الكومبس – مقالات: في هذا المقال يتابع رشيد الحجة الكاتب والصحفي الفلسطيني المقيم في السويد، سلسلة مقالاته المتعلق بشخصيات سويدية تميزت بمواقف مشرفة ومبدأيه من القضية الفلسطينية، وأثروا فيها، من سياسيين وكتاب وأكادميين وفنانين وشخصيات عامة، هذا المقال خصصه الكاتب لوزيرة الخارجية السابقة أنا ليند التي اغتيلت قبل 11 عام في 10 سبتمبر 2003
الكومبس – مقالات: في هذا المقال يتابع رشيد الحجة الكاتب والصحفي الفلسطيني المقيم في السويد، سلسلة مقالاته المتعلق بشخصيات سويدية تميزت بمواقف مشرفة ومبدأيه من القضية الفلسطينية، وأثروا فيها، من سياسيين وكتاب وأكادميين وفنانين وشخصيات عامة، هذا المقال خصصه الكاتب لوزيرة الخارجية السابقة أنا ليند التي اغتيلت قبل 11 عام في 10 سبتمبر 2003
مقدمة:
عند اختياري لشخصيات سويدية سياسية ودبلوماسية وأكاديمية وفنية ممن قاموا في التأثير على مجريات القضية الفلسطينية على المستوى المحلي في المملكة السويدية وعلى الساحة الدولية، كان جلهم من الرجال. وبذالك أردت الإطلال على دور النسوة السياسيات من السويديات اللواتي كان لهن دور بارز في دعم الشعب الفلسطيني في قضيته، فكان لي أن أختار السيدة آنا ليند 1957 – 2003 (1).
السيدة التي أعتقد شخصيا بأنها دفعت حياتها ثمن لمواقفها الجرئية في مناهضة الظلم والفقر والإحتلال والإستعمار، كما حصل مع السابقين لها من السويديين أمثال الأمير فولكه برنادوت، وداج همرشولد، وأولوف بالمه، وبرنت كارلسون ولقوا حتفهم في ظروف عامضة أيضا. وكان مايميز ليند عن تلك الشخصيات بأنها شابة لم تعش فترة الحرب العالمية الثانية لتتأثر بالدعاية الصهيونية أو بما سمي بالمحرقة التي نفذها النازيون ضد الشعوب الأخرى، ومن بينهم اليهود. وكانت ليند ترى بأن تلك الجرائم التي نفذت ضد اليهود هي من أفعال أوربية وليس للشعب العربي الفلسطيني أي ذنب فيها، حتى يجبر على دفع فاتورة أخطاء الآخرين. وبهذا لم تكن رؤى ليند السياسية ملوثة بعقدة الذنب الأوربية، حتى تتغاضى عما يفعله ضحايا النازية اليهود الصهاينة ومن شد على أياديهم بالضحية الجديدة "الشعب الفلسطيني".
أنّا ليند
ولدت أنّا ليند في 19 حزيران/يونيه من عام 1957 في "إنشيده" وهي أحدى ضواحي العاصمة السويدية ستوكهولم. كانت ليند حيوية جدا منذ طفولتها ومنفتحة على العالم، فانتمت إلى منظمة الشبيبة في الحزب الإشتراكي الديمقراطي وهي في سن 14 سنة، في جمعية محلية في بلدة صغيرة تدعى تروجد، في ضواحي مدينة إنشونبينج. وأشد مالفت نظرها حينئذ جهود رئيس حزبها السيد أولوف بالمه في نضاله ضد الولايات المتحدة الأمريكية في حربها في الفيتنام. وفي منتصف السبعينات من القرن الماضي قررت ليند أن تعمل في الصحافة، واشتغلت في أشهر الصيف في جريدة إنشوبينج المحلية، إنشوبينج – بوستن.
وفي العام 1976 خسر الحزب الإشتراكي الديمقراطي الإنتخابات العامة، مما أفقد المرشحة أنّا ليند الفرصة لتصبح عضوة في البرلمان السويدي. وتم على إثر ذلك تركيز جهودها في العمل السياسي على المستوى المحلي، فأصبحت، في تلك السنة، عضواً بارزاً في المجلس البلدي في بلدية إنشوبينج. وبنفس الوقت تابعت هذه الشابة دراستها الجامعية في جامعتي أوبسالا وستوكهولم. تخرجت ليند من كلية الحقوق في جامعة أوبسالا في العام 1982 وعملت على إثرها موظفة في المحكمة الإبتدائية في ستوكهولم. أختيرت ليند لتصبح عضوة في مجلس إدارة منظمات الشبيبة في السويد عام 1981. وفي العام 1982، وحين نجح حزبها في دورة الإنتخابات، وصلت ليند إلى مقاعد البرلمان السويدي لتكون عضوا إحتياطيا هناك. وبسبب طاقتها الهائلة في العمل، تابعت في الوقت عينه نشاطها في إتحاد شبيبة الحزب لتصبح المرأة الأولى التي تنتخب لتصبح رئيسة لهذا الإتحاد.
