المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
الكومبس – رأي: متلازمة نصادفها في كثير من الأحيان في حياتنا اليومية، تسمى غالبا “المنديل الأحمر” أو بالإنجليزية “Whataboutism” من الممكن توضيحها بالأمثلة لفهم معناها، حيث يُستخدم المثال لتوضيح التعريف وليس العكس.
في الحالات الجدلية، يقوم المتورط بتحويل الانتباه نحو جهة أخرى لتبرير أفعاله أو أفكاره، ويسمح لنفسه وللآخرين بالتنصل من المسؤولية عن الأخطاء. هذه الظاهرة خطيرة لأنها تعمل على تشتيت الانتباه وتقليل فهم الحقيقة.
مثلاً، عندما يُسأل سياسي من الحزب اليمني SD لماذا الاستقصاء والتجني على المهاجرين بقراراته، يحاول تحويل الانتباه إلى أخطاء بعض المهاجرين من ذوي النزعات الاجرامية لتبرير قراراته الخاطئة. وعلى الرغم من أن الجرم الثاني قد يكون أسوأ، إلا أن ذلك لا يُبرر الجرم الأول. متساهلين تماما أن تلك القرارات تضر بحقوق ومصالح العدد الأكبر من المهاجرين ممن يعمل يد بيد ويوم بيوم مع ابناء البلد الأصليين في بناء المجتمع بنظام المواطنة الصالحة واحترام حقوق الآخرين.
وعندما يُظهر هذا النوع من التبرير السلبي نفسه في الحياة اليومية، حيث يُستخدم لتبرير السلوكيات الخاطئة بالاستشهاد بأخطاء الآخرين. هذا يُحول دون حدوث حوار وتفاهم حقيقي، ويعيق التقدم نحو حلول فعّالة.
مثال آخر يسأل احد الآباء ممن يطلق عليهم العوائل المتضررة من قانون الرعاية القسرية، LVU ..لماذا تم سحب أطفالك من قبل السوسيال يبرر في جوابه سلباٌ .. السويد تخطف أطفال المسلمين .. يخفي ويتكتم على أخطائه في علاقته الأسرية مع زوجته وأطفاله أو إهماله لهم مقابل اتهامه للنظام الاداري للشؤون الاجتماعية السوسيال ونظام الدولة في السويد بابشع الاتهامات بوصف السويد دولة مافيات وفساد .. متجاهلا تماما انه بذاته قد يكون يعيش في مسكن من السوسيال ومنهم من يتلقى راتبه أيضاً من السوسيال. ويحظى برعاية طبية واجتماعية من هذه المؤسسة ذاتها .
بالمقابل وعلى الجهة الأخرى نرى أن هذا السلوك يمكن أن يتكرر من قبل بعض القائمين على إدارة السوسيال نفسه، عندما تسأل هذه المؤسسة عن الأخطاء والانتهاكات بحق بعض العوائل والأطفال المتضررة من قانون LVU فيأتي الجواب. . لانقاش ولا حوار مع العوائل ولا فتح ملفات ولا إعادة تحقيقات …ينتهي تبرير هذه المؤسسة الحكومية بتعميم خاطيء بانها حملة تضليل …ولكن نفس هذه الحكومة تجري على قدم وساق التعديلات والتغيرات على قوانين السوسيال وشهدنا اخيرا قرار الحكومة بغلق كل دور رعاية المراهقين SIS.. بسبب مخالفتها لقوانين السوسيال وأهدافه
هذه الظاهرة ليست مجرد تقنين للحوار العقلاني، بل تُعتبر مرضية فكرية ينبغي معالجتها بجدية. يجب أن نتجاوز هذا النوع من التبرير لنتمكن من بناء مجتمع يقوم على النقاش البناء والتفاهم المتبادل.
ولكي نفوت الفرصة على الانتهازيين والمتربصين بالسوء لدولة السويد ومجتمعها بمن فيهم المهاجرين الذين هاجروا بحثاً عن الأمن والآمان.
يمكن أن تتطور هذه المتلازمة لتتحول إلى ظواهر تشبه الإجرام، حيث يرتضي البعض لأنفسهم أن يكونوا أداة بيد المتطرفين واعداء السويد، لأنها كما يروجون دولة غربية معادية لهم، وكما نرى يوجد من يتخفى بأسماء وهمية على المنصات الافتراضية يطلقون الإشاعات وينشرون الفتنة والخوف في نفوس المهاجرين عبر محتويات تافهه ومكشوفه بادعاءات وتبريرات وتشهير وقدح وذم بمن يخالفهم الرأي وتلفيق القصص المفبركة وكل منهم يتوهم انه محور هذه الارض وهو أفضل من الآخرين. وهو بائس هرب من السويد لحجم التناقض الذي أثقل كامله وارتضى لنفسه أن يجلس خارج حدود دولة السويد.
من منظر الإنسانية البسيطة، يمكن أن نفهم أنه لا يمكن لجريمة قتل في مكان ما أن تبرر جريمة قتل أخرى في مكان آخر، ولا يُبرر ارتكاب الظلم في مكان معين ارتكاب ظلم في مكان آخر. الولاء المطلق يزيد من انتشار متلازمة Whataboutism بشكل خطير. ولا يقتصر تأثير هذه المتلازمة على المجال السياسي فقط، بل تؤثر على أي نوع من المناقشات تقريباً، حيث يتم تفسير الأمور بشكل مجحف بناءً على الولاء بدلاً من العدالة والمنطق.
الطبيعة البشرية تميل نحو رفض السلبيات، وهذا أمر إيجابي، ولكن المشكلة تكمن في البحث عن تبريرات خاطئة للأخطاء بتبريرها بأخطاء مشابهة. على السطح، يمكن أن يظهر تبرير الأخطاء بأخطاء مشابهة وتبيان الحجة بالاستشهاد بشكل متشابه، ولكن الفارق يكمن في الهدف والنية. بينما تهدف متلازمة Whataboutism إلى تجنب تبيان الحجة وتغيير اتجاه النقاش لتفادي المسؤولية، فإن تبيان الحجة بالاستشهاد يعمل على تقديم الأدلة لفهم أفضل ومحاولة التوصل إلى حلول بناءة.
لذلك، يُحسن فهم الحوار بشكل منطقي وموضوعي، ويُقدر التفكير بنظرة إنسانية خالية من التحيز والولاء، والتي تركز على الصدق والعدالة، وهو الأسلوب الذي يساعد على بناء جسور التواصل والفهم المتبادل.
فاروق الدباغ