المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
بدأ أمس الأربعاء 17 يونيو تطبيق قانون قيصر الأمريكي الذي يفرض عقوبات غير مسبوقة على سوريا، البعض اعتبر قانون العقوبات الأمريكي هذا تصرف جائر وضار جدا خاصة للشعب السوري، الذي يعاني أصلا من آثار حرب طويلة ومدمرة، بينما رحب البعض الآخر بهذه العقوبات واعتبرها عقابا للنظام على تصرفاته.
الكومبس تعيد نشر مقال للزميل الصحفي سعيد النحال كتبه في صحيفة “داغيز نيهيتر المقال يتضمن أيضاً مقابلة مع أحد السوريين المعتقلين سابقا لدى النظام السوري.
أكثر من 53000 صورة لـ 11000 سجين قتيلا. إنها تظهر أشخاصًا ميتين، معذبين ومشوهين.
تم تهريب الصور خارج سورية من قبل قيصر، اسم مستعار لمصور سابق كان يعمل في الشرطة العسكرية السورية. دفع توثيق التعذيب والتجويع الكونجرس الأمريكي لاتخاذ قرار بإطلاق أقسى قانون عقوبات على الإطلاق ضد سورية. ستدخل العقوبات حيز التنفيذ يوم الأربعاء.
ما يزال عشرات الآلاف في سجون الأسد ينتظرون تحركنا. قد يكون قانون قيصر سبب خلاصهم، يقول عمر الشغري لصحيفة داغينز نيهيتر.
عمر الشغري، 25 عاما، سوري فر إلى السويد عام 2015. كان قد تعرض للتعذيب في السجون السورية. منذ وصوله إلى السويد، عمل مع فريق إعداد التشريع الأمريكي ”قانون قيصر لحماية المدنيين في سورية”. في الاستخدام اليومي يسمى التشريع قانون قيصر.
منذ اندلاع الثورة السورية في آذار/مارس 2011، ازداد عدد السجناء في سجون الحكومة السورية إلى مئات الآلاف. العديد ممن شاركوا في الاحتجاجات ضد النظام أو تعاطفوا مع الثورة تم اعتقالهم وإلقاؤهم في السجون. أبلغت عدة منظمات دولية لحقوق الإنسان عن الوضع الكارثي للسجناء السياسيين.
هرّب المصور قيصر – لأسباب أمنية لا يجرؤ على أن يخرج باسمه الحقيقي – أكثر من 53000 صورة لـ 11000 سجين قتيلا. التقطت الصور بين أيار/مايو 2011 وآب/أغسطس 2013. نظام الأسد اعتاد التقاط الصور لجثث القتلى تحت التعذيب في السجون. هذا كان جزءًا من عمل قيصر.
تمكن قيصر من تهريب الصور أولاً من سجون الحكومة السورية، وبعد ذلك إلى الولايات المتحدة.
قانون قيصر هو جزء مما يسمى ”قانون تفويض الدفاع الوطني” الأمريكي الذي تمت الموافقة عليه في كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي من قبل كل من الديمقراطيين والجمهوريين في الكونجرس. ثم وقعه الرئيس دونالد ترامب في الـ 20 من الشهر ذاته.
التشريع، الذي يدخل حيز التنفيذ في 17 حزيران/يونيو، يتضمن توجيه الولايات المتحدة عقوباتها الأقسى على الإطلاق ضد النظام السوري.
ينشط عمر الشغري في فرقة عمل الطوارئ السورية، وهي منظمة مقرها الولايات المتحدة، تشكلت في عام 2011 لدعم المعارضة السورية العاملة ضد نظام بشار الأسد. أسهمت فرقة عمل الطوارئ السورية في صياغة قانون قيصر.
جاء عمر الشغري إلى السويد في عام 2015 عبر تركيا ودول البلقان. تم منحه اللجوء ويعيش منذ ذلك الحين في ستوكهولم.
