المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
الكومبس – منبر: عزيزي جيمي أوكيسون، كيف كان نهارك اليوم؟ هل استمتعت باستراحة نهار أول يوم من أيام نهاية الأسبوع بشكل جيد؟ ولكن هل راجعت وأنت تستمتع بأوقاتك، كم من شخص غير سويدي الملامح، ساهم في تأمين هذه الراحة لك؟ هل لك أن تذكر لي نوعا واحدا من الخدمات في السويد لا يعمل به أشخاص غير سويديين، أو هل لك أن تذكر أي مجال من مجالات الثقافة والفنون السويدية بما فيها الفن السابع لم يساهم به سويديون من أصول أجنبية.
أنا يا أستاذ جيمي واحد من هؤلاء المبدعين بعملي في السويد، أنا أعمل على خدمة المسنين منذ 3 سنوات، وأحب مهنتي، وأشعر بمتعة عملي ليس فقط عندما ينزل الراتب في حسابي كل آخر شهر، لكي أسدد فواتير منزلي، بل أيضا في كل يوم، وفي كل ساعة، عندما يبتسم بوجهي رجل مسن أو سيدة مسنة، تعبيرا منهم عن الشكر والامتنان لأنني أساعدهم في كل شيء.
هل تعلم؟ ربما سيصبح أحد أبنائي طبيبا يقدم لك أو لأحد أفراد عائلتك الرعاية والمواساة، في يوم ما. وحتى في حال ورث ابني ضيق العيش عني واضطر أن يعمل بمهنتي سأكون سعيدا ولم أغضب، من يعلم فربما سيقابلك في مركز لرعاية المسنين، بعد أن تشيخ أنت وتصبح بحاجة لرعاية، عندها ستصاب بالندم، وهو يعتني بك من كل قلبه ووجدانه، حتى وإن حاولت أن تغير رأيك بنا، ستندم لأنك جعلت من العداء للمهاجرين مهنة لك، وسبب لكي تبني شعبية لحزبك من مجموعة صغيرة من المنافقين والحاقدين وربما وعلى الأرجح من مجموعة أكبر من المُضللين بأفكار واهية.
قرأت اليوم كما قرأ غيري أنك تقترح يا مستر جيمي أن يصبح سحب الإقامة الدائمة ممن حصلوا عليها، أمرا ممكنا، أي أن هذا الاقتراح وفي حال أصبح قرارا يمكن أن يشملني، هل تعلم أنني لم أخف أبدا منك ومن اقتراحاتك الخرقاء، لكنني غضبت، نعم أنا غاضب جدا، وليس منك مباشرة، بل ممن يتهافتون على تأييدك. أنا فعلا لم أشعر بالخوف لأنني أعرف أن السويد والمجتمع السويدي أقوى منك، حتى وأن وصلت شعبيتك إلى أرقام كبيرة، لأن المجموعات التي تؤيدك، يجمعها خلل ما، إما خلل الكراهية والحقد وإما خلل الجهل وعدم الدراية بخطورة أفكارك.
لو كنت منصفا حقا، لوقفت مع القضايا الدولية العادلة التي يولد عدم حلها إلى الآن، الحروب والاضطهاد والقهر، ولكنت ساهمت في وقف صناعة اللجوء من جذورها، فأنت مثلا مؤيد للاحتلال الإسرائيلي لبلادي وتدافع عن هذا الاحتلال الذي أنا وملايين غيري بسببه أصبحنا لاجئين، لو كنت تنوي بالفعل مساعدة بلادك لكنت عملت على تعزيز سمعتها الدولية وحاربت التطرف العنصري بين صفوف الشباب، ودعوة إلى أن تصبح السويد اكثر فعالية في السياسة الخارجية المؤثرة لوقف الحروب، خاصة الحرب في سوريا والعراق واليمن وليبيا وغيرها.
أنت يا مستر جيمي تسعى إلى أن تصبح السويد أقل فعالية وتأثيرا بالسياسة الدولية، ولا يهمك مكانتها في السياسات العالمية، ومع ذلك لا تعترض على أن تبيع السويد السلاح ولا تطالب بان يكون هناك ضوابط على هذه التجارة، تريد ان تبيع السلاح ولا تستورد اللاجئين.
ما نفهمه منك، أن شكل السويد الذي تريده هو بلد منكفئ ومتقوقع على نفسه وبالتالي للسويديين أمثالك فقط، مع أن شكلك أيضا لا يوحي بانك سويدي منذ زمن بعيد، فلا شك ان لك أباء مهاجرين، مثلنا نحن الآن.
هذا الشكل للسويد الذي تريده يا مستر جيمي، لا يتوافق مع روح العصر الجديد، ويتعارض مع تطلعات السويد وآفاق تطورها كبلد يسعى إلى بناء اقتصاد قوي ومتين، لذلك أنا مطمأن إلى ان أغلب المجتمع السويدي يقف على النقيض منك، مع أن داخل الـ 20% المؤيدين لك يوجد ضحايا لدعايات قصيرة النفس، وأنه وللأسف يوجد بينهم ضحايا من ضحايا فكرك نفسه، أي أنهم أجانب وانت تكرههم ولكنك تقوى بهم وتريدهم فقط أرقاما انتخابية ووقودا لحملاتك الدعائية، لان الضحية أحيانا تحب جلادها، فقط لأنه عدو لأعدائها، كما يتصورون. والعدو المشترك بينكم هنا يمكن ان يكون أي لاجئ، فقط لأنه لاجئ بغض النظر عن انتمائه الديني والعرقي والاثني.
لم تستطع سحب اقامتي يا مستر جيمي، وانا وأطفالي سنبقى هنا ونتفاعل مع هذا المجتمع الرائع الذي احتضننا، وسيكون أكثر روعة بدون افكارك السامة
أتمنى لك قضاء أوقات ممتعة أيضا في اليوم الأخير من عطلة نهاية الأسبوع، وانت تفكر بنا وكيف ستكون السويد بدون مساهاتنا، فنحن نحب السويد مثلك وربما أكثر.
رسالة أحمد صالح
تحرير وإعادة صياغة -شبكة الكومبس الإعلامية –