المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
منبر الكومبس: على وقع وايقاع أحداث العام 2016 يأتي عام جديد، نحاول بكل ما لدينا من أمل وتفاؤل أن نستقبله وكأنه صفحة جديدة بيضاء في حياتنا العامة والخاصة.
هنا في السويد كما في الدول الأوروبية الأخرى نواجه نحن المهاجرين العرب والناطقين بالعربية تحديات كبيرة في هذا العام المقبل كما في الأعوام السابقة، تحديات تخص كل فرد منا يشعر بالمسؤولية عن نفسه وعن عائلته وعن مجتمعه الذي يعيش به، مسؤولية ردم الهوّة بين المجتمعات الأوروبية وبين المهاجرين الشرقيين أجمالاً والعرب على وجه الخصوص. مقابل محاولات من طرفين متناقضين ظاهريا لكنهما متحالفين واقعاً على توسيع هذه الهوّة وتكريس اتساعها.
وفيما يستغل هذان الطرفان: اليمين المتطرف من جهتهم وقوى الظلام والتعصب من جهتنا، كل مناسبة وحدث في محاولات لتعميق الفجوة بيننا وبين المجتمعات التي احتضنتنا نجد أن القليل جداً من المثقفين والمنتمين إلى النخبة يقوم بدور ما يتصدى بها لهذه المحاولات.
وفي أعقاب كل خطأ أو جريمة يقترفها شخص يحمل صفة “لاجئ” تشحذ سكاكين النقد أولا من قبل أبناء جلدته أو من قبل من يتقاسمون معه نفس صفة أو مرتبة “اللجوء”، وفيما يتبارى السياسيون في إطلاق تصريحاتهم وتكتسح التدابير الأمنية الصارمة المشهد وتملأ وسائل الإعلام بصور وأصوات تحليلات الخبراء والمعلقين، نكاد لا نرى أي تواجد في الساحة للمثقفين وللمحسوبين على النخبة.
أمام هذا القصور من قبل الفئة المثقفة نرى أن رواد “ثقافة الفيسبوك” يملؤون الفراغ على طريقتهم وكأن كل ما يحدث الآن في بلداننا لا يعنينا، خاصة أننا نعيش الأمان والطمأنينة في بلاد الغرب البعيدة، قد يكون من حق الجميع أن يغلقوا أعينهم ويصموا آذانهم عما يجري الآن خاصة في سوريا والعراق، ولكن ليس من حق أحد ألا يتعظ ولا يتعلم مما يجري في بلاده، وكأنه يريد بكل وقاحة وصفاقة أن ينقل التجربة معه إلى البلاد التي أمنت له المأوى والأمان.
لغة التعليقات العنصرية والطائفية المقززة والمقرفة والتي يحاولون نشرها عبر وسائط التواصل الاجتماعي هنا في السويد وفي الغرب اجمالا، هي نفس اللغة التي تغذي الحرب العبثية في بلادنا كالوقود على نار الفتنة.
من المستبعد أن تتحول السويد إلى طوائف واقليات متناحرة، كما يعتقد هؤلاء المرضى والحاقدين ممن أخذوا على عاتقهم الدخول في حلف خفي مع قوى اليمين العنصرية الحاقدة على كل أجنبي وغريب في السويد.
في العام المنصرم انتعشت قوى اليمين المتطرفة في السويد وفي بعض الدول الأوروبية والسبب هو استغلال الآثار السلبية التي ظهرت مع ظهور أعداد إضافية من اللاجئين بسبب سياسة اللجوء السخية خاصة التي اتخذتها حكومة البلدين السويد وألمانيا. الصورة التي حاولت قوى اليمين المتطرفة رسمها في أذهان المناصرين لهم هي أن اللاجئين هم من يصنعون الإرهاب ويتسببون به فيما أن الحقيقة الراسخة هي أن الإرهاب هو السبب وهو المسؤول عن اللجوء.
كل عام وانتم بخير نتمنى أن تأخذ السنة الراحلة معها كل الأحزان والفشل والمآسي وهي تودعنا ويحل مكانها عام جديد كله تفاؤل وخير ومحبة.
رئيس تحرير شبكة الكومبس الإعلامية
د. محمود صالح آغا