المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
الكومبس – مقالات الرأي: فشل رئيس الوزراء المكلّف بتشكيل الحكومة الجديدة” أولف كريسترسون“ في نيل ثقة البرلمان السويدي صباح اليوم الأربعاء بعد ان كلّفه رئيس البرلمان بهذه المهمة.
وجاء هذا الفشل بعد ان عارضه 195 نائبا مقابل 154 منحوه الثقة من مجموع أعضاء البرلمان البالغ عددهم 349 نائبا.
ومما يجدر ذكره ان الدستور السويدي لا يشترط حصول رئيس الوزراء المكلف على الأغلبية المطلقة أي 175 صوتا بل أشترط ألا تعارض تكليفه الأغلبية المطلقة! بمعنى أنه لو عارض ترشيحه 174 نائبا فإنه كان يمكن له أن يشكل الحكومة حتى وإن كان مؤيديه أقل بكثير من الأغلبية المطلقة فيما لو امتنع بعض المرشحين عن التصويت.
وهذا ما حصل طوال السنوات الأربع الماضية التي شكّل خلالها رئيس الوزراء الحالي ستيفان لوفين الحكومة الحالية بالرغم من ان حزبه فاز ب 113 مقعدا في انتخابات العام 2014 لكنه تحالف مع حزب البيئة الذي فاز ب 16 مقعدا , إلا أن الأغلبية النيابية فشلت في معارضته بالرغم من أن التحالف الحكومي فاز ب 139 مقعدا , وذلك بعد أن امتنعت بعض الأحزاب الممثلة في البرلمان عن معارضته ومرّرت ترشيحه ولم تسقط حكومته التي تعتبر حكومة أقلية طوال هذه السنوات الأربع المنصرمة.
وقد تكرر سيناريو عدم فوز أي حزب او تحالف بأغلبية مقاعد مجلس النواب في الانتخابات الأخيرة التي جرت في شهر سبتمبر الماضي والتي تراجع خلالها الحزب الاشتراكي الحاكم إذ حصل على 100 مقعد فقط, فيما حصل تحالف اليسار المشكل من الاشتراكي وحزبي اليسار والبيئة على 144 مقعدا فيما فاز تحالف اليمين الذي يقوده حزب المحافظين ب 143 مقعدا, وكانت المفاجأة في فوز الحزب اليميني المتطرف ”الديمقراطيون السويديون“ ب 62 مقعدا , مما أهله للعب دور بيضة القبان لترشيح إحدى التحالفين لتشكيل الحكومة الجديدة.
ونظرا لإصرار كلا تحالفي اليسار واليمين على عدم الاستعانة بهذا الحزب لتشكيل الحكومة ولأسباب مبدئية, فقد فشل زعيم حزب المحافظين ”أولف كريسترسون“ الذي فاز حزبه ب 70 مقعدا فقط , في تشكيل الحكومة بعد أن رفض التعاون مع الحزب اليميني المتطرف. وبعد ذلك كلّف رئيس البرلمان الذي يمتلك سلطات واسعة رئيس الوزراء الحالي وزعيم الحزب الإشتراكي ” ستيفان لوفين“ بالنهوض بالمهمة ولكنه وبعد أسبوعين أعلن تخليه عن المهمة بعد ان أيقن بتصويت الأغلبية المطلقة ضد ترشيحه وخاصة بعد ان نجح البرلمان الجديد في اول جلسة له في إقالته وتحويل حكومته الى حكومة تصريف أعمال.
وبعد فشل هاتين المحاولتين فإن الكرة عادت الى ساحة رئيس البرلمان الذي كلف رئيس اكبر حزبين واكبر تحالفين بتشكيل الحكومة, وحينها بدأ مشاورات مع كافة الأحزاب لمعرفة الخطوة المقبلة, وقد قرر أخيرا إعادة تكليف زعيم المحافظين بتشكيل الحكومة شرط ان يخضع للتصويت في البرلمان. لكن كريسترسون وتحالف المحافظين واجه أكبر ازمة في تاريخ هذا التحالف المكون من اربعة احزاب وهي المحافظون والمسيحيون الديمقراطيون والوسط والأحرار, إذ أعلن الحزبين الأخيرين معارضتهما لتكليف كريسترسون , وذلك لمنع الحزب اليميني المتطرف من الحصول على المزيد من التأثير في السياسة السويدية وخاصة بعد ان أعلن هذا الحزب دعمه لترشيح كريسترسون.
وقد حصل صباح اليوم ما كان متوقعا إذ صوت 195 نائبا ضد ترشيحه حيث صوت نواب كل من الحزب الاشتراكي واليسار والبيئة والوسط والحزب الليبرالي ضده فيما لم ينل كريسترسون سوى ثقة حزب المحافظين والحزب اليميني المتطرف الذي يسعى الى تبني سياسات متشددة حيال المهاجرين.
ومع فشل هذه المحاولة فإن الكرة تعود مرة أخرى الى ساحة رئيس البرلمان ”أندرياس نورلين“ الذي سيقرر لاحقا الخطوة المقبلة والتي قد تكون تكليف رئيس الوزراء الحالي ”ليفين“ وعرض ترشيحه للتصويت في البرلمان. وتبدو حظوظ لوفين اكبر من كريسترسون إذ انه سيحظى بالتأكيد بمعارضة 154 نائبا فقط , لكنه من غير المعلوم إن كان حزبي الوسط والليبراليين سيمتنعان عن التصويت أو يصوتان ضده, وفي حال امتناعهما فإن لوفين سيشكل الحكومة الجديدة.
لكن هذا الاحتمال يبدو غير مرجحا وخاصة بعد أن دعا حزب البيئة حليف لوفين الى تكليف زعيمة حزب الوسط ”آني لوف“ لتشكيل الحكومة بالرغم من أن حزبها لم يفز إلا ب 22 مقعدا ! (وهنا لابد من الإشارة الى ان القانون السويدي المتعلق بالانتخابات يشترط حصول أي حزب على مالا يقل عن 4% من أصوات الناخبين لدخول البرلمان, وذلك لمنع دخول الأحزاب الصغيرة) لكن لوف أصبحت حلا وسطا , ويبدو أن خيار تكليفها سيكون الأخير من أربع محاولات فقط يُسمح بها لرئيس البرلمان بتكليف المرشحين, إذ من المرجح أن يتم تكليف ستيفان ليفين وفي حال معارضة الأغلبية النيابية له , فإنه من المتوقع ان تكون المحاولة الثالثة او الرابعة هي إعادة تكليف كريسترسون في حال تلقي رئيس البرلمان إشارات من حزبي الوسط والليبراليين تفيد بتغيير موقفهما منه , وبغير ذلك فإن الخيار الأخير هو تكليف زعيمة حزب الوسط بتشكيل الحكومة , وهي التي تدعو الى تشكيل حكومة عابرة للتحالفين وتستثني الحزب اليميني وحزب اليسار .
وأما في حال فشل المحاولة الرابعة فلا يتبقى من خيار سوى الدعوة الى إجراء انتخابات جديدة خلال مدة ثلاثة شهور, وهو الخيار التي تحاول معظم الأحزاب السويدية تجنبه وخاصة وانه لم يتحقق في تاريخ السويد إلا مرة واحدة في العام 1958.
ساهر عريبي
sailhms@yahoo.com