تركزت جهود أنّا ليند على مسائل البيئة والشؤون الأوربية والعالمية وفي مقدمتها المشكلة الرئيسية في الشرق الأوسط "فلسطين". هذا وتم أختيار المؤتمر العام للحزب الإشتراكي الديمقراطي، الذي عقد في العام 1991، للسيدة ليند لتصبح عضواً في اللجنة التنفيذية لأكبر حزب سويدي، وبقيت في هذه المنصب حتى يوم اغتيالها في اليوم العاشر من أيلول/سبتمبر من عام 2003. وكان لها أن تعمل بالتوازي مابين العمل البرلماني، وأن تتسلم منصب وزيرة شؤون البيئة في وزارة السيد إنجفار كارلسون مابين العام 1994 والعام 1998. كما وتسلمت ليند منصب وزيرة الخارجية السويدية في وزارة السيد يوران بارشون في العام 1998، وبقيت في منصبها إلى يوم اغتيالها متأثرة بجراحها البليغة بسبب طعنات غرسها في جسمها، شاب قيل بأنه معتوه!!!
هذا وقد وصف هذه السيدة أحد كبار الشخصيات الإنسانية في السويد، رئيس مركز أولوف بالمه العالمي، المدعو توماس همّرباري بقوله بأنها:
"متعاطفة مع الضعفاء إلى حدود غير معهودة عند البشر، محبوبة، وتمتاز على الدوام بمزاج طيب. لقد تم عقد آمال كبيرة على تلك الشابة لبناء مستقبل السويد والإتحاد الأوربي. لقد كانت سيدة المهمات الصعبة".
لقد كانت اهتماماتها تنصب على مسائل البيئة، والثقافة، وحقوق الإنسان، ونزع السلاح على المستوى الأوربي والدولي بمعناه الواسع. كما وعملت على إنشاء قوة أوربية إقتصادية وسياسية توازي القوى الدولية الكبرى كي لاتبقى تابعة في سياساتها لأحد تلك القوى الدولية المعروفة.
لقد توقع الكثير من السياسيين بأنها السيدة الأقوى حظاً لأن تتسلم رئاسة الحزب الإشتراكي الديمقراطي، وهو أكبر الأحزاب في السويد، خلفاً للسيد يوران بارشون (2).
أنّا ليند وفلسطين
لايمكن القول بأن ليند قد كرست معظم جهودها لدعم الشعب الفلسطين، فلم تنتم هذه الشابة مثلا لأحد حركات التضامن السويدية من الشعب الفلسطيني. إلا انها كانت، ومن خلال وجودها على رأس إتحاد شبيبة الحزب الإشتراكي الديمقراطي، تناضل من أجل حصول الفلسطينيين على حقوقهم السياسية والإنسانية. كما وكانت بنفس الوقت من أشد الناقدين والمنددين لأفعال إسرائيل التي تمثل إحتلالا لأراضي الغير من جهة، وعلى أنها مخالفة للقوانين والأعراف والمعاهدات الدولية في مجال حقوق الإنسان من جهة ثانية. هذا واتبعت السيدة ليند سياسة النضال السلبي، أي عبر الحوار أو النقد، وعدم استخدام العنف من أي طرف من أطراف النزاع. وتابعت ليند، وهي واحدة من مجموعة واسعة من شخصيات حزبها، طريقة العمل ذاتها في الموضوع الفلسطيني كعضوة في البرلمان وكوزيرة للخارجية وكعضوة في اللجنة التنفيذية في الحزب.

ويصفها أحد المقربين في مجال القضية الرئيسة في الشرق الأوسط بقوله: لم يكن هناك مسألة أكثر تأثيرا على مشاعر وأفكار أنّا ليند من القضية الفلسطينية. لقد استمعت للطرفين المتنازعين، وبالتدريج توصلت إلى نقد شديد لسياسة أرييل شارون… وقد قالت في عام 2002 أمام البرلمان السويدي بأن شارون توجه للإنتخابات مدعيا بأنه سيخلق الأمن لكن النتيجة كانت عكس ذلك. وأكدت بأن الحكومة الإسرائيلية تتحمل المسئولية الأساسية للنزاع القائم".
