على مفترق طرق وهمية

: 8/19/15, 5:44 PM
Updated: 8/19/15, 5:44 PM
على مفترق طرق وهمية

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

الكومبس – مقالات الرأي: “انني احس على وجهي بألم كل صفعة توجه الى مظلوم في هذه الدنيا، فأينما وجد الظلم فذلك هو موطني”، يأسرك هذا القول للثائر العظيم جيفارا بولاءه المطلق للانسانية، وتحترم منطلقات فكره السامي الذي يتجاوز العوائق والمحددات الضيقة، وقد تُرهن اخيرا نجاة البشرية عموما باتباع هذا النهج وتجلياته.

ثم لا تلبث ان تطالع رأي الكاتب المسرحي اليوناني اريستوفان الذي يرى ان وطن المرء هو حيثما وجد المرء رزقه، انت تفهم التصور الواقعي الذي اعتمده اريستوفان، خصوصا ان كنت ممن عايش الضيق المادي في بلاده الام ولم يتحرر من اغلال الحاجة الا بسبر اغوار بلاد جديد.

بين هذين المبدئين يقف المهاجر الجديد حاملا وطنه الام في قلبه واضعا بعضا من ولاءه بين يديه مقدما اياه للوطن الجديد.

انتساب الفرد لوطنه الام اقرب ما يكون فطريا، بديهي، لا طريق للانسلاخ منه، لان هذا الوطن هو الفرد بذاته، وذكريات ماض هي لن تتغير بأي حال من الاحوال، حتى مع احتمالية اختفاء هذه الاوطان وتقسيمها والتنكيل بها حد ازالتها، لن يمحى هذا الانتماء منك وستظل لكنة لغتك الاولى تصاحب صوتك مع اي لغة اخرى تنطق بها.

كمهاجر جديد ستكون ازاء موقف مربك في البدء، خصوصا مع كون الغالبية العظمى من المهاجرين قدموا من مناطق صراع او دول فقيرة، وهنا ستظهر السويد كالمنقذ، قوية، متماسكة، رصينة، ستحضى انت برعايتها، وتتكئ بهمومك على كتفها، مع ذلك يظل بعض المهاجرين في مفترق طرق لا داعي له اساسا، يحسب بعضنا اننا بانخراطنا في هذا المجتمع الجديد سنخسر مبادئ ترعرعنا على اعتناقها وعلى وطن جبلنا على الولاء له، فيظل بعض المهاجرين عالقا، متقوقعا، سلبيا، يجهل لغة هذه البلاد وتاريخها العظيم، وتنسل من بين يده فرص هائلة للمعرفة والتعلم.

غالبا ما يُسأل حديث الاقامة “كيف تعاملك السويد” والاولية لسؤال اخر الا وهو “كيف تعامل انت السويد”، الانخراط في تعلم اللغة والاطلاع تاريخ هذا البلد، والتمتع بفنونه والتعرف على الثقافة السويدية سيوسع ادراكنا اضافة لبهجة التمتع بمسرات سامية.

تتطور تدريجيا معتقداتك الدينية او الفلسفية، تتراكم تجاربك الحياتية بالعموم، ستكتسب خبرات جديدة وتصطبغ شخصيتك بالحكمة وبهذه الطريقة نفسها ستمكن من ان تضم وطنا جديدا الى قلبك، في النهاية قد يكون القول الامثل “وطننا هو العالم باسره”.


11824140_1700801603482017_1518933996_n

مريم علي

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.