عن السريانية والأدب السرياني

: 8/16/23, 11:27 AM
Updated: 8/16/23, 11:27 AM
عن السريانية والأدب السرياني

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

الكومبس – رأي: كان أول معرفتي باللغة السريانية في طفولتي عندما كنتُ أسمعها في سوق يبرود الرئيسي من أهالي بلدة بخعة (أو الصرخة) الذين كانوا يتردّدون إليه يوميّا للتبضّع. وعندما كبرتُ صرتُ أسمعها في الكنائس عندما كنتُ أحضر مناسبات بعض أصدقائنا من الطوائف السريانية.

وهنا في السويد، في مدينة اسكلستونا حيث أقيم، أتيح لي التعرّف أكثر على السريانية، بعد التقائي ومصادقتي لعدد كثير من السريان، وكذلك الآشوريين والكلدان، وحضوري أكثر من ندوة ومحاضرة عن تلك اللغة ومنها محاضرة للكاتب والصحفي ملكون ملكون، وقراءة للشماس عبد المسيح شمعون.

وكعادتي في حب الاطلاع والتعمّق لجأتُ إلى غوغل للاستزادة، فأجابني مشكورا:

-السريان أقدم الطوائف المسيحية، كانوا يسمّون بالآراميين (نسبة إلى آرام ابن سام بن نوح) أَطلق عليهم المؤرّخون اليونانيون مصطلح السريان بعد أنْ اعتنقوا المسيحية في القرنين الأول والثاني للميلاد.

-اللغة السُريانية (بالسريانية الشرقية: لِشانا سُريايا، بالسريانية الغربية: لِشونو سُريويو)

لغة ساميّة تطوّرتْ (أو اشتُقّت) من اللغة الآراميّة التي كانت منذ القرن السادس قبل الميلاد لغة التخاطب الوحيدة في الهلال الخصيب. ومن ثمّ اكتسبتْ اسمها الجديد (اللغة السريانية) في القرن الرابع تزامنًا مع انتشار المسيحية.

-للغة السريانية أهمية دينية عند المسيحيين، أولاً لأنّ يسوع المسيح قد تكلّم بالآرامية التي تعتبر اللغة الأم للسريانية، وثانيًا لأنّ العديد من كتابات آباء الكنيسة والتراث المسيحي قد حُفظ بالسريانية.

ولا تزال تُستخدم بشكل يومي في الكنائس التي تتبع الطقس السرياني.

-تُعتبر السريانية اللغة الأم لطوائف الآشوريون/السريان/الكلدان المنتشرة بالعراق وسوريا خاصة، وهي من أهم العوامل التي تجمعهم.

-نقل البابليون إلى بلادهم، عندما استولوا على مملكة دمشق في القرن الثامن قبل الميلاد، عدداً كبيراً من مهرة الآراميين، فنشروا لغتهم هناك حتى غلبتْ اللغة البابلية والآشورية، وكانوا أوّل من عمل هناك بالرياضيات والفلك وعلم الهيئة.

وبعد سقوط نينوى سنة 612 ق م أصبحتْ بلاد أشور آرامية.

-كانت اللغة السريانية، في فترة من الزمن، لغة العلوم والفنون والآداب

-حقق السريان شهرة واسعة في مجال الترجمة، وكانت لغتهم همزة الوصل التي تمّ من خلالها نقل أهم العلوم والفنون والثقافات وغيرها من الحضارة اليونانية إلى الحضارة الإسلامية.

-يبلغ عدد الحروف في اللغة السريانية الارامية اثنان وعشرون حرفًا ساكنًا

تُجمع في خمس كلمات: أبجد، هوّز، حطّي، كلمن، سعفص، قرشت.

وثلاثة حروف متحركة، ويأخذ كل حرف من حروف اللغة عدة أشكال للنطق

وتكتب من اليمين إلى اليسار ومن أعلى الصفحة إلى أسفلها.

-تنقسم الآرامية إلى لهجتين رئيسيتين: شرقية وغربية ويُعتبر نهر الفرات هو الفاصل بين اللهجتين، ولكل منهما لهجات فرعية.

