عندما تغيب الإنسانية تغيب الديمقراطية.. السويد بلد العدل إلى أين؟  

: 11/28/23, 5:23 PM
Updated: 11/28/23, 5:24 PM
عندما تغيب الإنسانية تغيب الديمقراطية.. السويد بلد العدل إلى أين؟  

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

الكومبس – رأي: بوادر غريبة، تلوح في الأفق، تريد منا أن نتحول بسرعة هائلة إلى الجانب الخاطئ من مفهوم المواطنة الشاملة، وإن لم ننتقل إلى ما يريدون منا فإننا بواقع الحال سنُرحل أو أننا قد أصبحنا في الطرف الآخر من معادلة، خطط لها دون أن نعلم أو نستشار أو حتى من دون أن نختار.

لم لا نكون نحن من شاركنا في خلق هذا الواقع الجديد؟ دعنا نجيب على هذا التساؤل في سياق المقال. 

في السويد بلد التخطيط والاستراتيجيات الرائعة تنتقل التغيرات بنا نحن مأسسة الحياة كلها نحو الافضل بشكل عام، نحقق في هذه الأثناء انجازات غير بسيطة نسبق الزمن والآخرين في أحيان كثيرة ومألات عديدة ولا ينقص بلدنا السويد إلا أن تراعي في تطورها القيم والمبادئ السامية التي تربينا عليها والتي سودت بها صحف القانون وفقرات الانظمة ولوائح التنفيذ وخطوات الاجراءات. 

لا يمكن بأي حال أن ننفصل عن الماضي ورفاهية الزمن المنقضي وما حصلنا عليه من روائع الحياة السويدية وواقع وحقائق الحرية في كل المجالات لكننا يجب ان نضع نقطة انتهاء السطر والمعنى في هذا المفهوم لبرهة من الزمن. ولاجل ذلك يجب إعادة التفكير في الحفاظ على المكتسبات وحماية المنطلقات وإعادة المجاري الى المياه لكي تسلك الطريق إلى الارض القاحلة لكن المشكلة أن أرضنا جامدة وقاسية في هذا الفصل الخطير من فصول التاريخ السويدي. 

وإذا |وضعنا مقارنة بسيطة بين الماضي والحاضر فاننا نجد ما يلي:

  • اللجوء والهجرة والترحيب بالكل= عدم الترحيب هجرة معدومة ولجوء مرفوض
  • حرية العبادة والمعتقد= تضييق واشتراط في المظهر والقول والفكر
  • مدارس خاصة مدعومة لاتباع الديانات= منع تام وتضييق، بل خنق الكثير من المدارس الدينية الاسلامية مجازا
  • حرية التملك والتجارة وحيازة الشركات= منع وتشديد ومحاربة واغلاق الشركات وحساباتها
  • بناء المؤسسات الدينية مثل المساجد = منع الدعم والاجبار على الظهور كمخالف للقانون، بل الظهور كمجرم حرب
  • حرية العمل السياسي والعمل الحزبي = تضييق وفصل ومنع لمجرد أكل الفلافل والكباب، أو حضور حفل إفطار، أو زواج أو مهرجان واعتبار كل ذلك دعم للإرهاب.
  • الدعوة الى مجتمع متعدد الثقافات والأعراق والأديان= قيم واحدة وعرق واحد وثقافة واحدة غير معروفة وغير واضحة المعالم 
  • الدعوة لإشراك المرأة في كل نواحي الحياة= نبذ واستفزاز واحتقار ومعاداة المرأة والنيل من طريقة لبسها واعتقادها والتضييق عليها حتى ترجع الى الزمن الغابر
  • حقوق الطفل وتهيئة تعليم متميز وريادي= منع الاطفال من تعلم لغة الام والطعام المفضل يمنع في محافل التعليم

هذه المقارنة طبقا للتشريعات التي طبقت حديثا أو المنادى بها للتطبيق لاحقا في زمن قريب وليس من بنات الخيال ولا من إرهاصات ما يسمى بالاسلاموفوبيا. إن ما حصل لاتباع الديانة اليهودية من قبل من تضييق ونشر الكراهية ضدهم والتضييق عليهم، بل استخدام أبشع السبل في محاربة انتمائهم الديني وطريقة حياتهم يحصل الآن لأتباع الديانة الاسلامية حرفيا وهذا ما يصرح به قادة أتباع الديانتين في أكثر ما مناسبة وقد جعل وحدة الفهم والقناعة لديهم إلى توحد الموقف والرؤية في حوادث كبيرة مثل 

  • الاعتداءات على دور العبادة 
  • وحرق الكتب الدينية 
  • وتخريب المقابر 
  • والدعوات العنصرية 
  • ونشر خطاب الكراهية.  
  • محاربة الارهاب والتطرف
  • الحوار والتفاهم
  • تعزيز التنوع
  • احترام الخصوصية 
  • بناء الجسور
  • المواطنة
  • تعزيز المشتركات الانسانية

هذا التوحد في الرؤى لم يعجب ولم يرق لليمين المتطرف والاحزاب ذات التوجه الشعبوي والعنصري المتطرف مما حمل آلته الاعلامية على الاستعجال في نشر الكراهية والوضوح في وصف الاخرين بالحيوانات والمجرمين والمحتالين والخارجين عن القانون وهذا كله لاستعداء المجتمع نحو أتباع الديانات وخاصة المندمجين منهم والفاعلين في الحياة الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية والوطنية والسياسية ايضا بكل الاحوال وعلى كثرتهم وغالبيتهم في المجتمع. 

