الفلسطينيين الأبرياء في غزة، وإذا ما التزمتُ الصمت حيال ذلك ولم أبلغ عنه، فأنا متواطئ في قتل أكثر من 5000 طفل في غزة (أي ما يعادل 600,000 طفل أميركي) سحقت آلات القتل التي دفعتُ أنا ثمنها، وأنت تهديها إلى نتنياهو، جماجمهم وحطمت عظامهم وفرمت طحالاتهم وأكبادهم وقلوبهم. أنا لا أتحدث عن أرقام. أنا أتحدث عن الأطفال والأهالي والمعلمين والممرضات والممرضين والأطباء والصحافيين وعاملي الإغاثة والفنانين وعن القطط والكلاب والبغال والخيول وأشجار الزيتون وأشجار النخيل، وعن المدارس والخيام والملاجئ الموقتة والمستشفيات ودور رعاية المسنين والكنائس والمساجد…

كوني ابن طبيب من غزة صار لاجئاً بعد أن احتل الإسرائيليون قطاع غزة عام 1967، نشأتُ في لبنان وشهدتُ الدمار الذي خلفته الحرب وتبعاتها المستمرة لوقت طويل بعدها. لكن على الرغم من بؤس تلك الحرب ومرارتها، فإن المستشفيات لم تتعرض للقصف مثلما يحدث اليوم، وبالتأكيد لم تُقصف بتاتاً باستخدام تبريرات غير معقولة كالتي تُستخدم لتبرير هذه الفظائع. هذه الجرائم يتم إضفاء الشرعية عليها من أقوى منصب في العالم؛ إنه منصبك.

مليارات الأشخاص هنا وفي جميع أنحاء العالم يطلقون الأحكام عليك، لا فقط لتمويلك هذه الإبادة الجماعية، بل أيضاً لأنهم يعرفون أن لديك القدرة على إيقافها لكنك تختار عدم القيام بأي شيء. سيتذكرون ذلك بعد عام من الآن عندما يحين وقت التصويت. سوف يبقى ذلك في الذاكرة إلى الأبد.
لذا، يجدر بي أن أسأل: كيف يمكنك أن تنام الليل وأنت تعلم أن لديك القوة المطلقة لوقف قتل الآلاف من الأبرياء بأن تقول كلمة واحدة فقط؟ أوقفوا إطلاق النار.

الآن وعيد الشكر قريب منا، من المستغرب في هذا الوقت المليء بمشاهد الرعب والأهوال أن تظهر على شاشة التلفزيون وتسامح زوجاً من الديوك الرومية. أي عالم هو هذا الذي نعيش فيه؟
أتوسل إليك أن تفعل ما هو صحيح من أجل الإنسانية؛ أحفادك والتاريخ سيحكمون عليك. أتمنى أن تقرر أن تقف على الجانب الصحيح مما يحصل … ما زال لديك نحو 2.2 مليون سبب لأن تتخذ هذا الخيار، وهو عدد يقل ويتراجع مع مرور كل يوم.
بإخلاص،
الطبيب وليد العلمي

وليد العلمي: طبيب قلب تدخلي مقيم بمدينة واشنطن. وهو أيضاً عضو سابق في صندوق إغاثة أطفال فلسطين، فرع أريزونا. يحمل الدكتور العلمي درجة بكالوريوس في الكيمياء من الجامعة الأميركية في بيروت ومن كلية الطب في جامعة أوكلاهوما. وهو حاصل على شهادات الاعتماد من قبل هيئة الاختبارات الطبية الوطنية والمجلس الأميركي للطب الباطني والمجلس الأميركي للتخصص الفرعي لأمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض القلب التدخلية.

Source: www.palestine-studies.org

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.