-ما زالت اللغة السريانية قيد التداول حتى اليوم في طور عابدين بتركيا، وقرى الموصل وغيرها في العراق، وحيّ السريان في حلب وبلدات معلولا وجبعدين والصرخة وصيدنايا في سورية، فضلا عن مئات الأسر السريانية في سوريا وتركيا وفلسطين ولبنان والعراق وغيرها.

-تعود الكتابات الآرامية الأولى في بلاد ما بين النهرين إلى ما قبل الميلاد بقرون عدّة، إلاّ أنّ (قصة أحيقار)، وهو الوزير وكاتب الملك سنحاريب الآشوري، تُعتبر أولى معالم الأدب السرياني، السابق للمسيحيّة.

-لعبتْ مدينة الرها دوراً هاماً في نشأة الأدب الآرامي ثم السرياني وتطوره وازدهاره

الرها تقع شمال حرّان في تركيا، وهي أديسا باليونانية، أو أورهوي بالسريانية، وتُعرف بـِ أورفا الآن.

-بعد انتشار المسيحية في بلاد ما بين النهرين صارتْ الآرامية تسمّى بالسريانية، ونُقلتْ إليها الكتب المقدّسة وأسفار العهد القديم واللّاهوت والفلسفة والخطابة والشعر والنحو والعلوم التاريخية والمنطق.

-نستطيع أنْ نميز مراحل عدة مرّ بها الأدب السرياني منذ القرون الأولى للمسيحية وحتى الوقت الحاضر بين ازدهار وخمود نتيجة الأحداث التاريخية، ونستطيع أنْ نعدّد أهمّ الأدباء في تلك المراحل:

-برديصان (154 م- 222 م) هو من أوائل الشعراء والفلاسفة السريان، وهو عالم فلك أيضا.

-ثم تلاه مار أفرام السرياني (306 م ـ 373 م) الملفان الذي يعتبر من أهمّ الأدباء المسيحيين السريان، له العديد من المؤلفات ومن الأشعار المسمّاة بالـ مِمرِ.

“مِمِر” هي كلمة سريانية معناها (قول أو مقال أو سيرة قديس)، والجمع هو ميامر.

-كان العصر الذهبي للأدب السرياني في القرنين الرابع والخامس، وأهمّ ما امتاز به هذا العصر هو الترجمة من اليونانية الى السريانية

-نرساي الملفان الكبير (502 م)

– يعقوب السروجي (451-521م) ويُعتبر، بالإضافة إلى رتبته الدينية، من أهم الشعراء السريان.

-في القرن السادس الميلادي جاء باباي الكبير وكتابه الشهير في (الاتحاد)

-ووضع يوحنا الافسسي (585 م) كتاباً يُعدّ أقدم تاريخ كنسي.

-يعقوب الرهاوي (650 – 708) وهو فيلسوف كبير وأخصب كاتب في الكنيسة السريانية.

-ميخائيل الكبير (1126-1199) ألّف موسوعة هي الأهم من نوعها في العصور الوسطى

-ابن العبري (1226 م– 1286 م) ألّف العديد من الكتب في اللاهوت والطبيعيات والتاريخ، أهمها: (زبدة العلم حوثو دحکمثو) الذي يتناول جميع العلوم المعروفة و (تاريخ مختصر الدول) بالعربية والسريانية.

-بهنام الأول (1455 م) كان عالماً وفيلسوفاً.

-في القرن التاسع عشر بدأ عهد جديد في الآداب السريانية، وبرز فيه المطران أدي شير والمطران توما اودو والأب بولس بيجان، ويعقوب أوجين منا الذي ألّف قاموساً كلدانياً عربياً.

ويوسف قليثا، وألفونس منكنا الذي وضع تاريخ انتشار المسيحية في الهند وآسيا ثم وضع كتاباً في تاريخ اربل، ودرس بالإضافة إلى اللاهوت، السريانية والعربية والتركية والفارسية والكردية والعبرية واللاتينية والفرنسية.

-وهناك السريان الغربيون الذين ساهموا في النهضة الفكرية والأدبية، نذكر منهم: نعوم فائق ويعقوب ساكا والقس ميخائيل مراد والخوري اسحق أرملة وافرام برصوم وبولس بهنام، حيث علا شأن الأدب السرياني على يد هؤلاء، واستمرتْ المسيرة الى يومنا هذا.

معن حيدر كاتب وإعلامي

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.