المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
الكومبس – مقالات رأي: قرأنا مند أيام خبراً يمكن أن يكون صادما للبعض، خاصة للمهتمين بتأثير الثقافة على الاندماج، الخبر هو حول تقرير نشره التلفزيون السويدي، يقول إن كتابين فقط تُرجما إلى اللغة السويدية من العربية، خلال عام كامل، مشيرا إلى وجود نقص كبير في عدد الكتب العربية المترجمة إلى السويدية.
ويقارن التقرير مع كتب بلغات أخرى مترجمة للغة السويدية، خلال العام الماضي أيضا، حيث تمت ترجمة 7 كتب باللغة الفنلندية، و54 كتاباً باللغة الفرنسية، و508 كتب من الإنكليزية إلى السويدية. الصدمة هي أن عدد أفراد الجاليات العربية والناطقة بالعربية هو الأكبر في السويد، وأن هذه الجالية اللغوية قدمت وأثرت على التنوع الثقافي في السويد بشكل رائع، من خلال مساهمة أفرادها في مختلف النواحي الثقافية والفنية والرياضية والمهنية.
لكن يبقى لموضوع ترجمة الكتب من لغة إلى أخرى أهمية خاصة في عملية التعارف الثقافي والتواصل مع الآخر، وتعطي عادة حركة الترجمة تكوين الانطباعات الواقعية والاهتمام بكيفية تفكير وعقلية الآخر ومدى تطور الحياة الثقافية والمعرفية لديه.
وكما نعلم فإن عملية الاندماج يجب أن تجري ضمن اتجاهين متقابلين، ليس فقط على القادم إلى السويد أن يعرف ويتعرف على مجتمعه الجديد، بل على المجتمع الجديد أيضا أن يحاول التعرف أكثر على من يستقبلهم عنده، والتالي يجب أن يساهم هذا الاتجاه بتغيير نظرة السويدي للمهاجرين على أنهم مجرد لاجئين يستحقون الشفقة والرعاية أحيانا، أو على أنهم أغراب وأشرار أحيانا أخرى.
نعم من السهل الآن أن نجد بين الجاليات العربية الطبيب الناجح والمهندس المميز والرياضي أو المغني المشهور، ومن السهل أن نجد العديد من أصحاب المهن والحرف المبدعين أيضا بعملهم، كما نرى أيضا كيف غزت المأكولات ومواد الغذاء العربية مطابخ السويديين وموائدهم، ولكن لماذا نجد فقط كتابيين عربيين تُرجما خلال سنة، مقابل أعدد أكثر من كتب لغات أخرى لها تمثيل أقل في المجتمع السويدي؟ في البحث عن السبب في شح الترجمة من العربية إلى السويدية، نجد من يقول إن عدم وجود كتب مناسبة أصلا تستهوي القراء السويديين، وبالتالي قلة الطلب عليها هو من أهم أسباب هذا الشح إضافة إلى عدم وجود مترجمين أكفاء ، أخرون يعتقدون أن التقصير هو من المؤسسات السويدية المعني ومن دور النشر التي من المفترض أن تهتم أكثر بالترجمة؟
يوهانس هولمكفيست، المدير في شركة ترانان للنشر، يرمي اللوم على عدم اهتمام دور النشر بالترجمة إجمالا، بعد أن أبدى استغربه من قلة الكتب العربية المنقولة للسويدية قائلا: ” ما زلت أعتقد أنه (كتابين فقط) رقم منخفض بشكل ملحوظ إذا أخذنا بالاعتبار أن اللغة العربية هي ثاني أكثر اللغات تحدثًا في السويد كما أنها منتشرة في العالم”. مدير شركة ترانان للنشر لا يتفق أيضاً مع التفسير القائل، بأنه غالباً ما يتم تسليط الضوء على قلة الطلب وقلة المترجمين كأسباب لنقص وجود الكتب العربية المترجمة للسويدية. مضيفاً ” لا يوجد الكثير من الناشرين الذين يقرؤون أو يمكنهم المشاركة في الأدب العربي. إنها ليست مسألة عدم وجود مترجمين، لأن هناك العديد من المترجمين الجيدين… إنه بالأحرى عدم اهتمام بالترجمة من جانب الناشرين”.