بحلول ذلك الوقت كان عمر قد نجا من السجن سبع مرات في عشرة من السجون السورية سيئة السمعة، آخرها استمرت ثلاث سنوات. في المرة الأولى التي اعتقل فيها كان عمره 15 عامًا فقط. كان ذلك في نيسان/أبريل 2011، بعد شهر واحد فقط من اندلاع الاحتجاجات ضد النظام. شارك عمر الشغري في مظاهرات سلمية في منطقة البيضا بمحافظة طرطوس على الساحل الشرقي للبحر المتوسط.
ينحدر عمر من عائلة كانت نشطة في صفوف المعارضة واضطرت لدفع الثمن باهظا. في أيار/مايو 2013 قُتل والده واثنان من إخوته في مذبحة البيضا التي أدانتها جهات دولية بينها الاتحاد الأوروبي.
حينها كان عمر الشغري في السجن. يقول إن الطعام كان قليلا للغاية، لدرجة أن السجناء الآخرين كانوا ينتظرونه ليموت حتى يتمكنوا من تناول حصته من الطعام.
– لكنني قررت أن أكون نمرا. سأتمالك نفسي ولن أهزم، يقول عمر الشغري.
– رأيت سجناء مصابين بجروح مفتوحة حيث كانت الديدان تتحرك فيها. كان السجانون يأمرونا نحن السجناء بقتل بعضنا البعض بأيدينا. ثم يضحكون ويستمتعون بعذاباتنا.
كلف الشغري بمهمة ترقيم السجناء الذين ماتوا تحت التعذيب. أعطى أرقاما للآلاف منهم. بينهم كان قريباه رشاد وبشير اللذان اعتقلا معه.
حتى في آخر يوم لعمر بالسجن، تعرض للتعذيب. هذه المرة نفسياً. أوهموه أنه قتل.
– أخذوني خارج السجن. أمر الضابط أحد السجانين: لقم، سدد، أطلق. بمم. اعتقدت أنني مت حينها. انهرت ولم أتوقع أني ما زلت على قيد الحياة. كان سلاح السجان غير محشو.
هرب عمر الشغري من السجن بعد أن رشت والدته عسكريا فاسدا بـ 15000 دولار أمريكي. أفرج عنه سرا. في القوائم الرسمية تم تسجيله كمتوفى في السجن.
عندما وصل إلى بر الأمان وتلقى علاجه في السويد، شعر عمر الشغري بخيبة أمل لأن العالم الخارجي لم يلق بالا للسجناء في سورية. عندها قرر أن هذه ستكون مهمة حياته.
قاده هذا العمل إلى الكونغرس الأمريكي حيث أدلى بشهادته في جلسة استماع في مجلس الشيوخ. الأمر الذي أسهم مع أمور أخرى إلى إقرار قانون قيصر في النهاية .
– من المهم التأكيد على أن القانون لا يهدف إلى الإطاحة بالنظام السوري. بدلاً من ذلك، يجب أن يمنع تمويل العنف وإعادة الإعمار غير القانوني، يقول الشغري ويضيف.
– العقوبات يفترض أن توقف قصف المدنيين وتعذيبهم. كما ستساعد على تحرير السجناء السياسيين وتسمح لحوالي عشرة ملايين لاجئ داخل وخارج سورية بالعودة إلى منازلهم.
الآن، لا يزال حوالي 130.000 سجين سياسي في سجون النظام السوري، بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان. إضافة إلى ذلك، يوجد 83000 مختف قسريا، يشتبه بأن النظام يقف وراء اختفائهم.
– قصتي كانت لها نهاية سعيدة. كما في الأفلام، يقول عمر الشغري.
– لكن بقي عشرات الآلاف في سجون الأسد. إنهم ينتظروننا لنتصرف. قانون قيصر قد يكون سبب خلاصهم.
سعيد النحال صحيفة DN
لقراءة المقال من المصدر ومشاهدة فيديو أنقر ( هنا )