سوريا:مرحلة حاسمة في تطور الأزمة

: 6/14/12, 6:47 PM
Updated: 6/14/12, 6:47 PM
سوريا:مرحلة حاسمة في تطور الأزمة

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

يحاول المجتمع الدولي رغم الأحداث المأساوية في سوريا إيجاد مخرج من النزاع الدموي القائم. وفي هذه الحالة يقصد بالمجتمع الدولي أعضائه ممن هم معنيون بشكل صادق في إنهاء الصراع وحل جميع الخلافات على طاولة المفاوضات، ويواصلون تحديداً طرح المبادرات المختلفة.

يحاول المجتمع الدولي رغم الأحداث المأساوية في سوريا إيجاد مخرج من النزاع الدموي القائم. وفي هذه الحالة يقصد بالمجتمع الدولي أعضائه ممن هم معنيون بشكل صادق في إنهاء الصراع وحل جميع الخلافات على طاولة المفاوضات، ويواصلون تحديداً طرح المبادرات المختلفة. وعلى سبيل المثال أعلن الممثل الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي عنان أن إيران يجب أن تشارك في عمل مجموعة الإتصال بشأن سوريا. وتابع أنه يجري الآن بحث إمكانية إنشاء مجموعة إتصال بخصوص سورية تضم دول تتمتع بتأثير على طرفي النزاع في سوريا. وإعتبر أن مهمة هذه المجموعة ستكون في الجمع بين الأطراف المتنازعة لكي يتمكنوا من النظر بشكل واقعي إلى المشكلة والتفكير فيما هو من الواجب فعله لتنفيذ خطة التسوية في سوريا لتحقيق السلام والتسوية السياسية لمنع وقوع إنفجار في المنطقة بأسرها. وأعرب عنان كذلك عن أمله في أن إيران كدولة مهمة في المنطقة ستساهم في حل الأزمة في سوريا.

وقد أيدت روسيا هذه الفكرة، وأعلنت على لسان ميخائيل بوغدانوف نائب وزير خارجيتها أنها "إقترحت إجراء مؤتمر دولي حول سوريا وتقوم حالياً بإجراء مشاورات مكثفة مع المشاركين المحتملين في هذا المؤتمرم وعلى رأسهم – بطبيعة الحال- الدول الدائمة العضورية في مجلس الأمن وعدد من اللاعبين الإقليميين المؤثرين، إضافة إلى رؤساء الأسواق الدولية الإقليمية" وتابع مارغيلوف أن "موسكو تؤيد مشاركة الجمهورية الإسلامية في إيران لأن الجميع يعترف بتأثيرها على الأوضاع في المنطقة عموماً وعلى الأوضاع في سوريا كذلك". ولفت إلى أنه يقصد "الصلة التاريخية. فإيران في واقع الحال تقع بالقرب من سوريا، وأن موسكو تعتبر أن دول كإيران والسعودية يجب أن تشاركا في هذا المؤتمر". وحسب تقديرات وزير الخارجية سيرغي لافروف فمن الممكن أن تشارك نحو 15 دولة في المؤتمر، من بينها الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، والدول المجاورة لسوريا بما فيها إيران، كلاعب لا يمكن تجاهله في هذه التركيبة. كما اضاف أن هذا المؤتمر قد لا ينعقد لمرة واحدة بل يمكن أن يشكل بداية لعملية سلمية، ومن الممكن أن تعقد المرحلة الأولى منه في موسكو أو جنيف أو في اي مكان آخر توافق عليه الأطراف المعنية.

وبالمناسبة فقد أعلنت طهران أكثر من مرة أنها يمكن أن تشارك بشكل إيجابي في تسوية الوضع. وقال الممثل الدائم للجمهورية الإسلامية في الأمم المتحدة محمد خزاعي أن "الدور الوحيد الذي يمكن لطهران وقادرة على أن تلعبه هو دور سياسي وليس أكثر". واشار إلى أن طهران تدعو إلى وقف دعم الجماعات المسلحة في سوريا. وفي هذا الصدد قال كوفي عنان أن جميع هذه المسائل تقع في مرحلة مبكرة من النقاش. وأعرب عن إعتقاده بأن أيران- كدولة مهمة في المنطقة- يمكن أن تكون جزءاً من التسوية. ومن المتوقع أن يتم بحث الأزمة في سوريا خلال قمة العشرين الكبار في 18-19 حزيران/يونيو بمدينة لوس كابوس في المكسيك.

وفي مؤتمر صحفي له تحدث لافروف مفصلاً عن موقف روسيا تجاه الأزمة السورية وعن الخطوات التي يجب إتخاذها لمنع حصول حرب أهلية، ولبحث جميع المسائل الخلافية على طاولة المباحثات. وشدد على ضرورة ممارسة الضغوط على كافة أطراف النزاع في سوريا لوقف العنف وفق خطة عنان.وتابع أنه بعد أن تبدي جميع أطراف التسوية السورية الإرادة السياسية وتلتقي وراء طاولة المفاوضات فإنه سيتم تحقيق نتائج ويمكن التقدم إلى الأمام.