لكن لدى دانييل ساندستروم، من دار نشر ألبرت بونييه، وجهة نظر مختلفة حول هذه المسألة، حيث يعتقد، أن المشكلة تكمن في شكل صناعة الكتاب. وفي قلة انتاج الكتب العربية بسبب عدم وجود الحرية الكافية لدى المؤلفين قائلا: “هناك نقصا في سوق الكتاب في العديد من البلدان الناطقة باللغة العربية حيث يمكن للمؤلفين العمل بحرية”. مضيفاً: “غالباً ما تحتاج الكتب المكتوبة باللغة العربية إلى الترجمة للغات مثل الفرنسية والإنجليزية قبل أن ينقلها الناشرون السويديون”
ويمكن التركيز هنا على دعوة أطلقها ساندستروم تتمثل في إيجاد نظام لاكتشاف المؤلفين في اللغة العربية، عندما قال ” اعتبر أنه بشكل عام فإن سوق الأدب المترجم في السويد صعب للغاية. داعياً لإيجاد نظام لاكتشاف هؤلاء المؤلفين.” لا شك أن البحث عن المواهب وتشجيعها عملية مهمة في تنشيط تأليف الكتب بأنواعها، ويمكن أن يلعب الإعلام هنا دوراً مهماً في اكتشاف المزيد من المواهب. إضافة إلى إيجابية تنظيم معارض للكتب العربية في المدن السويدية كظاهرة جديدة تحتاج إلى تطوير وتعاون مع دور نشر وترجمة عربية وسويدية وعالمية إجمال، بعد أن حقق معرض الكتاب العربي الأول في ستوكهولم نجاحا مميزا، من تنظيم مؤسسة صفحات وبرعاية الكومبس.
يبقى أن نوضح نقطة مهمة تتعلق بعنوان بالربط بين تأليف الكتب وصناعة الفلافل، نحن لا نقلل على الإطلاق من أهمية نشر ثقافة الطعام التي تكونت في منطقتنا منذ مئات السنين ويجب أن نفتخر بأننا ننشرها في العالم، ولكن بالطبع نحن نريد أيضا أن يتعارف علينا المجتمع السويدي من خلال مساهماتنا الثقافية والأدبية المتنوعة ومنها ترجمة الكتب والمسرحيات ومختلف أنواع الآداب والفنون. هذا السؤال يجب أن يكون مفتوحاً بشكل دائم خاصة على دور نشر الكتب العربية التي تزايد عددها في الفترات الأخيرة، وكذلك على العاملين بالشأن الثقافي والفني والأدبي وغيرها، بين أفراد وجمعيات الجاليات العربية.
نجد من يقول إن عدم وجود كتب مناسبة أصلا تستهوي القراء السويديين، هو السبب. من السهل الآن أن نجد بين الجاليات العربية الطبيب الناجح والمهندس المميز والرياضي أو المغني المشهور. عملية الاندماج يجب أن تجري ضمن اتجاهين متقابلين. البحث عن المواهب وتشجيعها عملية مهمة في تنشيط تأليف الكتب، ويمكن أن يلعب الإعلام هنا دوراً مهماً في اكتشاف المزيد من المواهب.
إضافة إلى إيجابية تنظيم معارض للكتب العربية في المدن السويدية كظاهرة جديدة تحتاج إلى تطوير وتعاون مع دور نشر وترجمة.
بن ورد
مقالات الرأي تعبر عن توجهات أصحبها وليست بالضرورة أن تتطابق مع رأي مؤسسة الكومبس الإعلامية