فوارق طبقية وتفاوت اقتصادي كبير بين مناطق السويد

: 10/2/22, 2:05 PM
Updated: 10/2/22, 3:26 PM
فوارق طبقية وتفاوت اقتصادي كبير بين مناطق السويد

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

تختلف نسب النمو بشكل كبير بين مناطق السويد، حيث هناك مناطق تحقق نموا قريبا إلى النسب الأعلى في العالم، بينما هناك مناطق نسب النمو فيها تشابه لاتفيا وإمارة أندورا، من جهة أخرى سجل حزب ديمقراطيو السويد SD زيادة كبيرة بشعبيته في أفقر البلديات السويدية. فما علاقة الفقر الاقتصادي بزيادة شعبية أحزاب اليمين المتطرفة؟

ربما يكون المقياس الأكثر شيوعاُ لوصف التنمية الاقتصادية هو الناتج المحلي الإجمالي الذي يعكس النمو الإجمالي في جميع أنحاء الدولة، ويقدم إحصائية مفيدة بالطبع لكنها تخفي حقيقة أكثر تعقيدًا.

لتبسيط الامر فإنه بين عامي 2000 و2020 نمى الناتج المحلي الإجمالي السويدي بما ما يزيد عن 2400 مليار كرون سويدي ليصل إلى قرابة 5000 مليار كرون بالأسعار الجارية (أي بما في ذلك التضخم) وفقًا للإحصاءات الرسمية وذلك بزيادة قدرها 107٪ لتلك الفترة.

بينما في محافظة Stockholm نمى ما يسمى الناتج الإقليمي الإجمالي، بنسبة كبيرة بلغت 132٪. لفهم هذا الرقم بشكل أفضل يمكن مقارنته بنسبة النمو في نفس الفترة الزمنية لمحافظة Västernorrland والذي بلغ 62٪ فقط.

من إجمالي نمو الناتج المحلي الإجمالي في السويد خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين والذي يقدر بنحو 2580 مليار كرون، استحوذت محافظة Stockholm على أكثر من 920 مليار كرون أي ما يصل إلى ٪36. أي أنه ارتفعت حصة العاصمة من الناتج المحلي الإجمالي للسويد من 29 ٪ في عام 2000 إلى 33٪ في عام 2020. وإذا اضفنا لهذا الرقم نسبة النمو في الناتج الإقليمي الإجمالي لكل من محافظتي Skåne و Västergötland فإن الإجمالي يصل الى 61٪ من الناتج المحلي الإجمالي للسويد كلها.

نرى هنا أن Stockholm هي التي استحوذت بشكل أساسي على النمو الاقتصادي. حيث إنه من بين 25 محافظة في السويد، زادت ثلاث محافظات فقط من حصتها من الناتج المحلي الإجمالي للسويد خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وهذه المحافظات هي: Stockholm و Skåne و Norrbotten.

قد تبدو بعض النقاط المئوية هنا وهناك صغيرة وغير مهمة، ولكن تصبح أكثر وضوحاً عند ترجمتها إلى وظائف وفرص عمل.

حيث إنه في نفس الفترة الزمنية التي نتحدث عنها، أي بين عامي 2000 و2020 ازداد عدد الأشخاص العاملين في السويد من 4.3 إلى 5.1 مليون. ومن بين هؤلاء االـ 760 ألف الذين حصلوا على وظائف جديدة، بلغت حصة ستوكهولم 253 ألفًا أي ٪ 33. وإذا اضفنا لها محافظات Skåne، و Västra Götaland و Uppsala فإن الرقم الإجمالي لهذه المحافظات الأربع يصل الى 75٪ من الوظائف الجديدة.

بكلمات أخرى وبينما ازداد عدد الموظفين في Stockholm بنسبة 24٪ هبت رياح مختلفة تماماً في الأجزاء الأقل كثافة سكانية في البلاد. حيث انخفض عدد الوظائف في Blekinge، و Västra Norrland و Gavleborg وازداد عدد الوظائف بشكل طفيف للغاية في العديد من المحافظات الأخرى.