ويعتبر لافروف أن "البوادر المشجعة الأولى التي ظهرت بعد الثاني عشر من نيسان/أبريل لا يبدو أنها إندرجت في منطق هؤلاء الذين يتحركون ضمن منطق كلما كات أسوأ كلما كان أفضل، وكلما إستعجل المجتمع الدولي إتخاذ القرار بالتدخل في الشؤون السورية". وتابع أنه يرى في ذلك "الهدف الرئيسي لمحاولات المماطلة في تنفيذ خطة عنان، ونحن لن نسمح بذلك". واكد أن روسيا تريد التحدث بصدق وصراحة مع أولئك الذي على علاقة بشكل أو بآخر بالأزمة في سوريا حول ما هي الاسباب الحقيقية لعرقلة تنفيذ خطة عنان. ولفت إلى أن السبب يكمن في عدم تنسيق الخطوات بين اللاعبين الخارجيين – وأن عدم التنسيق هو غياب ارضية للحوار أو نتيجة محاولات مقصودة لإفشال خطة عنان.

ولدى موسكو معلومات حول كافية بأن عمليات المعارضة السورية تجري تحت إشراف قوى خارجية، وأن هناك إمداد بالسلاح للمعارضة المسلحة وبوسائل تعزيز القدرات القتالية لما يسمى بالجيش السوري الحر. من جهته قال فيتالي تشوركين المندوب الدائم لروسيا في مجلس الأمن "أننا نسمع كيف أن السعودية وقطر تكلمان علانية عن تقديمهما للأموال والسلاح للمعارضة، وأن هذا قد لا يعجبنا ولا يعجبنا بالفعل".

كم أن زبيغنيف بريجينسكي المستشار السابق للرئيس الأمريكي جيمي كارتر وأحد ابرز المنظرين الامريكيين أعطى رايه الدبلوماسي غير المتوقع عندما إعتبر "أنه في هذه المرحلة من الاصح الإفتراض بأن أكثرية السوريين يريدون أن يروا حكومة الرئيس بشار الاسد في السلطة، وأن المسالة أكثر عمقاً من الإعتقاد السائد. في واقع الحال الأدلة قليلة جداً حول أننا أمام عمل ضد الرئيس الاسد".

وتشير الصحافة الغربية نفسها إلى أن أولئك الذين يحملون السلاح يمكن تقسيمهم إلى 3 مجموعات: جماعة القاعدة قليلة العدد والتي لا تملك تأثيراً في اوساط السوريين، ومن ثم جماعة الأخوان المسلمين القليلة العدد أيضاَ ولكن يمكن أن تتمتع بنفوذ في أوساط المتشددين. أما المجموعة الأكبر من المعارضة السورية المتشددة فتتكون من اناس لا ينضوون في هذه الجماعات ولكن لديها مآخذ على أحداث الماضي، بما فيها أحداث العام 1980. وتقول صحيفة لوموند الفرنسية "ان الإرهابيين الذين يقاتلون ضد النظام السوري يتلقون دعماً ليس فقط من الولايات المتحدة، بل ومن عدد من البلدان الخليجية". وتلفت الصحيفة الفرنسية إلى "أن الوضع نفسه كان في الشيشان فيما يتعلق بروسيا، وأن الغرب وعدد من البلدان الخليجية دعمت الإرهابيين في حربهم ضد القوات الروسية، كما يفعلون حالياً في سوريا".

كما أن هناك أدلة كثيرة تشير إلى أن أعمال ما يسمى بالمتمردين الذين يدعون أنهم يقاتلون من أجل حرية بلدهم. فقد تحدث مراسل القناة الرابعة في التلفزيون البريطاني أليكس تومسون عن أنه خلال توجهه إلى مدينة القصير على الحدود السورية مع لبنان كان المتمردين غير وديين تجاهه. واضاف أنه لا شك لديه بأن "المتمردين حاولوا بشكل مقصود أن يضعونا تحت نيران القوات السورية. أن مقتل صحفيين هو دائماً أمر سيء جداً بالنسبة لدمشق". واضاف أنه مقتنع بذلك عندما لم يسمح المتمردين للسيارة التي تقل الصحفيين بأن تغادر القصير كجزء من قافلة المراقبين الدوليين. وإختتم الصحفي البريطاني كلامه بالتأكيد على أنه "في الحرب عنما يتم قطع رؤوس الأطفال وإرسال سيارة الصحفيين لتقع تحت النيران هو محض هراء، ولا شيء شخصي هنا".

وتشعر روسيا بالقلق كما المجتمع الدولي تجاه إقتراب سوريا من حافة حرب أهلية واسعة النطاق. وإزدادت في الأيام الأخيرة حالة التوتر في الوضع بسوريا والذي أصبح مقلقاً أكثر. ويبدو أن البلاد قد وصلت إلى حافة صراع أهلي واسع النطاق تدفع إليه قوى خارجية مستغلة في ذلك عدم رضى عناصر داخل سوريا. وفي هذا السياق أشار سيرغي لافروف إلى "أن كيفية حل الأزمة في سوريا ستحدد كيف سيكون العالم لاحقاً، إذ هل سيلتزم بميثاق الأمم المتحدة أم أنه سيعتبر المكان الذي يتسيد فيه حق القوي".

فيكتور ميخين

موقع "الشرق الجديد" الإلكتروني الروسي

14 يونيو 2012

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.
cookies icon