مستقبل طالبي اللجوء وعنق الزجاجة الهنغارية

: 8/12/15, 4:26 PM
Updated: 8/12/15, 4:26 PM
مستقبل طالبي اللجوء وعنق الزجاجة الهنغارية

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

الكومبس – مقالات الرأي : يسلكُ المهاجرون السوريون وغيرهم في هذه الفترة طريقَ البرّ الّذي أصبحَ معروفاً، هذا الطريق الّذي تفاوتت درجة خطورته بين لاجئ وآخر، وفيه تحتّم على العابرين أن يمرّوا بعدّة دول؛ من تركيا إلى اليونان بحراً أو برّاً إلى مقدونيا فصربيا فهنغاريا بوّابة الاتحاد الأوروبي وأوّل دولة أوروبية يعبرها المهاجرون إلى دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، وعلى الرّغم من الإجراءات المختلفة المتعلّقة بكلِّ دولةِ عبور إلّا أنَّ أصعب هذه الإجراءات بالنّسبة للمهاجرين كانت وما زالت هنغاريا.

يدخل المهاجرون الأراضي الهنغارية عن طريق نقاط حدوديّة صربية عدّة، بعض هؤلاء المهاجرين يغامر بالعبور وحده وآخرون بوساطة مهرّبين يؤمّنون لهم العبور من بلغراد العاصمة الصربية إلى فيينا عاصمة النّمسا.

تفرض السلطات الهنغارية في الآونة الأخيرة إجراءات مشدّدة على حدودها مع صربيا بتسييرها دوريات مستمرة معززة بكلاب بوليسية تساعدها في البحث عن المهاجرين في الغابات الحدودية وعلى طول الخطّ الفاصل بين الدولتين فأصبح عبور المهاجرين دون إلقاء القبض عليهم صعباً للغاية، وهذا لا ينفي نجاح العشرات بل المئات يومياً بالعبور متجاوزين تلك الإجراءات.

ما هي إجراءات السلطات الهنغارية في حال إلقاء القبض على المهاجرين ؟

تقوم الشرطة الهنغارية باقتياد المعتقلين من المهاجرين إلى ــــــ هنغار ــــــ كبير يقع في مدينة سَجَد الحدودية، وهناك يجرّد المعتقل من أوراقه الثّبوتية وكلّ مقتنياته ، وتؤخذ بياناتٌ أوليّةٌ منه، ويعطى سواراً بلاستيكياً برقمه وجنسيّته.

ثم ينقل بعد يوم أو يومين إلى مركز الشرطة حيث يوضعُ المهاجرون في أقفاص احتجاز تشبه إلى حدٍّ ما أقفاص الحيوانات الضالّة، ويتم التعامل معهم كمجرمين وقد يحتجز معهم مهربو البشر والمخدّرات ممّن تمَّ إلقاء القبض عليهم على الحدود أيضاً، تُمارس في هذه الأقفاص ضغوط نفسية عبر أفراد الشرطة والمترجمين والموظفين، كما يتعرض المهاجرون إلى ضغوط جسدية بسبب زيادة أعدادهم في هذه الأقفاص بشكل يفوق طاقتها الاستيعابية من البشر، أضف إلى نقص وجبات الطعام واقتصارها على قطعة خبز مع شريحة جبن أو رقاقة من اللحم المعلّب، ويضطر المحتجزون أيضاً إلى طلب الأذن عند قضاء الحاجة فيرافقهم أحد أفراد الشرطة، وهذه المعاملة اللاإنسانية لا يُميَّز فيها بين كبير سنٍّ أو امرأة أو طفل فالكلّ سواسية كالحيوانات السائبة، وقد يُمنع عن المرضى تناول أدويتهم الخاصّة إلى حين انتهاء الإجراءات الّتي قد تطول لأيام.

بعد عملية الضّغط هذه يُطلب من المحتجزين أن يبصموا على جهاز خاص وأن يوقعوا على ورقة طلب اللجوء، يرضخ البعض طبعاً ويمتثل. ثم يفرج عن هؤلاء بعد يوم أو يومين ويُعطَوا تذكرة قطار إلى بوابست العاصمة وورقة استقبال في ـ كامب اللاجئين ـ وفي هذه الحالة ينطلقُ المحتجزُ إلى بودابست ومنها يواصل رحلته إلى الدّولة الأوروبية الّتي يريد تقديم اللجوء فيها دون الذّهاب إلى ـــــ كامب اللاجئين ـــــ على الأغلب.

أمّا من يرفض طلب اللجوء فيتم أخذ بصماته بعد تعريته كلّياً وتفتيشه بشكل دقيق وهناك قد تنهمر بعض دموع الحسرة من عيون من خرجوا ليبحثوا عن إنسانية غابت في أوطانهم بفعل الحرب؛ دموع من هربوا من أوطان الحرب والقهر والذل والاستعباد. يُنقل رافضو اللجوء إلى سجنٍ يبعد من 6 إلى 7 ساعات تقريباً على حدود رومانيا مقيّدين في شاحنات بمقاعد خشبية. تُجرى لهم محاكمة جماعية ويتم وضعهم في السجن حتّى انتهاء فترة حكمهم الّتي تتراوح بين أيّام وأسابيع، وبعد انتهاء المدّة يُقتادون إلى الحدود الصربية وتعاد لهم أوراقهم الثّبوتية ومقتنياتهم الشخصية وليس من المستغرب ضياع بعضها أو كلّها أحياناً. على الحدود يتم تسليمهم إلى الشرطة الصربية وتغريمهم بمبلغ 50 يورو للشخص ويُمنحوا هناك تصريح مغادرة بين ثلاثة إلى عشرة أيام، ليحاولوا مجدّداً.

