عيد الفطر في السويد.. تشبث بالعادات والتقاليد الإسلامية

: 4/20/23, 4:41 PM
Updated: 4/20/23, 4:41 PM
عيد الفطر في السويد.. تشبث بالعادات والتقاليد الإسلامية

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

العيد يعتبر من الأيام التي ينتظرها المسلمون في مختلف بقاع العالم لأداء سنة صلاة العيد والاحتفال بهذه المناسبة مع الأهل والأحباب.

المسلمون في السويد هم نموذج مصغر للأمة الإسلامية فهم يمثلون أكثر من 60 دولة و ينتظرون عيد الفطر بشغف بعد انتهاء صوم شهر رمضان المبارك من كل عام. فالعيد مناسبة لاجتماع الأقارب والجيران والأهل والأصحاب والأطفال للاحتفال والتعبير عن الفرح والسعادة بقدوم العيد الذي تتم به تقوية صلات القربى بين المتباعدين لأسباب العيش والعمل والانتقال والهجرة، ويكون سبباً للاجتماع وتبادل الهدايا والذكريات، ولإقامة الشعائر الدينية وممارسة العادات والتقاليد المصاحبة للعيد مثل صناعة الحلوى والأطعمة والموائد المختصة بالعيد، أما الأطفال فينتظرون عيد الفطر من سنة إلى أخرى، ففيه يشتري لهم الأهل ثياباً جديدة وهدايا، ويحصل الأولاد على “العيدية” من الأهل والأقارب، وهذه العيدية تختلف من ثقافة إلى أخرى ، فإما أن تكون عبارة عن مال نقدي أو هدايا متنوعة. وهناك عادات كثيرة في عيد الفطر تختلف من بلد إلى آخر، من نوع الملابس المخصصة للعيد، وكذلك الطعام الذي يحضر للاحتفال، واجتماع الناس حوله من الأقارب والأهل والجيران.

يستقبل المسلمون عيد الفطر المبارك، بفرح و سرور بعد الصيام والقيام في شهر رمضان المبارك، وللعيد في السويد مظاهر وعادات يحييها المسلمون على تنوع جنسياتهم و خلفياتهم الثقافية سواء كانوا عرباً أو أتراكاً أو صوماليين أو من أي جنسية أخرى، حيث يؤدون صلاة العيد في المساجد الرئيسة أو المصليات الصغيرة و في القاعات الرياضية والساحات العامة في جميع أنحاء البلاد من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها، حرصاً منهم على غرس هذه القيم الاجتماعية في نفوس صغارهم وتعويدهم عليها. وعادة ما يحرص المسلمون على ارتداء ملابس العيد التقليدية التي تعكس مواطنهم الأصلية و يتم تقديم حلويات و مأكولات العيد المميزة للبلدان الإسلامية، و يتم حجز أماكن العاب ترفيهية لأطفال المحتفلين.

تجري الاستعدادات في كل مسجد و جمعية و مركز اسلامي لاستقبال المصلين على عدة دفعات ، بسبب الإقبال الكبير على إحياء سنة صلاة العيد، ما يسبب إشكاليات إدارية حيث يحرص مسؤولو المساجد على استعجال المصليين للخروج من المساجد حتى يتم استقبال مصلين آخرين، وهذا يعني حرمان كثير من الصغار و الكبار من الاستمتاع بفرحة العيد في المساجد وأيضاً عدم القدرة على تهنئة الأصدقاء و المعارف بهذه المناسبة العطرة، لضيق الوقت والازدحام الشديد وما يصاحب ذلك من فوضى مرورية وإيجاد أماكن لإيقاف المركبات التي تعكس منظراً غير حضاري لدى الآخرين و انزعاجهم من هذه الفوضى، ولذلك فإنه من الأولى أن نفكر بحلول تتماشى مع سنة العيد التي عادة ما تقام في الساحات العامة و المتاحة لاستقبال المصلين، إذ تقيم بعض لجان المساجد الصلاة في الساحات والمتنزهات المنتشرة في المدن.

عيد الفطر مناسبة مبهجة حيث يتوافد المسلمون ليحتفلوا معاً ولقضاء الوقت مع عائلاتهم والصلاة جماعة، ومن ثم تنظم فعاليات ترفيهية للأطفال وتقديم حلوى العيد والتي تعكس المطبخ الشرقي و الغربي الذي يتزين بالمأكولات والحلويات المختلفة وسط جو من الأهازيج والأناشيد الدينية.

ومن بين أهم المدن السويدية التي تقيم صلاة عيد الفطر في الساحة العامة مدينة مالمو الواقعة في جنوب السويد، والتي تعيش فيها واحدة من أكبر الجاليات العربية و المسلمة في السويد ، حيث يجتمع قرابة 15 ألفاً من المصلين في مشهد عظيم، كما يتم الإعلان عن إقامة صلاة العيد في منتزهات و حدائق وقاعات رياضية في عدد من المدن السويدية.

