المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
الكومبس – رأي: يُعتبر شهر تموز (يوليو) في السويد من أشهر الإجازات الرئيسية بعد عام كامل من العمل أو الدراسة، حيث تستمتع العائلات السويدية بفرصة للراحة في ظل الطقس الذي غالباً ما يكون أفضل مقارنةً ببقية شهور السنة. في هذا الشهر، يختار العديد من السويديين السفر إلى الخارج للابتعاد عن الروتين وللحصول على تغيير في الأجواء، حيث تظل احتمالية أن يكون الصيف السويدي ممطراً. ورغم أن السويد تتمتع بجمال طبيعي خلاب من أنهار وبحار وغابات، فإن البعض يرى أن الإجازة المثالية قد تكون في أماكن أخرى.
بالنسبة لنا نحن الذين ننحدر من أصول مهاجرة، فإن متعة الإجازة تختلف. فالإجازات بالنسبة لنا هي فرص نادرة للقاء الأهل والأقارب الذين ما زالوا يعيشون في البلدان التي قدمنا منها. ورغم جمال السويد وهدوئها، فإن الاتصال بالعائلة يبقى أولوية، خصوصاً في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها بعض البلدان من حروب ونزاعات وأوضاع غير مستقرة.
وتُصدر وزارة الخارجية السويدية في كثير من الأحيان تحذيرات بشأن السفر إلى هذه البلدان، محذرة من مخاطر الوضع الأمني وعدم الاستقرار. وبحسب هذه التحذيرات، يتحمل المسافرون المسؤولية الكاملة عن سلامتهم. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: كيف يمكن لشخص يعلم أن والديه مريضان أو يعانيان من أوضاع صحية قد تكون خطيرة ألا يتجاهل هذه التحذيرات؟ كيف لشخص لم يرَ والديه منذ سنوات أن يمتنع عن السفر، وهو يعلم أن الوقت قد يكون قد فات قبل أن يلتقي بهم مرة أخرى؟
من حق السياسيين أن يحذروا ويُوجهوا نصائح بشأن السفر إلى مناطق غير آمنة، ولكن ليس من حقهم أن يمنعوا أي شخص من السفر لرؤية عائلته. إن ذلك يمثل حالة من النفاق السياسي عندما يتم اتخاذ قرارات تحرم بعض الأشخاص من حق زيارة أحبائهم بينما تتخذ قرارات مجحفة حول حق لم الشمل أو التسهيل زيارة الاقارب لذويهم في السويد.
إن الحق في لمّ شمل العائلات، خصوصاً أولئك الذين يعيشون بعيداً عن ذويهم، هو حق إنساني يجب أن يُحترم. لا يمكن أن تظل القوانين التي تقيد هذا الحق قائمة في عالمنا المعاصر. السويد بحاجة إلى تعديل هذه القوانين المجحفة والسماح لعائلات المهاجرين بالالتحاق بهم، سواء من خلال الإقامة الدائمة أو الزيارات المؤقتة.
إن هذا الحق ليس مجرد ترف، بل هو حاجة إنسانية أساسية يجب أن تُصان.
وفي الختام، يتعين على السويد أن تضع مصلحة الإنسان في المقام الأول، وأن توفر الفرصة للمهاجرين للتمتع بلم شمل مع عائلاتهم، حيث إن الإنسانية لا ينبغي أن تكون رهينة للسياسة أو للأوضاع الجغرافية فقط.
جمال الحاج
نائب مستقل في البرلمان السويدي