المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
الكومبس – خاص: ضمن سلسلة اللقاءات التي تجريها شبكة الكومبس مع سفراء الدول العربية في السويد، أجرى رئيس التحرير د. محمود صالح آغا هذا اللقاء مع السفير القطري في ستوكهولم الشيخ حمد بن آل خليفة.
في مقر السفارة المؤقت، وسط العاصمة السويدية، استقبلنا السفير بكل ترحاب وبعد دقائق معدودة أصبح الحوار يجري في سلاسة وبدون حواجز رسمية، خاصة أن الأسئلة التي كانت تجول في خاطرنا تتناسب مع ما قد يطرحه أي متابع، عند فرصة اللقاء مع سفير دولة عربية وخليجية مثل دولة قطر.
لماذا لا تستقبل قطر ودول خليجية أخرى اللاجئين السوريين والعراقيين إسوة بالدول الأوروبية؟ ما هي دواعي وجود سفارة قطرية في السويد، الدولة الواقعة في أقصى الزاوية الشمالية للكرة الأرضية؟ ما هو جدوى دعم المنظمات والجمعيات الإسلامية في السويد لتكوين رأي ضاغط (أو لوبي) للدفاع عن القضايا العربية والإسلامية؟ هذه الأسئلة وغيرها كانت مادة الحوار مع السفير الشيخ حمد:
ما أهمية وجود سفارة قطرية في السويد في الوقت الراهن؟ خاصة أنك أول سفير مقيم لبلادك في ستوكهولم، لماذا اختارت قطر أن يكون لها سفارة في هذا البلد الإسكندنافي الواقع عند أقصى شمال الكرة الأرضية؟
لا شك أن السويد دولة محورية وفاعلة خاصة في محيطها الإسكندنافي، وتتخذ سياسات خارجية حيوية على مستوى الاتحاد الأوروبي والعالمي. كما أن دولة قطر تشارك السويد الاهتمام في قضايا ومواقف كثيرة في مجالات التنمية والاقتصاد وحقوق الانسان وتعزيز مكانة المرأة وقضايا البيئة والمناخ. السويد أصبحت دولة مهمة للمنطقة العربية خاصة في ظل الهجرة وسياسة السويد ومواقفها المتقدمة في قضية فلسطين وتقديم الدعم والمساعدات الانسانية للاجئين وللمنظمات الدولية.
ولا ننسى أن التغيرات الديمغرافية في هذا البلد تشكل عامل آخر ضاعف من الروابط بينه وبين المنطقة العربية وقضاياها، اذ أصبح يشكل المواطنون السويديون من أصول عربية واسلامية كتلة مهمة من المجتمع السويدي، هذا ما زاد من التبادل الثقافي الكبير الذي أصبح ماثلا للعيان في الحياة اليومية. كما يوجد تواصل مباشر بين ستوكهولم والدوحة وحركة للمواطنين نتيجة للرحلات الاسبوعية التي تقوم بها الخطوط الجوية القطرية بمعدل 10 رحلات اسبوعية.
السوق القطري تتطلع أيضا إلى الاستفادة من الصناعات والحلول التكنولوجية السويدية. كما يجب ملاحظة أن العلاقات بين السويد وقطر في توسع وتطور في شتى المجالات، وعلى ضوء هذه التطورات تعمل سفارة دولة قطر على توطيد هذه العلاقات والبحث عن آفاق جديدة للتعاون بين البلدين، خاصة في مجال السياسات الخارجية التي تخص المنطقة العربية، هذا الى جانب رفع مستوى التعاون الاقتصادي والاستثمار بين البلدين.
ما هي أهم المحطات في تاريخ العلاقات القطرية – السويدية، وكيف تصف هذه العلاقة حاليا؟ وما هو حجم التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين؟ هل من اتفاقيات مشتركة بينهما؟ إذا وجدت، في أي مجال؟
العلاقات بين السويد وقطر علاقات غير مستجدة، وهي علاقات تتطور نتيجة لتقاسم البلدين لوجهات النظر والمواقف اتجاه قضايا مختلفة، وكان لدى البلدين سفراء غير مقيمين. وفي عام 2014 بادرت السويد الى فتح سفارة لها في الدوحة ومن ثم افتتحت دولة قطر أول سفارة مقيمة لها في ستوكهولم لرفع مستوى العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين، وتقديم الخدمات القنصلية للمواطنين. ويعمل في قطر العديد من الشركات السويدية الكبرى، وتستورد قطر الآليات والمعدات التكنولوجية من السويد، ويشهد حجم التبادل التجاري بين البلدين ارتفاعا باستمرار، اذ وصل الى 3.8 مليار كرون سويدي.
