لدى العرب والمسلمين فرص أفضل في السويد من دول أخرى

: 5/14/21, 11:00 AM
Updated: 5/14/21, 11:00 AM
لدى العرب والمسلمين فرص أفضل في السويد من دول أخرى

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

مقالات الرأي: مع تفاقم الأزمات والصراعات في المنطقة العربية والإسلامية يزداد زحف اليمين المتطرف والمعادي للمسلمين والعرب في أوروبا خاصة والعالم بصفة عامة وبها تنخفض الثقة بالمسلمين في السويد والغرب إلى أدنى مستوياتها في نفس الوقت.

هل هذا وفق مخطط أم محض صدفة؟ على من تقع مسؤولية فهم الاسلام بشكل أفضل وبالتالي خلق علاقات أفضل مع المسلمين هل على عاتق المجتمع والمؤسسات أو السياسيين في هذه الدول، أم أنها مهمة المسلمين في شرح الإسلام بشكل أفضل؟

عن أي إسلام نتحدث يا ترى؟

إنها عملية ذات اتجاهين في نظري. لا يمكن للمسلمين أن يبقوا مسلمين وفقط يعيشون في عزلة فكلما عزلوا أنفسهم عن باقي المجتمع كلما اضطهدوا أكثر وبشكل واسع. فالمسلمون هم مواطنون في السويد وغيرها من الدول الأوروبية المختلفة ولهم حقوق وعليهم واجبات. الملايين من الناس هم مواطنون بالدرجة الأولى منهم سويديون وفرنسيون وبريطانيون وألمان وغيرها – ومسلمون في نفس الوقت

فمن كندا إلى أستراليا ومن الولايات المتحدة إلى أوروبا، لا يكاد المرء أن يجد مجتمعًا غربيًا ليس لديه مشكلة مع أسلوب حياة المسلمين وقيم الإسلام وثقافة العربي.

اليوم، يعيش المسلمون خاصة والعرب بشكل عام بغض النظر عن مكان إقامتهم في الغرب اوقات حرجة، لأنهم موضع شك في غالب الأحيان، وهم موضوع يتم مناقشته باستمرار في الإعلام وبين السياسيين، وطريقة طرح هؤلاء لا تتسم دائما بالشفافية والموضوعية ولا يصب النقاش غالبا في مصلحة قضايا المسلمين والعرب.

قد يفسر البعض ان الدافع وراء نقاش وضع المسلمين والاسلام وثقافة العربي على مستويات مختلفة في المجتمعات الغربية الهدف منه جعل الحياة غير مريحة وصعبة للمسلمين لدرجة أنهم يضطرون إما التخلي عن دينهم أو مغادرة السويد وأوروبا والعالم الى وجهة غير معروفة خارج الارض.

يمكن ان يخلص بنا القول الى ان المسلمين والعرب اليوم امام خيارين. الخيار الأول هو أن يشعر المسلمون والعرب بأنهم “ضحية” مؤامرة تحاك ضدهم قصد تطهيرهم من خلال مختلف الأحداث والجرائم التي تحدث باسم الإسلام والإسلام والعرب براء منها والتي تؤدي بدورها إلى قيام بعض المسلمين والعرب بدور دفاعي لما يتعرضون له من تمييز خفي وواضح في شكل صور نمطية وكاذبة يقدمها الإعلام وبعض السياسيين في غالب الأحيان بشكل يومي ومنظم.

اما الخيار الثاني هو مواجهة كل ما يتم باسم المسلمين والإسلام والعرب بأقصى قدر من الإصرار والالتزام بقوانين البلد لتجنب أن ينتهي بهم الأمر الى الشعور بأنهم “ضحية”، أي أن يصبحوا مواطنين فاعلين وجزء مهم من تركيبة المجتمع الغربي ولا يتنازلون عن الدفاع عن أنفسهم بوسائل يشرعها القانون.

هل يمكن للمسلمين والعرب أن يعيشوا في وسط المجتمعات الغربية دون أن يشتبه فيهم؟

ويبقي السؤال المطروح: هل يمكن للمسلمين والعرب أن يعيشوا في وسط المجتمعات الغربية دون أن يشتبه فيهم؟ وهذا ما يقلق المسلمين بشكل كبير في هذه المجتمعات. ما يقلق الكثير من المسلمين هو أنه يمكن الاشتباه في أي شخص مسلم واتهامه بالإرهاب والرجعية في أي وقت ما.