التفسير المنطقي بالطبع هو الهجرة إلى المناطق الحضرية، حيث زاد عدد السكان في Stockholm بشكل حاد خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. ولكن حتى عند قياسها على أساس إجمالي الناتج المحلي لكل فرد، فإن الاختلافات كبيرة – حيث إنه ازداد بنسبة 48 ٪ في كل من السويد ومقاطعة Stockholm بين عامي 2005 و2020، ولكن الزيادة كانت أقل بشكل واضح في العديد من المحافظات الأخرى.

في عام 2020 بلغ الناتج المحلي الإجمالي للفرد 481 ألف كرون في المتوسط في السويد. تتصدر Stockholm القائمة مع 681 ألف كرون للفرد. جميع المحافظات الأخرى (باستثناء Norrbotten مع 526 ألف كرون) بلغ نصيب الفرد منها أقل من المتوسط ، محافظة Södermanland لديها أدنى مستوى مع 333 ألف كرون أي ما يعادل نصف نصيب الفرد في Stockholm.

في نفس العام كان نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي السويدي في المرتبة 12 على مستوى العالم بما يزيد قليلاً عن 52000 دولار وفقًا لأرقام صندوق النقد الدولي. ولكن في المقابل سيكون نصيب الفرد في محافظة Stockholm بمفردها في المرتبة الرابعة على العالم وذلك قبل كلاً من الولايات المتحدة والنرويج، بينما تحتل Södermanland المرتبة الـ 27 خلف أندورا، وهي دولة تعد من دول العالم النامية.

في عام 2019 (أحدث الأرقام المتاحة) بلغ متوسط الناتج الإقليمي الإجمالي للفرد في بلدية Solna أكثر من 1.9 مليون كرون بينما في بلدية Salem بلغ 149 ألف كرون فقط.

إذا أردنا مقارنة نصيب الفرد في Solna من الناتج المحلي الإجمالي فإنه سيتجاوز لوكسمبورغ في المرتبة الأولى عالميًا بينما سيكون ترتيب Salem خلف لاتفيا في أسفل القائمة.

وإذا استثنينا جميع العاطلين عن العمل فإن الفروق تنخفض بشكل طفيف، حيث أن ناتج Stockholm الاقليمي الإجمالي لكل شخص عامل هو 1،241000 كرون وهو أعلى من المتوسط السويد والبالغ 985000 كرون، بينما تقع Gotland في المركز الأخير مع 738000 كرون.

كما توثر الظروف المختلفة الاخرى على الدخل. حيث إنه من بين البلديات العشرين ذات الدخل المتاح الأقل للفرد (أي بعد الضرائب) في عام 2020، توجد 20 بلدية في مناطق ذات كثافة سكانية منخفضة.

من جهة أخرى تقع البلديات العشرين الأعلى دخلا في المناطق الحضرية أو بالقرب منها. تتصدر بلدية Danderyd في ستوكهولم القائمة بدخل متاح يبلغ 381000 كرون للفرد، بينما تقع بلدية Lessebo في أسفل القائمة بدخل يبلغ 179000 كرون. ولكن وفقًا للإحصاءات انخفض الدخل بشكل حاد في Danderyd في عام 2020، حيث كان حوالي 463000 في عام 2019.

يجب أن نأخذ في الحسبان عند مقارنة أرقام البلديات العوامل الأخرى المؤثرة، على سبيل المثال عدد السكان والمكان الذي يوجد فيه مقر الشركات الكبرى. ويجب التذكير أنه في العديد من البلدان الأخرى هناك اختلافات اقتصادية كبيرة بين المدينة والريف.

ولكن هل يمكن الربط بين هذه الإحصائيات والسياسة؟

الاتجاه العام في السنوات الأخيرة هو زيادة الدعم بشكل حاد لحزب ديمقراطي السويد SD في العديد من أفقر البلديات، وتم كتابة أعداد كبيرة من التقارير والدراسات حول العلاقة بين الفجوات الاقتصادية ونجاح ما يسمى بالسياسيين الساخطين في البلدان الأخرى. ومع ذلك فإن كيفية تصويت الناس هي قضية معقدة، والحديث فقط عن الاقتصاد هو تبسيط للموضوع.

يقال إن انتخابات عام 2022 هي انتخابات أسعار الطاقة، ولكن الانتخابات أمر بالتأكيد أعقد من ذلك بكثير.

ريان رسول
مهندس مالي

المصادر:
مواقع مختلفة من الصحف والجهات الرسمية في السويد.

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.