كانت ليند تؤمن كثيرا بدور الجمعية العامة للأمم المتحدة في حل النزاعات الدولية. لذا كانت من أشد المنتقدين لمن يقوم من الدول بأدوار تخرج عن هذا المبدأ. فكانت ليند ترى مثلا بأن على الإحتلال الإسرائيلي أن ينتهي وفورا، وعلى المستعمرات الإسرائيلية أن تُزال، إستنادا للقرار 242 الدولي. كما وكانت ليند من أشد الناقدين للغزو الأمريكي والبريطاني للعراق واعتبرته إحتلالا. وقالت في خطابا لها بتاريخ 2 أيار/مايو من عام 2003 منتقدتاً الولايات المتحدة الأمريكية بالقول:
"بدون الجمعية العامة للأمم المتحدة ستنتشر في هذا العالم شريعة الغاب المستندة إلى القوة العسكرية. وعلينا أن نؤكد بأنه بدون القوانين الدولية لن يتحقق الأمن والسلام في العالم. إننا نقف في وجه من نصّب نفسه شرطيا على هذه العالم. ونؤكد بأن الأمم المتحدة هي الشرطي الوحيد، ونعم للقوانين الدولية".
وبعد أن تسلمت السويد منصب رئاسة وزراء الخارجية في الإتحاد الأوربي في العام 2001 كان للسيدة ليند دورا كبيراً،كرئيسة، على المستوى الدولي. وأصبحت معروفة بمواقفها العادلة ومحبوبة على المستوى الأوربي والعالمي. وعندما علمت بتفاصيل ماقامت به الجيش الإسرائيلي عند غزوه لمدينة ومخيم جنين توجهت لتلقي كلمتها على البرلمان السويدي في يوم 21 آذار/مارس من عام 2002 لتقول:
"لقد شاهدنا في الأسابيع الأخيرة إزدياد الدمار والعذاب والألم عندما غزا الجيش الإسرائيلي المخيم الفلسطيني. لقد قام بهدم وتدمير المنازل، وأقام الحواجز، ومارس الإهانات اليومية. وشهد لي الدكتور الفلسطيني مصطفى البرغوتي عما شاهده عن كيفية إعتداء الجيش الإسرائيلي حتى على سيارات الإسعاف وعلى المستشفيات. إنه لأمر مخز وغير أخلاقي وجريمة واضحة المعالم ضد اتفاقية جينيف. من الصعب عليّ أن أفهم ماتريد إسرائيل التوصل إليه. إن العنف الزائد ضد المدنيين والإعدامات الميدانية غير القانونية تجعل الفلسطينيين أكثر ثورية ضد سلطة الإحتلال الإسرائيلي. إن إطلاق النار على المؤسسات العديدية للسلطة الفلسطينية تفرض استحالة إدارتها ورقابتها والتدخل بها، وهذا لأمر مدمّر. أن فرض الإقامة الجبرية على السيد ياسر عرفات لم يؤد إلى نتيجة كان شارون يريدها".
كما وقامت ليند مثلا في شهر نيسان/أبريل من عام 2003 بدعوة الإتحاد الأوربي بقطع علاقاتها مع دولة إسرائيل إحتجاجا على ممارساتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ودعت يومها الرئيس الأمريكي جورج بوش لممارسة الضغط على حكومة شارون الإسرائيلية للتوقف عن تماديها في جرائمها ضد الشعب الفلسطيني، الجرائم التي تؤدي إلى تقويض عملية السلام والأمن في الشرق الأوسط.
وفي 8 أيلول/سبتمبر من عام 2003، أي قبل اغتيالها بيومين، صرحت الوزيرة أنّا ليند أمام وزراء الخارجية في الإتحاد الأوربي الذين اجتمعوا في إيطاليا، محملة الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل مسؤولية سبب استقالة حكومة محمود عباس الفلسطينية، وقالت في ذلك:
"إن تعنت إسرائيل في مواقفها، وعدم تراجعها عن تصلبها بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية، وعدم تقديمها شيئا مفيدا لحكومة السيد محمود عباس في خدمة الشعب الفلسطيني، واستمرارها في عملية توسيع الإستيطان على الأراضي المحتلة، ومواصلتها في بناء جدار يحيط بالمدن والقرى والتجمعات البشرية الفلسطينية، وقيامها بعمليات إعدامات واغتيالات لقادة حركة المقاومة الإسلامية "حماس، كلها أمور لايمكن السكوت عنها وهي ضد السلام".