هذا العام ألغت بلدية مالمو الدعم المالي للجاليات المسلمة والتي اعتادت إحياء مناسية العيد في احتفال كبير Eid festival في الحديقة الشعبية (Folkets park) حسب ما ورد في صحيفة Sydsvenska. بالمقابل قررت مؤسسة ابن رشد تبني الاحتفال الثقافي في عيد الأضحى بشهر حزيران ( يونيو) المقبل.

أما محافظة العاصمة ستوكهولم ، فتتميز مساجدها و مصلياتها بعادات وتقاليد تعكس التنوع الإثني للمسلمين فالأتراك والبنجال و الباكستان والصوماليون و البنجال يصلون في مساجدهم و عدد كبير من أبناء الجاليات يخرجن رجالاً ونساء وأطفالاً إلى مصليات العيد. أما مسجد “ستكهولم وفتيا وهاننجه”، فهو من أكثر الأماكن المفضلة للمسلمين لأداء صلاة عيد الفطر، مثل ما هو الحال في صلاة التراويح، نظراً لاتساعه لآلاف المصلين وإقامته الصلاة وخطبة العيد في أكثر من وقت في الصباح ليناسب أكبر عدد من المصلين، وعادة ما يصطحب الكبار أطفالهم الصغار في هذا اليوم إلى المسجد العريق لتأدية الصلاة.

الأصل في السنة النبوية أن تكون صلاة العيد واحدة موحدة لكل منطقة ما أمكن إلى ذلك سبيلاً، لإقامة صلاة العيد في الساحات العامة وهو ما يُولد حُسن التواصل مع المحيط المجتمعي الآني بكل تركيباته، بعيداً عن التوهم والتقوقع الذي يمنع صاحبه من التواصل الاجتماعي الإيجابي. فالتقوقع مقيت يُؤجج عنصرية الأصل والمذهب والفكر والاتجاه، ويُسرع بالتأكيد من عملية ذوبان وضياع الذرية والأجيال. و من أهم المهام الملقاه على عاتق مؤسساتنا الإسلامية تفعيل وتحسين أساليب التواصل الاجتماعي مع المحيط المجتمعي على اختلاف مكوناته.. من الجيرة في السكن، والزمالة في الدراسة أو العمل، وأن يكون ذلك هو الأصل في التعامل الإنساني، أي جعل صلاة العيد موسم التقاء حضاري بين جميع شرائح المجتمع حيث يدعى الجيران و عامة الناس لمشاركة جيرانهم المسلمين فرحتهم في العيد. على إدارات الجمعيات وأئمة المساجد، أن يتواصلوا فيما بينهم، وأن يوحدوا صلاة العيد في مناطقهم قدر الإمكان، فهم خير قدوة لأتباعهم. ( فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ )*

ولا تقتصر مظاهر الاحتفال بالعيد على الصلاة في المسجد والتجمع في الساحات العامة فقط، بل تمتد أيضاً إلى المطاعم في المراكز التجارية الكبرى ومن بينها مجمع سكندنافيا (ويستفيلد) في ستكهولم، وهو الأكبر والأشهر في العاصمة، وتقام الألعاب الترفيهية للأطفال وكذلك في المراكز التجارية في المدن الأخرى مثل مدينة يوتيبوري وأوبسالا والتي تشهد عادة إقبالاً كبيراً من المسلمين.

ورغم أن يوم عيد الفطر ليس بين العطلات الرسمية للدولة، فإن المؤسسات الرسمية والشركات والمصانع والمؤسسات التعليمية عادة لا تمانع في السماح للموظفين والطلاب المسلمين بأخذ اجازة في هذا اليوم لمشاركة عائلاتهم فرحة العيد.

هذا العيد ياتي يوم الجمعة 21 أبريل، حسب ما وردنا من مجلس الأئمة في السويد، و هذا يعني أن تقام صلاة العيد وصلاة الجمعة في نفس اليوم . لكن هناك اشكاليات تنظيمية تعترض التلاميذ حيث قررت مصلحة المدارس هذا العام أن يكون الامتحان الوطني لتلاميذ الصف التاسع صبيحة يوم الجمعة والذي يصادف عيد المسلمين و من يستنكف عن الامتحان يتعرض لفقدان الدرجة العلمية التي يستحقها، وإن شارك يحرم من سعادة المشاركة مع الأهل و الأحباب فرحة صلاة العيد.

و بناء على ذلك على المدارس ومديرية التعليم مراعاة حق التلاميذ في الاحتفال مع ذويهم في العيد و أن لا تقام الامتحانات في هذه الأيام. و عادة ما تطالب المؤسسات الإسلامية بإجازة خاصة للموظفين والعمال المسلمين و الطلاب في الأعياد الدينية للمسلمين خاصة عيد الفطر و عيد الأضحى و يأملون إجابة الجهات المعنية لهذا المطلب الديني والاجتماعي للمجتمع المسلم الذي يشكل حوالي 12 بالمئة من مجموع السكان. المسلمون يطالبون بيومين إجازة لكل عيد في العام ومن الملاحظ أن العاملين المسلمين في مجال الخدمات يقومون بمهام زملائهم من غير المسلمين اثناء مشاركتهم في أعيادهم بكل محبة و رضا.

د. محمود الدبعي

الرئيس السابق للمجلس الإسلامي السويدي

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.