المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
الكومبس – مقالات الشركاء: وقف المحاضر أمام طلابه ومعه بعض الوسائل التعليمية، ودون أن يتكلم بدأ المحاضرة الأولى بتناول جرة زجاجية كبيرة فارغة، وأخذ يملأها بالحجارة الكبيرة، ثم سأل الطلاب أترون.. إنها ممتلئة أليست كذلك؟ فأجابوا نعم، هي كذلك.
ثم تناول وعاءً صغيراً من الحصى، وسكبه داخل الجرة ثم رجها بشدة حتى تخلل الحصى الحجارة الكبيرة وملأ الفراغات بينها ثم سألهم نفس السؤال؟ فكانت نفس الإجابة من الطلاب… ثم تناول كيساً من الرمل وسكبه فوق محتويات الجرة فملأ الرمل باقي الفراغات فيها، فكرر السؤال وبالتالي تكررت نفس الإجابة.. سكب المحاضر بعدها فنجاناً من القهوة داخل الزجاجة فضحك الطلاب، وبعد أن هدأ الضحك شرع المحاضر في الحديث قائلا: الآن أريدكم أن تعرفوا أن هذه الجرة تمثل حياة كل واحد منكم، والحصى تمثل الأشياء الضرورية في حياتك مثل: قيمك، مبادئك، أخلاقك، عائلتك, أطفالك، صحتك.. وهذه تعتبر الركائز الأساسية لحياتك وصحتك النفسية وبالتالي أي خلل فيها يحدث أثراً كبيراً.
أما الحصى فتمثل الأشياء المهمة في حياتك مثل: أصدقائك، بيتك، سيارتك، هواياتك.. والرمل يمثل الأمور الثانوية مثل: السفر، أثاث المنزل، وسائل الترفيه…
فلو كنت قد وضعت الرمل في الزجاجة أولاً فلن يتبقى مكاناً للحصى أو الحجارة، وهذا يسري على حياتك الواقعية كلها، قلو صرفت كل وقتك وجهدك في هوامش الأمور فلن يتبقى حيزاً للمهام الجسيمة التي تهمك .. حدد أولوياتك فالبقية مجرد رمل. لذلك
وحين انتهى المحاضر من حديثه الرائع رفع أحد الطلاب يده متسائلاً: إنك لم تبين لنا ما تمثله القهوة؟ .. ابتسم المحاضر وقال: أنا سعيد جدا بسؤالك.. أضفت القهوة فقط لأوضح لكم أنه مهما كانت حياتك مليئة فسيبقى هناك دائماً مساحة لفنجان من القهوة مع صديق او مع من تحب!!
وماذا عن جرتك أنت؟
هل اختلفت اهتماماتك وتغيرت احتياجاتك في البلد الجديد؟
هل باتت ساعات اليوم الواحد قليلة أوغير منتظمة لتنجز كل ما خططت له لدرجة أنك افتقدت لفنجان القهوة بصحبة أصدقائك؟
هل حاولت إدراك ما اختلف ولماذا باتت حياتك الحالية مختلفة عن حياتك في الماضي ؟
بالطبع إن اختلاف العوامل البيئية والاجتماعية في البلد الجديد يؤدي إلى اختلاف نمط حياتك إلا أنه على الرغم من الظروف المحيطة بك في بلدك الجديد، يبقى دوماً متسعاً لترتيب حياتك وتنظيم يومك وإعادة ترتيب جرتك بما يتناسب مع أولوياتك واهتماماتك.
عبرة جديدة تستطيع أن تستقيها من المثل السابق ليكون بمقدورك التركيز على أولوياتك في الحياة مع الأخذ بعين الاعتبار أنه ليس بالضرورة أن تتشابه جرتك مع جرة الآخر ، فببساطة ما تعتبره أولياً وضرورياً في حياتك ليس بالضرورة أن يكون كذلك بالنسبة للآخر.
التواصل الداعم والصليب الأحمر:
قد تختل جرتك أحياناً بحسب الظروف المحيطة بك وخاصة عندما تكون ظروفاً غير اعتيادية، فتتشتت أفكارك ولا تقوى على التركيز والتخطيط بالشكل الصائب وهنا تكون بحاجة للتواصل مع أشخاص قادرين أن يقدموا لك الدعم الصحيح لتستطيع أن تستجمع قواك وتستعيد نشاطك لتتعود على محيطك الجديد وبالتالي تكون قادراً على التفكير والتركيز بشكل أفضل.
ليس بمقدور كل شخص أن يكون داعماً للآخر إن لم يكن منفتحاً عليه مجرداً نفسه من أي حكم مسبق، وقادرا على الإصغاء له هذا ما قاله فيصل بنعلي أحد المتطوعين في مشروع سلامة الجسد و الذي كان مشاركاً في أحد تداريب التواصل الداعم في منظمة الصليب الأحمر في هيلسينبوري
يقول فيصل: إن هذا التدريب ساعدني في عملي التطوعي وجعل من طريقة تواصلي مع الأخر أكثر إتقانا وأكثر تأثيرا وخاصة عندما أقوم بترجمة كلام أحدهم فأنقل الاستفسار بشفافية مجرداً نفسي من أي حكم مسبق وبنفس الوقت مؤثراً بالشخص المتلقي.
مهارات التواصل الشخصي المتبادل ـ الإصغاء والاستجابة
قد يتعرض أي شخص لظروف حياتية صعبة وبالتالي يكون بحاجة لدعم الأشخاص من حوله، فمن أجل أن تكون داعماً للآخراتبع ما يلي:
ـ الإصغاء بمهارة هي أكثر من مجرد إيلاء اهتمام لما يقال.
ـ كن مستجيبا.
ـ السعي أولا إلى الفهم ثم إلى أن تُفهم.
ـ ركز على ما يقال.
ـ كن مستمعاً نشطاً من خلال إعطاء إشارات لا لفظية (تعطي اهتمام، تهز الرأس،تؤكد القول).
ـ كن على علم بما تتحيز له أو ضده، وبالقيم الموجودة لديك فهي قد تشوه ما تستمع إليه.
ـ استمع وابحث عن المشاعر والافتراضات الأساسية التي تكمن وراء الملاحظات والتعليقات.
ـ لا تفكر بإجابتك وتتدرب عليها أثناء تحدث الشخص الأخر.
ـ لا تقاطع كلام الاخرين من أجل تصحيح الأخطاء او إثارة بعض النقاط.
ـ اصمت لبرهة من الوقت للتفكير قبل الإجابة.
ـ لا تصدر أحكاماً على الأخرين.
ـ استخدم بعض الأسئلة أو العبارات الاستيضاحية للتأكد من فهمك لما يقال.
ـ لا تصرعلى أن تكون أخر المتكلمين.
ـ حاول أن تكون معظم أسئلتك من النوع ذات الإجابات المفتوحة.
ـ أطلب مزيداً من التفاصيل والأمثلة والانطباعات.
إن كنت الشخص الداعم أو الشخص المدعوم فلا تهمل جرتك بل اعتن بها ورتبها كما ترغب ولا تستغني عن فنجان القهوة بصحبة من تحب.
تستطيع التعرف على كل نشاطات الصليب الأحمر عبر الرابط:
منظمة الصليب الأحمر – السويد