كانت الوزيرة أنّا ليند متحمسة جدا لدعم الشعب الفلسطيني سياسيا وإغاثيا، عبر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"(3)، وكذلك من خلال دعم مؤسسات المجتمع المدني السويدية والفلسطينية لبناء ولتقوية البنى التحتية في المجتمع الفلسطيني. وبذلك أصبحت تلك السيدة شخصية معروفة ومحبوبة لدعى الشعب الفلسطيني (4). هذا وقد شاركت ليند في عدة مناسبات أبناء الجالية الفلسطينية والإسلامية على الساحة السويدية أيضا.
وللحق يجب القول بأن أنّا ليند كانت، رغم دعمها اللامحدود لنيل الشعب الفلسطيني لحقوق، كانت ناقدة شديدة لاستخدام العنف وخاصة ماسمته شخصيا لي ب "العمليات الإنتحارية". وهنا أورد مادار بيني وبينها من حوار قصير أثناء انتظار دورها لتناول كلمتها أمام جماهير مدينة أوبسالا في خريف عام 2002:
سؤال: كيف ترى السيدة ليند في حل القضية الفلسطينية؟
ليند: أنا مرتاحة جدا لموقف الدول العربية الذي اتخذ في هذا العام في مؤتمر الجامعة العربية في بيروت، الذي يفيد بأنها مستعدة للإعتراف بدولة إسرائيل، فيما إذا انسحب من كامل الأراضي التي احتلتها في العام 1967 ليبني الفلسطينييون دولتهم المنشودة. كما تعلم فأنا أشدد على ضرورة إنها الإحتلال الإسرائيلي. وأريد أن أضيف لك كفلسطيني بأنني أستنكر كافة أعمال العنف التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي من جهة والفلسطينيين من جهة ثانية مثل "العمليات الإنتحارية".
سؤال: حتى تتوقف العمليات العسكرية الفلسطينية يجب على إسرائيل، كما تقولين، الإنسحاب من الأراضي التي احتلتها. وهي لديها القوة العسكرية إضافة للدعم الأمريكي لها، العوامل التي تجعل منها دولة متغطرسة وتمارس الإرهاب ضد الشعب الفلسطيني. فكيف برأيك على الشعب الفلسطيني أن يناضل؟ هل فقط بالقلم وبالمظاهرات وبالمؤتمرات؟ أم بالمناشدات لدول العالم ومن بينها السويد؟ أم غير ذلك؟
ليند: إني أتفهم خيبة الأمل الفلسطينية، لكنني لاأحب الحروب، وأنا أومن بدور الجمعية العامة للأمم المتحدة، وعلى إسرائيل تطبيق قراراتها.
سؤال: لكن إسرائيل، كما تعلمين، تعتدي على أهلنا في قطاع غزة بالطائرات والمدفعية البعيدة المدى وبالدبابات على الضفة الغربية، كما فعلت هذا العام في مدينة جنين ومخيمها. فما هو رأيك لو تقوم السويد بتزويد الفلسلطينيين بمضادات للطيران وللدبابات ليتمكنوا من الدفاع عن أنفسهم وعن أطفالهم وبيوتهم ومزارعهم ومؤسساتهم، أو أن تزودونا بمدافع أو صواريخ بعيدة المدى لنطلق بها القذائف ضد معسكرات الجيش الإسرائيلي من بعد، وبذلك لايحتاج الفلسطيني بالتضحية بحياته ضمن عمليات إستشهادية هنا وهناك في فلسطين المحتلة؟
ليند: لايمكن ذلك. لكن علينا محاولة إقناع قادة الولايات المتحدة الأمريكية، الراعي الكبير لإسرائيل، لممارسة الضغط لإقناع إسرائيل بتنفيذ القرارات الدولية وأولها التي تنادي بالإنسحاب من الأراضي التي احتلتها عام 1967.
سؤال: لكن السويد تبيع المعدات العسكرية لإسرائيل، فيمكن للسويد أن تبيع الفلسطينيين، فما هو رأيك بذلك؟
ليند: ليس على حد علمي بأن ذلك يحدث.!