يمكن القول إن الثقة في المسلمين، سواء كانت تُمارس أم لا، منخفضة جدًا في الوقت الحالي، ولكن مع كل ما يحاك ضدهم لا يزال المسلمين يعملون على ان يثبتوا انهم مواطنين مثلهم مثل غيرهم في المجتمعات الغربية. هناك تقارير شبه يومية عن انتهاكات وتمييز مختلفة يتعرض لها الكثير من المسلمين لها بلا رحمة، ولكن في النهاية الكرة ليست فقط في النصف المسلم من الملعب.

في الواقع، لن يتغير شيء إلا إذا قرر المسلمون وجميع المواطنين المسالمين المخلصين من السويديين وغيرهم من وضع حد للخوف من الإسلام والمسلمين بشكل عام. خوف نما تدريجياً في كل المجتمعات حول العالم. ما يحتاجه المسلمون اليوم هو استعادة الثقة في المجتمعات التي يعيشون فيها، وبعبارة أخرى، فإنهم يحتاجوا الى “ثورة ثقة” وهي ضرورية للمسلمين الذين لن يحققوا أهدافهم إلا من خلال التعليم. والدخول في النقاش في قضايا تهمهم من خلال الانخراط في السياسة والإعلام وتحديد مسؤولية المؤسسات الإعلامية والسياسية في السويد وأوروبا في موضوع الدعاية المغرضة ضد المسلمين والنشر الكاذب للخوف من الإسلام والمسلمين.

فلذا يجب إعطاء مساحة أكبر إلى تصحيح تصورات المجتمعات الغربية لقيم الإسلام، وكذلك الحاجة إلى مسؤولية المسلمين وحقهم في أن يصبحوا شركاء كاملين في مجتمع ديمقراطي. لا ينبغي أن يُنظر إلى المسلمين على أنهم أفراد ودعاة دين فقط. أن تكون مسلمًا لا يعني فقط أن تقول: ” ان الإسلام ليس دينًا عنيفًا وعنصري ولكنه دين عادل ومسالم”. لا، الأمر يتعلق بأكثر من ذلك. فالإسلام هو الادب والعمارة والكتب والشعر والفن والأخلاق والاعلام والسياسة والرياضة والفكر والحضارة على سبيل المثال.

نستطيع ان نقول ان لدى المسلمين في السويد فرص أفضل في تغير واقعهم مقارنة بالعديد من المسلمين الآخرين في أوروبا

لا يمكن اختزال مساهمة المسلمين في بناء المجتمعات الغربية في كونها ذات “طبيعة دينية” فقط. فعلى المجتمع الغربي والسياسيين والاعلامين والأكاديميين تغيير نظرتهم عن الإسلام في السويد والغرب، وتشجيع اقامة علاقات بين المسلمين وبقية المجتمع وكما تقع مسؤولية أخرى على المسلمين في شرح قيم الإسلام بشكل أفضل من خلال ممارساتهم اليومية عند التعامل مع الأخر. العبادات الفردية لا تكفي لشرح الإسلام. الإسلام وقيمه يصل للآخر من خلال الاحتكاك والمعاملة اليومية.

خلاصة القول نستطيع ان نقول ان لدى المسلمين في السويد فرص أفضل في تغير واقعهم مقارنة بالعديد من المسلمين الآخرين في أوروبا ويمكن أن يصبحوا جزءًا من المجتمع السويدي. هذا من خلال الانخراط في القضايا المجتمعية، والقضايا البيئية، ومناقشة البطالة، وقضايا الإسكان، وقضايا التمييز العنصري التي لا تهم فقط المسلمين، من أجل تحسين سمعة المسلمين المتدهورة. ومن أجل اندماج ناجح، يجب أن نتوفق عن الحديث عن اندماج المسلمين. يجب أن نغير طرح السؤال المتعارف عليه” من أين أتيت ومادينك؟” وبدلاً من ذلك أن نركز على: إلى أين نحن ذاهبون – معًا؟ ونحن هنا تعود على كل أفراد المجتمع سواء كانوا سويديين او مسلمين او غيرهم.

د. العيد بوعكاز

استاذ وباحث في علوم التربية

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.