المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

الكومبس – رأي: الشرع الذي تلاقت حوله مكونات كثيرة وتوافقات إقليمية ودولية يستعيد الكرد حول دمشق. إنه المنغلق الأكبر الذي كان يسد أفق المناخ السياسي في سوريا يبدأ بالانفراج الآن.

في مساء ذات اليوم الذي أعلنت فيه وزارة الدفاع انتهاء عمليتها العسكرية والأمنية في ملاحقة فلول النظام السوري المخلوع في مناطق الساحل السوري أعلنت الرئاسة السورية وعبر بيان رسمي التوصل لاتفاق مع قوات سوريا الديموقراطية فيما يخص مستقبل سوريا والدور الكردي فيها.

وقبل أن نصل إلى ما جرى في أروقة السياسة وولادة اتفاق الشرع-مظلوم يجب أن نعود لساحل سوريا غرب البلاد، حيث تطورات دراماتيكية دموية متسارعة كانت تسابق الزمن لعل أهمها إجهاض محاولة انقلاب “غبية” قضت نحبها بعد ساعات من بروز رأسها. وكأن الخناق بدأ يضيق أكثر وأكثر على كافة فلول النظام السوري المخلوع الهاربين ما تبقى منهم الآن في جبال اللاذقية وطرطوس بعد عمليات تحييد واعتقال نفذتها وزارة الدفاع السورية والأمن العام.

عملية التطويق التي نفذتها قوات الدولة كانت موجهة في قسم كبير منها للفلول، لكنها شهدت بعض الأعمال المارقة، محاولات تخريب وجرائم قتل وجّهت ضد مدنيين والرد الصحيح عليها كما قالت القيادة السورية هو “المحاسبة” حيث شكلت لجنة تحقيق في هذا الصدد.

حالة الغليان السياسية والأمنية في الجنوب السوري أيضاً يعتريها بعد الاتفاق مع كرد سوريا حالة من الهدوء بدءاً من درعا وفصيل أحمد العودة الأكبر التابع لروسيا سابقاً، مروراً بفصائل مسلحة في السويداء ملتفة بقسم كبير منها حول قيادة الشيخ حكمت الهجري، وانتهاءً باسرائيل التي تدخل وتخرج من بوابة البلاد الجنوبية الغربية كدارٍ من دون بواب.

توافق الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي مساء الاثنين 10 مارس أعطى قيادة دمشق طابع الشرعية الأوسع على امتداد جغرافيا الشام، كذلك عطّل أفكاراً كانت تطرح بين هنا وهناك عن مشاريع أحلام فيدرالية.

اليوم تندمج المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة للإدارة الذاتية الكردية في إطار الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز، ما يعني ان انفراجاً اقتصادياً ينتظر أبناء سوريا المنكوبة حيث حقول النفط والغاز الأغنى في مناطق سيطرة “قسد” سيبدأ تدفقها تدريجياً لباقي مناطق البلاد.

ينص الاتفاق أيضاً على دعم “قسد” الدولة السورية في مكافحة فلول الأسد وكل التهديدات، ورفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفتنة، وتضمن الدولة السورية بالمقابل حق المجتمع الكردي في المواطنة وكل الحقوق. هذا الأمر بحد ذاته فيه رسائل تطمين كبيرة للمكون الكردي السوري الذي عانى خلال عقود من حكم الأسدين الأب والابن من الظلم أشكاله كافة.

الاتفاق ذاته الذي يشكل ضربة قوية لفلول النظام وقضاء على محاولاتهم للتقسيم وإثارة الفتنة الطائفية يشكّل للكثير من السوريين في السويد وأوروبا بريق أمل جديد.

بدورها لم تكن الفاتورة قليلة على القوات الحكومية السورية في معارك الساحل التي سقط لها قرابة 300 قتيل من مرتبات جهاز الأمن العام وقوات وزارة الدفاع عدا عن عشرات الجرحى.

التوافق السوري – السوري بين الأكراد ودمشق، الذي يأتي في وقت لوحت فيه إسرائيل بنيتها التدخل في سوريا بحال هُددت حقوق المكون الدرزي في السويداء وجرمانا في دمشق، من شأنه أن يقلب موازين حسابات كثيرة محلية واقليمية ويشكل اللبنة الأساسية نحو سوريا موحدة خارج إطار معادلة التقسيم.

تجاوز سوريا الجديدة متلازمة ما بعد سقوط الأسد عسكرياًو سياسياً عبر اتباع سياسة اعتدال تُزاوج بين مكونات الفسيفساء السوري جميعها عبر حصد نجاحات عسكرية، أمنية، اقتصادية وسياسية سيشكل نقلة نوعية للبلد الذي حكمته قبضة البعث على مدار عقود وترسيخاً لمنطق العدل والاعتدال في منطقة نكبتها الحروب.

وسنرى

أسامة الماضي