إغتيالها:
في الساعة الرابعة من بعد ظهر يوم الأربعاء الواقع في اليوم العاشر من شهر أيلول/سبتمبر من عام 2003 ,وأثناء مرافقتها لصديقتها للتسوق من أحد المحلات التجارية الكبرى في ستوكولم، ودون أية حراسة، قام المدعو ميجايلو ميجايلوفيتش، 35 عاما، بالهجوم على السيدة أنّا ليند ليغرس خنجره في جسدها عدداً من الطعنات الخطرة وقعت على إثرها على الأرض. نقلت ليند على الفور إلى مستشفى كارولينسكا في العاصمة. حاول الأطباء بكافة جهودهم إيقاف النزيف الداخلي وتعويض الدم المفقود لساعات طويلة، إلى أن قلبها توقف عن العمل، وتم الإعلان عن وفاتها متأثرة بجروحا في الساعة الخامسة والنصف من صباح اليوم التالي 11 ايلول/سبتمبر.
لقد سبب إخفاؤها عن الساحة السياسية المحلية والدولية خسارة كبيرة للسويد وللشعوب المضطهدة، كالفلسطينيين، وللبيئة. وقال في موتها رئيس حزبها، ورئيس الوزراء يومئذ السيد يوران بارشون:
"لم تكن أنّا ليند صوتا جريئاً وشجاعا فقط، بل كانت أيضا صوتاً للحق وللعدل، الذي كان يُسمع صداه عبر العالم. لقد كانت صوتا مناهضا للظلم والإحتلال والإستيطان، وضد منطق القوة والهيمنة".
أما "مجموعات أنصار فلسطين" في السويد فكتبت في عزائها:
"لقد كانت ليند واحدة من كبار الشخصيات الأوربية التي أظهرت تعاطفا وجهدا كبير في المسالة الفلسطينية. لقد اقترنت كلماتها دائما بالفعل للوصول إلى حقوق الشعب الفلسطيني. لقد كانت تحظى بالتقدير والإحترام من قبل جميع أبناء الشعب الفلسطيني، وخاصة ممن التقوا بها شخصيا. إنهم يشعروا بأنهم قد فقدوا صديقا كبيرا وصوتا هامّاً من أجل العدل والسلام في الشرق الأوسط".
لم يتم تخليد هذه الإنسانة العظيمة في السويد فحسب، من خلال تسمية العديد من الساحات والمؤسسات العلمية والثقافية باسمها، بل امتد ذلك عبر جميع أنحاء العالم، وفي فلسطين.
بقلم رشيد الحجة
هوامش:
1- أنّا ليند هو الإسم الذي تم استخدامه في الحياة العامة والرسمية للسيدة إيلفا أنا ماريا ليند. وبالطبع كان هناك سيدة سويدية مناضلة أخرى وصلت إلى قيادة الحزب الإشتراكي الديمقراطي ولفترة قصيرة تدعى منى سالين وكانت من المؤيدات جدا للحقوق الفلسطينية ولم يكن ساسة إسرائيل راضون عنها.
2- لقد كان يوران بارشون من الشخصيات التي تعشق إسرائيل وقام بإجراءات عديدة تدعم إسرائيل والصهيونية أثناء فترة رئاسته للحزب، وكانت أنّا ليند، بجرأة مواقفها، واحدة من مجموعة سياسيين في الحزب، من بينهم ستين أندرشون، وإيفرت سفنسون، تحاول ثني بارشون في سياسته اللامحدودة في تعاطفه مع إسرائبل. لكن يد الغدر طات السيدة ليند وهي في ريعان شبابها، 47 سنة، ربما لتلك الأسباب الآنفة الذكر.
3-تعتبر المملكة السويدية ثاني أكبر دولة ممولة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" منذ نشأتها عام 1989 وحتى يومنا هذا.
4-كانت السيدة ليند ومنذ وجودها على رأس إتحاد الشبيبة في الحزب الإشتراكي الديمقراطي على علاقة وتواصل مع الشخصيات الفلسطينية البارزة ومنها على سبيل المثال ، الدكتور مصطفى البرغوتي، رئيس لجان الإغاثة الطبية في فلسطين.
مراجع:
-مقالات صحافية سويدية وعربية
-ويكيبيديا
-مقابلة شخصية لم أنشرها سابقا كونها لم تتعدى أسئلة صغيرة ومحدودة على هامش محاضرة ألقتها أما سكان مدينة أوبسالا في نهاية عام 2002.