المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
الكومبس – رأي: أصبحت أخبار الصراع الروسي الأوكراني الشغل الشاغل للعالم أجمع من قبل اندلاع الحرب بينهما رسمياً، نعم فقد بدأت الحرب إعلامياً وأججت لها وكالات الأنباء الغربية وجعلت بوتين في موقف محرج في حالة عدم الرد على ما يجري وجرى في أوكرانيا، لكن هل بوتين من الغباء أن تؤثر عليه وعلى قراراته ترسانة وسائل الإعلام الساعية لتأجيج الصراع، والنافخة بالنار، هذا غير صحيح فهو الضليع بالسياسة والمراوغ الصعب الذي يخشاه العالم.
مقدماً، ندين الغزو والحرب الروسية الأوكرانية فالعالم اليوم ليس بحاجة إلى الحروب، فنحن ضد أي حرب، العالم بحاجة إلى التضامن والتعاون للخلاص من كوابيس الأمراض والكوارث الطبيعية التي تصيب الكوكب والتخلص من الاحتباس الحراري الذي سبب التطرف في المناخات في جميع أنحاء الكرة الأرضية.
فلم هذه الحرب؟… ألم يستوعب العالم ما خلفته الحرب العالمية الأولى والثانية من دمار وخراب ومآسي لا زلنا نعاني منها.
توقعنا بأن أوربا استوعبت الدرس واستفادت من تلك المعاناة وأنها توجهت حقاً إلى إنهاء الحروب الباردة والحارة والدافئة، لكن ذلك لم يحصل رغم انهيار المنظومة الاشتراكية، ورغم انضمام بعض دول تلك المنظومة إلى الاتحاد الأوربي، والسبب أن الولايات المتحدة الأمريكية ومخططاتها الإمبريالية لم تتوقف فهي تعيش على إشعال الفتن والحروب واستمرار معاناة الآخرين، فسعت إعلامياً مع حلفائها في أوربا بتنمير بوتين روسيا ضد الحكم النازي الجديد في أوكرانيا، وخلق الإعلام من روسيا دولة تريد التوسع وابتلاع الدول المجاورة وليس فقط أوكرانيا، والغريب أن بعض الدول صدقت تلك الدعايات المعروفة القصد، فرأينا الفزع والخوف في بلدان كانت محايدة مثل فنلندا والسويد، بسبب ما حشدت له وسائل الإعلام الإمبريالية وكذلك الأحزاب ذات التوجه اليميني والتي تلتقي مصالحها مع الدول الامبريالية التي تحاول جر السويد وفنلندا والدنمارك والنرويج للانضمام إلى حلف الناتو بعد أن كانت هذه الدول محايدة طيلة عقود، وكان حيادها هو أحد أسباب تطورها الاقتصادي وجعلها دولاً لها دورها الإيجابي في حل الصراعات الدولية هنا وهناك.
الغريب في الأمر ما تقوم به أمريكا والدول الأوربية وبدلاً من السعي لإيقاف الحرب بشكل جدي، هو ضخ الأسلحة والمعدات القتالية لأوكرانيا وهم يعرفون جيداً بأن ذلك لن ينفع في هذا الصراع لكنهم يريدون من ذلك إدامة الحرب واستمرار المعاناة وتعقيد الأمور، أنهم يصبون الزيت فوق النار، ويسلطون ترسانتهم الإعلامية المؤججة للحروب لزيادة سعير هذه الحرب، بدلا من إيقافها.
نرفض غزو دولة لدولة أخرى مهما كانت الأسباب، فذلك لعب بالنار وسوف يخلق العداء بين شعبين كانا إلى فترة شعباً واحداً وتربطهم علاقات متينة اجتماعية واقتصادية وثقافية، لربما كان للعامل الاقتصادي دور في الصراع، خصوصاً أن البلدين يملكان من الموارد الطبيعية في مجال الطاقة وكذلك الزراعة واعتماد أوربا عليهما أحد العوامل الذي لا ترغب به أمريكا والتي لا تريد علاقة طيبة وطبيعية بين أوربا وروسيا، فأن ذلك يعزز العلاقة بينهما مستقبلاً وربما يبعد أوربا عنها، بل تريد صراعاً واختلافاً بين أوربا وروسيا، لذلك خططت وشجعت ودعمت نظاماً جديداً في أوكرانيا لخلق حالة توتر ومن ثم إشعال الحرب بينهما وإظهار روسيا كونها دولة مستبدة تسعى للتوسع وابتلاع أوربا، وهذه هو الفخ الذي وقع به بوتين. ورغم وجود مشاكل بين البلدين على مصير مقاطعات كانت ضمن الاتحاد السوفيتي سابقاً ومنها القرم وبعض الصناعات والمناجم، لكن كان بالإمكان حل كل ذلك عبر المفاوضات وبعيداً عن الحرب، خصوصاً وأن هناك اتفاقية مينسك والتي تنص أن تحتفظ اوكرانيا بحيادها وعدم دخولها إلى حلف الناتو، وأن تحترم وترعى جميع المواطنين دون تمييز كون هنالك نسبة كبيرة من الروس في أقليمي دونسيك والدنباس.
لكن الحكام الجدد في أوكرانيا لم يلتزموا بالاتفاقيات وكما هو مخطط لهم، استمروا بنهجٍ معادٍ لروسيا والسعي لدخول حلف الناتو، مما يهدد روسيا ويجعلها محاطة بترسانة من الاسلحة والقواعد العسكرية لحلف الناتو، وهذا ما لا ترضاه روسيا.
البعض يعتقد أن بوتين هو الأممي الجديد بينما هو يمثل حزب قومي ويملك شخصياً المليارات، ولديه نزعة سياسية استحواذية، فهو يمسك السلطة في روسيا لعقود وربما وجوده كان ضرورياً ومهماً، لكن الاستمرار في السلطة لفترة طويلة تعطي لصاحبها روح العظمة والاستقواء.
المشكلة إذن حلف الناتو والانضمام اليه من قبل أوكرانيا، والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا يستمر حلف الناتو بالوجود حتى اليوم رغم انتهاء حلف وارشو والمعسكر الاشتراكي والحرب الباردة؟ ولماذا يريد حلف الناتو التوسع وهل يخدم هذا الحلف مصالح شعوب الدول المنضمة إليه؟
الجواب، لا بل هو حلف عدواني عسكري يراد منه أن يكون اليد الضاربة لكل نظام لا ينصاع للولايات المتحدة وحلفائها، ويقف هذا الحلف ضد إرادة الشعوب المحبة للسلام والتآخي والتضامن.
هذا الحلف يخشى من روسيا والصين وكوريا والهند وحتى إيران، ويحاول إضعاف هذه البلدان من النواحي العسكرية والاقتصادي، لكن هذه البلدان هي الأكثر مساحةً وعدداً والأقوى اقتصادياً، بل وحتى عسكرياً، فما الحل؟؟
الحل، هو إنهاء وحل حلف الناتو والتوقف عن سياسة سباق التسلح، وإنهاء الحروب بأنواعها الحارة والباردة والدافئة، والابتعاد عن النزعة والأفكار العنصرية والشوفينية، وإلا حرب عالمية جديدة تنهي الأخضر واليابس.
لنرفع شعار معاداة التسلح والحروب وضرورة حل حلف الناتو. ومعاداة الأفكار العنصرية والشوفينية.
إيقاف الحرب فوراً والدخول في مفاوضات سلمية تعيد الأمن والأمان للجميع.
حياد أوكرانيا والدول الأخرى المجاورة لروسيا ضرورة لضمان الأمن والسلام في أوروبا.