وكلنا يعلم ان النزول؛ عن الحوار الفكري والحلول الواقعية وتوحيد المجتمع وحمايته من التمزق والتشتت ونشر الامن الفكري وتقوية الهوية الوطنية ومنع الاتجار بالبشر وترك الأجندة الايجابية والوطنية والدعوة الى الولاء للوطن والارض السويدية النزول عن هذه القيم وعناصر القوة سيؤدي الى 

انتشار مفاهيم وسلوكيات خطرة على اللحمة الوطنية

  • خطورة على امن المجتمع بكل اشكاله وطوائفه
  • انهيار الاقتصاد
  • تشتت الوحدة وانتشار الفرقة
  • ضعف الثقة بالقيادة
  • فقدان السمعة وانهيار القيم
  • تضرر مصالح السويد في الخارج
  • تعرض البلد للتهديدات الارهابية 
  • انتشار الجريمة
  • سقوط هيبة الدولة
  • التخول الى دولة عقاب جماعي وتشريعات عقابية لاتزيد الا لظى التمزق المجتمعي
  • استغلال اصحاب الاجندة الخاصة وتغلغلهم في مفاصل المجتمع
  • الاعتداء على المكونات الضعيفة في المجتمع 
  • حلول الطبقية وانتشار الفقر والعوز 

إن ما نشهده اليوم من تطور حاد في الخطاب السياسي المبني على الغلبة والكثرة في نتائج الانتخابات الأخيرة ليس دليلا على نجاح العنصرية وخطاب الكراهية في الوصول الى خنق الحريات والعدالة والمساواة وحقوق الانسان، بل إنه دليل على هشاشة الانجازات او على الأقل عدم الحفاظ على متانة المنجزات السابقة وطبقا للمعايير السويدية الراقية التي نعرفها. 

إن الخنوع للراحة والثقة الزائفة بالوضع الماضي أدى إلى انهيار المؤسسة القيمية التي تعتمد على الوقاية وليس العلاج وتحول المجتمع الى حلبة تصفيات وندم على وجود الحرية واستقبال الاخرين الذين أصبحوا جزءا ومكونا واصلا لا يمكن خلعه ولا حتى تحريك جذوره المتينة التي دقت كل نواحي الحياة فالتواصل بين الشرق والسويد إرث سويدي عريق لا يمكن ان ينفصل عنه أبدا. 

إن الدعوة لهدم المساجد ودور العبادة ليس إلا حلقة فاشلة من حلقات العنصرية البغيضة والقيم الاحادية الضيقة التي سرعان ما نرى تبرؤ الناس منها بكل عجالة في أصغر هفوة من قيادة التيار المعني. وهذا الامر بالفعل قد بدا عندما أقر اصحاب القرار في الفترة الماضية قطع الدعم والمساندة لهذه المؤسسات ومحاصرتها، بل حتى رفع التأمين ضد الحرائق وعدم العدل في حماية الارواح التي تاتي لهذه المؤسسات الدينية لاتباع الديانة الاسلامية لتنال قسطا روحيا بعد عناء العمل الشاق في مؤسسات الدولة من سياقة الحافلات الى علاج المرضى والعمل الصحفي والأمني، والعسكري والتعليمي والسياسي. هذه المساجد ودور العبادة تقوم بعمل مجتمعي كبير وتقدم خدمات جليلة أسوة بغيرها من الكنائس والكنس الاخرى وتبين ذلك جليا في وقت انتشار كوفيد ١٩ وغيرها من ازمات كبيرة وستكون لها دور أعظم في قادم الايام ايضا.

لايمكن بحال من الاحوال هدم هذه الاماكن والنيل من سلامتها ومجرد الحديث عن هدم المساجد فان ذلك لا يفيد الا المتطرفون والارهابيون لان هذا الخطاب يؤكد منهجية هؤلاء وايضا منهجية مجتمعات الظل والانفصاليون واصحاب الاجندات الخاصة السياسية والعسكرية والفكرية بكل الاحوال. وسيضعف هذا الخطاب بطبيعة الحال السويد القوية ويضعف المؤسسات السويدية المتحضرة والوطنية التابعة لاتباع الديانة الاسلامية وغيرهم أيضا. 