هل تعتقد أن هناك حاجة لتطوير الإعلام الناطق بالعربية في السويد؟ هل ترى أن هذا الإعلام بوضعه الحالي يعكس واقع وحجم الأعداد الكبيرة لأبناء الجاليات العربية، ويعبر عن دورهم ومساهماتهم في مجتمعهم السويدي الجديد؟
في ظل مجمل التغيرات ومنها ما يتعلق بزيادة نسبة المواطنين السويديين من اصول عربية، والناطقين بالعربية، في السويد، هنالك حاجة ملحة لتطوير الاعلام الناطق بالعربية بالسويد لكي يعبر عن اهتمامات الجاليات العربية ويعالج قضاياها الاجتماعية واسهاماتها في المجتمع السويدي. كما ان الاعلام يشكل حيزا مهما للتعبير عن هوية الجالية العربية في السويد، ويساهم في الانفتاح والتفاعل بين الثقافة السويدية والعربية. وتعد مبادرة شبكة الكومبس رائدة ومهمة في هذا المجال، نتمنى لها النجاح في تطوير جهودها.
معروف ان بعض الدول العربية وخاصة الخليجية، لها تاريخ طويل في تمويل ودعم الجمعيات والمنظمات الإسلامية في السويد، دون أن تستطيع هذه الجمعيات تكوين رأي ضاغط (أو لوبي) للدفاع عن القضايا العربية والإسلامية، بصورة عامة وخاصة في التصدي لهجمات قوى اليمين المتطرف، أين الخلل في رأيك؟ لماذا لا يوجد للعرب دور فعال وصوت مسموع في الصحافة السويدية والإسكندنافية؟
لا بد من وضع الأمور في سياق زمني، اذ يعتبر وجود الجاليات العربية في السويد حديث من الناحية التاريخية، ومن المعروف أن التغيير الاجتماعي، سواء داخل المجتمع السويدي والجالية العربية، يحتاج إلى وقت لكي تتمكن أفراد الجالية العربية من الوصول الى مراكز صناعة القرار المهمة في المؤسسات المختلفة، خاصة في المجال الاعلامي المؤثر بشكل كبير في صناعة الرأي العام. ونحن نرى بأن المكان الطبيعي لأفراد الجالية العربية هو العمل من داخل الاحزاب والقوى السياسية الموجودة في السويد وليس فقط ممارسة الضغط من الخارج، بل من خلال المشاركة الفعالة كمواطنين في وضع وتكوين السياسات والأهداف.
ما رأيك بمواقف الحكومة السويدية الحالية اتجاه القضية الفلسطينية، وما تتعرض له السياسة الخارجية السويدية الى هجوم غير مسبوق من إسرائيل وأصدقائها في السويد، هل تعتقد أن هناك دور مفقود للعرب في مساندة المواقف السويدية وعدم تركها وحيدة أمام الانتقادات الإسرائيلية العنيفة؟
نحن في دولة قطر نثمن السياسات والجهود السويدية المتقدمة اتجاه القضية الفلسطينية مقارنة بالدول الاوروبية الاخرى. ومنذ اعتراف السويد بالدولة الفلسطينية عام 2014 واسرائيل تفتعل الأزمات السياسية مع السويد ووزيرة خارجيتها على وجه التحديد بهدف ابتزاز السويد في محاولة بائسة منها لمنع دول أوروبية أخرى من الاقدام على اتخاذ خطوات مشابهة للسويد، ومع هذا نحن نرى أن الرأي العام الأوروبي يزداد في مساندته للقضية الفلسطينية، وتزداد المقاومة الشعبية والمقاطعة العالمية لإسرائيل.
تعد قضية تدفق اللاجئين حاليا من أهم القضايا التي تشغل الحكومة والمجتمع والرأي العام في السويد، كيف يمكن الرد على السؤال الذي برز مؤخرا والقائل: لماذا لا تستقبل قطر والسعودية ودول الخليج الغنية اللاجئين الهاربين من سوريا والعراق؟ وهو سؤال تطرحه أواسط سويدية وأوروبية أيضا؟
استقبلت دولة قطر ما يقارب 60 ألف مواطنا من الاشقاء السوريين منذ اندلاع الأزمة السورية، وفي قطر والدول الخليجية الأخرى لا يتم التعامل مع الأشقاء السوريين كلاجئين، بل كمقيمين يوفر لهم العمل والخدمات الصحية والرعاية الاجتماعية أسوة بالمقيمين الآخرين في البلاد. وتقدم دولة قطر، والدول الخليجية أيضا، الدعم والمساعدات الإغاثية والتمويل للاجئين السوريين المتواجدين في الشتات أو النازحين داخل سوريا من خلال الجمعيات الخيرية والمؤسسات المحلية والمنظمات الدولية التي تنشط في تقديم الخدمات للاجئين السوريين مثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وهذا واجب وليس منة اتجاه الأشقاء السوريين.
كيف وجدت السويد وستوكهولم تحديدا؟ ما الذي لفت نظرك من خلال اقامتك وعلاقاتك مع الأوساط السويدية؟ ومن خلال زياراتك لمعالم البلاد الثقافية والتاريخية؟
السويد بلد جميل يتمتع بطبيعة خلابة ومدن منظمة، وعلى الرغم من جوها البارد، إلا أني وجدت الشعب السويدي مهذب وطيب ودافئ المعاملة. ولقد استمتعت كثيرا بالغنى الثقافي الموجود في السويد من خلال زيارتي للمتاحف الوفيرة في ستوكهولم التي اتاحت لي التعرف على تاريخ وحضارة وفنون هذا البلد.
حاوره: د. محمود صالح آغا