الحرب في لبنان

لبنان.. ليت البكاء وحده يكفي

: 10/11/24, 4:32 PM
Updated: 10/11/24, 4:34 PM
لبنان.. ليت البكاء وحده يكفي

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

الكومبس – رأي: جميع أنصار الإنسانية الذين يشاهدون الدمار في غزة ولبنان يتعاطفون مع شعوبهما. مع الملايين من الناس الذين أجبروا على الهروب. يتعاطفون مع جميع الأطفال الذين قتلوا، وعشرات الآلاف الآخرين المدفونين تحت الأنقاض.

لم أتمكن من زيارة غزة، ولكنني سافرت إلى لبنان عدة مرات منذ فترة المراهقة. لا يوجد مفاضلة في التعاطف، ولكن الشعور يختلف عندما تسير بين أشجار الأرز التاريخية. هذه الأشجار التي تزين العلم اللبناني، والتي اعتبرها الفراعنة الأعلى جودة. لم يتبقّ الكثير من هذه الأشجار، ولكن في أعالي جبال بشري، على بعد بضع كيلومترات من شمال وادي البقاع الذي يُقصف بلا رحمة الآن، لا يزال بإمكانك زيارة أرز الرب.

يمكنك التجول بين هذه الأشجار القديمة دون دفع رسم دخول. بعض الأشجار، التي يزيد عددها عن 20 شجرة في هذه الغابة الصغيرة، يُقال إن عمرها يتجاوز 3000 عام. كنت هناك مع امرأة عانت من صدمات عميقة منذ طفولته. كانت تنظر إلى الأشجار، التي يصل ارتفاع بعضها إلى 35 متراً، وتشم رائحة الأرز. كانت الحرارة حارقة في الصيف اللبناني حينها، ولكن النسائم الباردة كانت تهب في الجبال. فجأة، سقطت على ركبتيها وبدأت تبكي. ليس من الحزن، بل من الفرح، لأن هذا المكان ذكّرها بكل الذكريات الجميلة من طفولتها، والتي اكتشفت أنها تحوي من هذه الذكريات أكثر من تلك التي سببت لها صدمات مستمرة.

الشعور يختلف عندما تتذوق زيت الزيتون اللبناني والحمص الناعم كالقشدة. عندما تسبح في البحر قرب الآثار الفينيقية، وتغمس السمك الطازج في الطحينة. عندما تحبّ وتكره في لبنان. عندما تغير إطار السيارة على جانب الطريق في طريقك إلى حفل عيد ميلاد. عندما تختبر جيلين من الطهاة الأرمن وهم يتبّلون شريحة من الطحال ويدخّنون في الوقت نفسه سيجار لانسيرو في مطعم Varouj. عندما تقف على حلبة الرقص في نادٍ ليلي ويفتح السقف فجأة ليكشف عن النجوم، بينما يسمع الأذان من بعيد في الخلفية. عندما تشرب البيرة المكسيكية وتضحك مع الكوميديا اللبنانية في مسرح “مترو المدينة”. عندما ترى نفس الأشخاص يشاركون في مظاهرة لحزب الله ويذهبون إلى حفلة كويرية.

حساب الإنستغرام Radio Karantina، الذي عادة ما يشارك مواد أرشيفية وتراثية عربية، قام في الأيام الأخيرة بالتجول في بيروت وتصوير المشاهد من نافذة السيارة مع هاشتاغ #taxikarantina. لا يوجد شيء مميز في هذه الفيديوهات. فقط ترى السيارات والدراجات النارية تمر بسرعة بين المباني وإشارات المرور. تحصل الفيديوهات على عدد قليل من الإعجابات والمشاهدات. لا أعرف لماذا بدأوا بمشاركة هذه الفيديوهات البسيطة، لكنني أعتقد أن الغرض منها هو إظهار أن الحياة اليومية في بيروت تستمر رغم كل شيء. أو ربما لإظهار الجزء من بيروت الذي لم يتم تدميره بعد. عندما رأيت بالأمس فيديو #taxikarantina وكان السائق يشغل أغنية I Gotta Right to Sing the Blues لبيلي هوليداي، لم أتمالك نفسي.

لبنان، أبكي من أجلك وهذا لا يكفي.

إدغار مانهايمر

الكومبس تنشر المقال مترجماً عن السويدية

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2025.
cookies icon