ولمنع هذا الخطاب من التواجد بيننا وانهاء النداء اليه يجب:

  • تقديم مصالح السويد الاستراتيجية والأمن القومي السويدي على كل مصالح الحزبية والفردية والسلطوية. 
  • تقديم الأمن الفكري السويدي والامن المجتمعي على الاتفاقيات والتحالفات الانتخابية فسلامة وحرية السويد فوق كل اعتبار 
  • تفاعل الجميع والمشاركة بكل جدية في كل جوانب الحياة ليس لإنشاء لوبيات طائفية او دينية انما تكتلات وطنية تنظر للأمن والاقتصاد والفكر السويدي كأولوية 
  • يجب على المساجد ممارسة الدور المناط والقيام بالواجبات المتحتمة وعدم التحول الى بؤر الفتنة والارهاب ونشر الكراهية ويجب عليها مراجعة دائمة لما يقدم ولما ينشر فيها.
  • يجب تطوير عمل المساجد من خلال نشر مفهوم المواطنة السويدية الشاملة وعدم جعل المنابر لتأييد الربيع او الجفاف في بلاد اخرى وعدم الانجراف بالمساجد لصالح اصحاب الأجندة الخاصة
  • يجب بناء المؤسسات المالية الوقفية التي تدر على المساجد بالمال لاجل انجاح مهمتها الفاضلة في المجتمع جنبا الى جنب مع المؤسسات الدينية الاخرى
  • بيان دور وماهية المسجد اعلاميا وتأهيل الناطق الرسمي باسم المسجد وجعل اللغة السويدية لغة الام للخطابة والتدريس الى جانب لغة القران الكريم اللغة العربية الاصيلة النافعة. 
  • الخروج ببيانات وتوضيحات تلمس وضع المساجد ودورها الرئيسي كمكون للأمن الوطني والقومي السويدي 
  • يجب إعادة الدعم الحكومي المالي لهذه المساجد مع وضع آلية متابعة واضحة وشفافة وأيضا لوائح تنظيمية للتعديل والتصحيح واصدار عقوبات عند المخالفة لشروط الدعم وانهاء العقاب الجماعي نتيجة ضعف الهيئات الرقابية على الدعم المقدم لهذه المؤسسات.   
  • بناء المساجد وفق الانظمة والقوانين المتبعة وخاصة المالية والانشائية واستيفاء كل الشروط المطلوبة.
  • الدعوة إلى المواطنة ومنع دعوات ما يسمى بالهجرة المعاكسة ونشر الإحباط بين المواطنين وتجيير الامر لصالح افكار وجماعات معينة.

إن الصمت المطبق من قبل قيادة البلد عن هذه السلوكيات والتصريحات النارية ليس دليلاً على القوة وفهم الواقع بل هو ضعف وخيبة أمل لدى المواطنين فرئيس الحكومة قائد للجميع ومسؤول عن سلامة الجميع وليس مسؤولا فقط عن اتباع الاتفاقيات غير الواقعية وايضا ليس التمسك بالسلطة أمر حميد على حساب الديمقراطية وحقوق الانسان ونشر العدالة والمساواة بين المواطنين.

إن تتابع الحوادث التي قد أضرت بسمعة السويد في العالم وبالتالي زيادة امكانية التعرض للاعتداءات والتهديد والاضرار بالمصالح السويدية في الخارج نقطة حاسمة في أهمية إعادة النظر في القوانين والتشريعات التي لا تفيد الوضع الحالي لكننا نشهد بالعكس تماماً تشريعات تضيق وتخنق الحرية الشخصية وتغير صورة السويد الجميلة في العالم. لقد اصحبت الاحداث الخارجية لها مسارح مختلفة في الساحة السويدية وندفع ثمن أخطاء الاخرين ونعرض أنفسنا وأمنا بلدنا السويد للخطر الحقيقي. إن دعوات رئيس الوزراء الموقر في الدعوة إلى الحكمة والتعقل ينقصها تعقل الساسة والحكومة والسلوكيات غير المنضبطة لمن يستخدم أصوات الناخبين وأموال الضرائب في نشر الكراهية وتمزيق اللحمة الوطنية.

إن التنوع السويدي في جوانبه الثقافي والعرقي والديني ليس للنقاش ولا يمكن اتاحة الفرصة للرأي الواحد أو القيم الأحادية الشرسة في التعامل مع المكونات الأساسية بهذه الطريقة غير الإنسانية.

إن الحاجة الماسة لعقد اجتماعي يتحمل فيه الجميع مسؤوليته الاخلاقية والوطنية أصبح من الاهمية بمكان ليشعر الجميع بأنه جزء من الأمن الفكري، والاقتصاد القومي والأمن القومي السويدي ولكي تحيي الأجيال بكل أمن وسلام وتفاعل. وعلينا أن نحرص كل الحرص على إبعاد المؤثرات الخارجية عن أمننا الداخلي وعن الاضرار باللحمة الوطنية. وعلينا العمل سوية مع كل مكونات المجتمع من أجل إعادة الثقة بالوطن الواحد وبالقانون وإعادة السويد الى سابق عهدها في رخاء، وأمن، وسلام، وعدل.

حسين الداودي المجلس الاسكندنافي للعلاقات

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.