المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
منبر الكومبس – افق آخر : منذ اعلان النتائج الرسمية لإنتخابات البرلمان الأوربي والمزاج الأوربي والسويدي قد تغيرا وازدادا انفعالا.
اصبح المزاج اكثر توترا واعلانا ووقاحة كما يفعل “يمي اوكسون” رئيس حزب سفاريا ديموكراترنا وهو يؤلـّب الرأي العام ضد الأجانب ويصعّد من شعبية حزبه بسبب سياسته المضادة للاجئين حتى اصبحت قصصنا وحكاياتنا اليومية تدور حول هذا المد العنصري الجديد المثير للقلق.
ربما ستقلل مباريات كأس العالم القادمة النبرة السياسية من حولنا نحن اللاجئين ، وربما سيسهم شهر الصيام من بعد ذلك بتخفيف حوارات مجموعاتنا وتجمعاتنا وبيوتنا عن مانواجهه ويواجهه ابناؤنا كل يوم. لكن سيظل السؤال يواجهنا دائما: مالذي نحن فاعلون؟ هل ننحسر في تجمعاتنا ونوادينا ومساجدنا نكرر نفس الكلام ونثير عنفا مضادا وعنصرية مقابلة؟ ام نختار منطق العقل والحكمة والواقعية والعقلانية؟
نعم نحن نعاني كل يوم من قصص ينقلها ابناؤنا وما يعانونه كل يوم في المدرسة وساحة اللعب والبيت الثقافي والمكتبة ومن اقرب اصدقائهم السويديين المنخرطين في التيار الجديد.
كما لاتخلو يومياتنا من نظرة عنصرية او موقف او تصرف يحيلنا الى عنصرية البعض من السويديين ممن نقابلهم ولكن كيف يجب ان يكون حوارنا وردنا من اجل المستقبل ؟
اسمع في اللقاءات وفي النادي الرياضي البعض من العرب والمسلمين من حولي يقولون ” هؤلاء الخنازير الغربيين” او ” هؤلاء الكفرة السويديين ” الى آخره من صفات الخطاب الديني او العنصري او القوماني المضاد ” وهو مايعطيني تصورا مفاده كالتالي:
مثلما تكرس لدى بعض السويديين الضيق من منافسة الأجنبي ومن وجوده احساسا عنصريا يمثله صعود احزاب اليمين المتشدد والنازية والعنصرية، فأننا بالمقابل نثقف انفسنا واولادنا على خطاب الصراع والمواجهة والتكفير وهو في رأيي تصعيد متبادل لأزمة قد تعصف بالمستقبل بوجود الكثيرين وبمستقبل ابنائهم .
نعم انا اعرف ان “السيف قد سبق العذل” كما هي المقولة العربية وان اصلاح ” المزاج السويدي والاوربي ” اصبح صعبا.. واعرف في نفس الوقت ان ” مزاج ” اللاجئين قد وصل مرحلة التوتر والقلق والإندفاع الأهوج .. غير اني احاول هنا ان اقترح على الحكماء والعقلاء والبالغين رؤيا للغد تتطلب منا الحكمة والعدل وقراءة مصالح الأغلبية الناضجة من مجتمع اللاجئين.
نحن لاحظنا في فرنسا وانجلترا واسبانيا مافعلته احداث العنف والدم والتكفير من مواقف رسمية اتخذتها البرلمانات والحكومات الأوربية .
ونستطيع ان نستنتج ان التثقيف التكفيري وعدالة ” القصاص” التي يمتليء بها الخطاب قد قادت الكثير من شباب اللاجئين للتورط في حركات ارهابية معلنة على التلفزيون واليوتيوب ومواقع تلك الحركات وهو ماشكل صورة مغايرة وسيئة لمجتمع اللاجئين وحوله الى قنبلة موقوتة بالنسبة لمجتمعات وحكومات دول اللجوء التي يحكمها اليمين المتطرف بقوة .
ولا اجد وسط هذا المعمعان خيارا لنا غير لغة التفاعل الإجابي والحوار من خلال النوادي والأتحادات والنقابات واللجان والبلديات واختيار العناصر التي تمثل مجتمع اللاجئين الوسطيين وان لانترك مشاكل اولادنا في المدارس تمر دون مقابلة المدير او المعلم او التقاء الطرفين وبخاصة ان “يمي اوكسون” يحفز المراهقين والشباب على حمل الفكر العنصري الذي يتحدث به..
وحين توجه الينا دعوة لحضور ندوة تعقد في كنيسة او قاعة صلاة سويدية لايجب ان نفعل كما يفعل الأغلبية بالإمتناع عن الحضور واعلان السبب هو ” نجاسة المكان” وكأن لغة الأيمان واللغة الدبلوماسية ولغة امة” وتعارفوا ” قد عقمت.
نحن مطالبون ان نعكس وجها ايجابيا مرنا يتحمل المسؤولية، كما اننا مطالبون بالتفاعل في حضور احتفالات ابنائنا ومناسباتهم في المدارس وبخاصة ان نهاية العام تقترب وغالبا تحتفل مدارس السويد بحفل ختامي جميل ومعبر يتطلب اظهار حضورنا الإنساني وشراكتنا الإجابيةحين نشارك المجتمع احتفالاته ومناسباته..
واهم شيء مطلوب هو اننا حين نتحدث او نناقش او نهاتف احدا فأننا ينبغي ان لانستعجل الإنفعال والغضب وان نتحدث بهدوء وننظر بعين الرفق وننفتح بعاطفة الحب والإقتراب مع الآخر الذي نتحاور معه
وتذكر سورة لقمان الآية 19″ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ “
عسى ان نؤسس لحوار هاديء وتفكير قويم ..
فاروق سلوم
farouq@alkompis.com