عندما تمتزج مرارة الإغتراب مع قساوة البشر

: 4/7/15, 4:29 PM
Updated: 4/7/15, 4:29 PM
عندما تمتزج مرارة الإغتراب مع قساوة البشر

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

الكومبس – مقالات: عندما يمتزج القهر مع الفقر وعندما تمتزج مرارة الاغتراب مع قساوة البشر وعندما تتلاشى الطفولة تقف عقارب الساعة هناك.

ان الاغتراب في مخيمات اللجوء في دول الجوار ترافقه قصص كثيرة عن معاناة لاتنتهي ومشكلات اجتماعية، اقتصادية واخلاقية، وظهور وحوش بشرية وسماسرة الحجر والبشر.

هرب السوريون عبر الحدود كي يجدوا ملاذاً آمناً لهم ولعائلاتهم وكي يجنبوا ما تبقى له من أطفال ويلات الحرب والفوضى ولكن لم يدركوا ان رحلة هروبهم تلك ستكون مليئة بالكثير من المفاجأت من العيار الثقيل ،وأصبح كل سوري يشعر أن العالم بأسره قد تخلى عنه ولاسيما أشقاؤه العرب.

بات الاطفال والنساء هم الفئة الاكثر تضرراً، تلك النسوة اللواتي فقدن ابنائهن وازواجهن في الحرب.

تلك المرأة التي باتت حائرة تبكي أبناءها و زوجها و الوطن الضائع، لطالما تعرضت لكل انواع الذل والقهر منذ خروجها مرغمة من وطنها هاربة من بطش وقساوة الحرب لكنها مجدداً وجدت نفسها ضحية لحرب من نوع أخر، ومعاناة قد رسمت ملامحها وخطوطها على وجوههن.

استغلال النساء السوريات والفتيات القاصرات

عندما نذكر هذه القضية تتجه أنظارنا تلقائياً الى مخيم الزعتري في الاردن وقد كثرت الأحاديث عن هذا المخيم وعن كل التجاوزات الحاصلة فيه، في هذا الجزء الصغير من العالم تكمن آلام السوريات و معاناتهم، ومع مرور الوقت تتفاقم تلك المشكلات يوماً بعد يوم وباتت المنظمات تقف عاجزة أمام هذه المشكلة الاجتماعية لأسباب عدة ومنها ان تلك الحالات تتم تحت مسمى الزواج ، يتم اجبار الفتيات السوريات على ترك مقاعد الدراسة وهن في أعمار صغيرة ويرغمن على الزواج بسن مبكرة وتحت ظروف قاسية، فتيات جميلات بجمال سوريا تحملن بداخلهن احلام كثيرة كما كل طفلة وفتاة تطمح بمتابعة تعليمها وتحلم بارتداء الفستان الابيض وفيما بعد بعائلة صغيرة مليئة بالدفء والأمان ، لكن واقعهن المرير والصادم يحرمهن من ذلك ظناً من الأهل أنهم بذلك يستطعون حماية بناتهم من التحرش والمضايقات لهن داخل المخيمات كما التخلص من أعبائهم المادية في ظل وضع اقتصادي سيء اذ إن الوضع الاقتصادي يلعب دوراً كبيراً لما يعيشه السوري في تلك المخيمات.

إذ صرح المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئيين في مخيم الزعتري أن اعداداً كبيرة من السوريين يعيشون في فقر مدقع وبشكل مقلق بسبب حجم الأزمة وقلة الدعم المقدم من المجتمع الدولي حيث يعيش الفرد الواحد بأقل من 50 دولار شهرياً ويعيش معظم اللاجئيين ظروف سيئة مفتقدين وسائل التدفئة والكهرباء والماء كما أن الحكومة الأردنية عاجزة تماما عن تقديم العون لنصف مليون سوري أذ أن تعداد سكان الأردن لا يتجاوز 6 ملايين نسمة، حيث لا توجد احصائيات دقيقة ولكن العدد في تزايد مستمر رغم رداءة الأحوال هناك. ويعد مخيم الزعتري من أكبر مخيمات اللجوء الأردنية الخاصة بالسوريين حيث يضم حوالي 79000 ألف لاجئ غالبيتهم أطفال ونساء، وقد تكفلت الأمم المتحدة ومنظمة اليونيسيف بتعليم 5000 طفل سوري.

إن هذا المخيم يخفي بداخله مئات القصص المؤلمة إذ أنه لايشكل ملاذاً أمناً للنساء السوريات وأطفالهن ويتم استغلال فقرهن بأبشع الطرق والوسائل والمتاجرة بهن من قبل رجال أعمال عرب وشيوخ من دول الخليج ودول الجوار بذريعة تقديم المساعدات الخيرية للعائلات السورية داخل المخيمات ومن هنا تبدأ قصة النيل مما ماتبقى من انسانية وطهارة هؤلاء اللاجئين الذين فروا من الموت والملاحقات الأمنية عبر أساليب قذرة ومحاولة استغلال حاجتهم وعوزهم عن طريق انتحال صفة جمعيات خيرية ومنظمات انسانية وماتلبث أن تكتشف بعد حين أنهم مجرد سماسرة وعصابات وشبكات دعارة مختصة بالاتجار بالنساء والفتيات القاصرات لحساب أثرياء عرب وشيوخ الخليج تحت غطاء العطف والمساعدة ومن ثم طلب الزواج من الفتيات الصغيرات بشكل مهين وتتم العملية على شكل بيع وشراء ومقابل مبلغ مالي يقدم للعائلة مستغلا بها وضعها الاقتصادي وغالبا ماتكون تلك الزيجات عن طريق شيخ وشاهديين فقط ولعدة أسابيع ولربما في بعض الحالات لاتستمر أكثر من بضعة أيام ثم يهرب العريس المزعوم وقد ترك خلفه طفلة جريحة بعد أن قضى على ماتبقى لها من مستقبل أسود وزاد من خوفها والامها في رحلت اللجوء القاسية تلك والتي بدأت منذ اللحظات الأولى لمغادرتها أرض الوطن فأما الموت تحت نيران القصف المجنونة وأما الرحيل وبداية رحلت الموت البطيئ داخل مخيمات للجوء. تلك الحرب القذرة والمجنونة والتي ولدت واقعاً مريراً وافرزت الكثير من الأمراض البعيدة كل البعد عن المجتمع السوري.

بداخل كل خيمة قصة مأساة سورية يصعب تصديقها وتبقى أنت عاجز أمام قساوة الحياة وبشاعة ما عاشوه، لا شيء سوى العجز والمرارة والحرقة وذاكرة تعج بألام والوطن والاغتراب وتأبى الرحيل.

بقلم: دياري الملا


المقالات تعبر عن رأي أصحابها وليس بالضرورة عن الكومبس

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.