لنضيء عتمة كورونا بزينة الميلاد

: 12/8/20, 11:48 AM
Updated: 12/8/20, 11:48 AM
Processed with VSCO with a5 preset
Processed with VSCO with a5 preset

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

الكومبس – مقالات الرأي: تتزامن أعياد الميلاد ورأس السنة هذا العام 2020 مع أوضاع استثنائية يشهدها العالم بأجمعه تقريباً، ويتمثل ذلك بوباء كورونا، الفايروس الذي وحّد العالم في جبهة مشتركة تسعى للقضاء عليه وانتشال البشرية من انيابه.

وفي مثل هذا الوقت من العام، اعتادت الكثير من العائلات تزيين منازلها والاكثار من المصابيح الضوئية الملونة على الشرفات أو في الحدائق ووضع اكسسوارات العيد المبهجة في الواجهات.

وتشكل هذه الزينة جزء رئيسياً من حياة الناس في مثل هذا الوقت من العام في السويد في الوقت الذي لا تُحسد على طقسها في هذه الفترة، اذ تكون الظلمة حالكة وسط غياب الثلوج، حيث ان الشمس ابعد ما تكون عن مرأى العيون، وكل ما يربط أوقات النهار بنهارات الجزء المشمس من الكرة الأرضية، هو ضوء باهت جداً، يولد الكآبة والوجع لدى البعض.

الحياة لا تتوقف عند حد معين، وان الانسان عليه ان يسعد أيامه وينتشل نفسه من الوقوع فريسة في شباك اليأس وفقدان الأمل

قسّم فايروس كورونا الناس الى فريقين حول طريقة الاحتفال بالأعياد هذا العام، إذ يرى البعض وخاصة ممن فقدوا عزيزاً لهم بسبب الوباء، ان الحديث عن الاحتفال بالأعياد وتزيين المنزل او شراء الهدايا هو ليس أكثر من استهتار بالظروف التي يمر بها العالم وبظروفهم الشخصية على نحو خاص.

فيما يرى الفريق الآخر، ان الحياة لا تتوقف عند حد معين، وان الانسان عليه ان يسعد أيامه وينتشل نفسه من الوقوع فريسة في شباك اليأس وفقدان الأمل من خلال تمسكه بأبسط أشكال الفرح، رغم ما تحمله الكلمة الأخيرة من مطاطية، تتحدد خطوطها العامة بمنظور الانسان للحياة وفلسفته في فهمه للأمور، فهناك أشخاص لديهم قدرة يُحسدون عليها بالمضي قدماً وعدم الوقوف طويلاً عند حالة أو موقف صعب يمرون فيه.

والحقيقة انه لا يمكن تغاضي النظر عن الرأيين، فكلاهما له أساس منطقي يرتكز عليه بفارق ان أصحاب الرأي الثاني يتميزون بأن لهم عدسة ضوئية خاصة في بصرهم تمكنهم من إضافة بعض الألوان المبهجة الى السواد التي يسهل على الأنسان النظر به الى الأمور. وتلك قدرة قد تصل الى حدود الموهبة في تجميل الأيام وجعلها اقل إيلاماً.

انها ببساطة قدرة السيطرة على الأفكار السلبية وترويضها قدر الإمكان قبل ان تسيطر على العقل وتتحكم بتسييره، واضعين في نظر الاعتبار ان من السهل جداً وقوع الانسان في شباك فقدان الأمل إذا لم ينقذ نفسه بنفسه وسط ما نعيشه من عالم تراجيدي متغاير.

ليس من الحكمة انتظار الأفراح على موائد ذهبية

هذه تفاهة؟ قد يصف البعض الفكرة بذلك. الا أن من خبر الحياة وخاض الكثير من تجاربها المريرة وذاق طعم الصعاب وتوالت عليه الخيبات، يُدرك ان تلك قوة وليست أية قوة. ان يملك الانسان القدرة على لجم زمام النفس وقيادتها وترويض الاحزان والأفكار والنظر الى الامام بثبات، هي قوة لا يمكن لمن لا يملكها ذمها او نكرانها.

احتفالات هذا العام بأعياد الميلاد أو بأعياد أخرى لا يهم ان كانت عن معتقدات الفرد الخاصة او عن رغبة في اخذ استراحة قصيرة من مد هذا العام الجارف، قد تكون ضرورية حتى بالنسبة للذين لديهم رأي مختلف في ذلك.

ليس من الحكمة انتظار الأفراح على موائد ذهبية وفق ما تربينا عليه من أفكار ومفاهيم خاطئة، يكفي إيقاد شمعة او تعليق نشرة ضوئية على شرفة أو واجهة المنزل، لكن قبلها يجب اضاءة الضوء في دواخلنا والتصالح مع أنفسنا ومع الأخرين، فاللحظات السعيدة لا تجازف بطرق أبواب القلوب المغلقة.

لينا سياوش

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.