11853923_662845453851521_1054066663_n

إجراء دبلن

يجري على ألسنة النّاس مصطلح بصمة اللجوء وهي تعبير عن حالة الذين قبلوا التّوقيع على طلب اللجوء، ومصطلح البصمة الجنائية وهي تعبير عن حالة أولئك الذين رفضوا طلب اللجوء في هنغاريا. أمّا عن القانون المتعلّق بهذه الحالة إن أراد المهاجر إكمال مسيرته إلى دولة أوروبية أخرى وتقديم اللجوء فيها فيعرف بإجراء دبلن القانون المتفق عليه من قبل 28 دولة إضافة إلى 4 دول مرتبطة بهذا القانون.

هذا الإجراء يحدّد بشكل أولي من هي الدّولة المسؤولة عن دراسة الطّلب في حقِّ اللجوء، ولا يتم قبول طلب اللجوء في الدّولة الّتي تريدها حتّى يتم تحديد من هي الدولة المسؤولة عن اتّخاذ قرار بشأن الطلب.

عدّة أسباب تجعل دولة ما من دول الاتحاد ـ غير تلك الّتي يرغب المهاجر في تقديم اللجوء فيها ـ مسؤولة عن دراسة طلب اللجوء وهي:

  1. إن كان لديك عضو عائلة ـ زوج أو زوجة أو أطفال تحت سن الـ 18 ـ تمَّ منحه الحماية أو طلب اللجوء في دولة دبلن أخرى
  2. إصدار تأشيرة أو تصريح إقامة من قبل دولة دبلن أخرى.
  3. إن كان هناك دليل على أنك سافرت عبر دولة دبلن أخرى حتى وإن لم يكن هناك بصمات.
  4. أخيراً أخذ بصمات في دولة دبلن أخرى ـ حيث تحفظ البصمات في قاعدة بيانات أوروبية تسمى النظام الأوروبي لمضاهاة بصمات الأصابع، وهذا ما يعانيه الكثيرون وخاصة في الآونة الأخيرة عند عبورهم هنغاريا بوّابة الاتحاد الأوروبي.

إذا قرّرت السلطات أنَّ الدولة التي تقيم فيها وترغب بتقديم اللجوء على أراضيها هي المسؤولة عن دراسة الطلب فهذا يعني أنَّ طالب اللجوء قد يظلّ في هذه الدّولة ويتمّ دراسة طلبه فيها.

إذا افترض أن دولة أخرى هي المسؤولة عن دراسة طلب اللجوء فسيطلب من تلك الدولة أن تقبل المسؤولية خلال 3 أشهر من تاريخ تقديم طلبك في الدولة التي وصلت إليها وترغب في تقديم اللجوء فيها. وفي حال تم تقرير مسؤولية الدولة الأخرى بناء على بيانات البصمات فسيتم إرسال الطلب إلى الدولة الأخرى خلال شهرين من لحظة الحصول على النتائج من ـ النظام الأوروبي لمضاهاة بصمات الأصابع.

يجب أن ترد الدولة التي سيرسل إليها الطلب خلال شهرين من استلامه. وإذا لم ترد تلك الدولة خلال هذا الإطار الزمني، فإن هذا يعني أنّها قبلت مسؤولية الطلب.

وإذا قدّم طالب اللجوء طلباً في دولة دبلن أخرى مختلفة عن الّتي يوجد بها حاليّاً، فسيطلب من تلك الدّولة استقباله مجدداً.

يجب أن ترد الدّولة الّتي أرسل إليها الطلب خلال شهر واحد من استلام الطلب أو خلال أسبوعين إذا كان الطلب قائماً على بيانات ـ النظام الأوروبي لمضاهاة بصمات الأصابع ـ وإذا لم ترد تلك الدّولة خلال هذا الإطار الزمني فإنَّ هذا يعني أنّها قبلت المسؤوليّة وتوافق على استقبال طالب اللجوء مجدداً.

لكن إذا لم تكن قد قدمت طلب اللجوء في هذه الدولة وتمَّ رفض طلبك السابق في حقِّ اللجوء في دولة أخرى بقرار نهائي، فيمكن للدّولة التي تقيم فيها وترغب في تقديم اللجوء أن تختار إمّا أن ترسل طلباً إلى الدّولة المسؤولة لكي تستقبلك مجدداً أو أن تتابع عمليّة عودتك إلى دولتك الأصليّة أو مكان إقامتك الدّائم أو إلى دولة ثالثة آمنة.

إذا قبلت دولة أخرى أن تكون مسؤولة عن دراسة الطلب فسيتم إعلامك بقرار دائرة الهجرة في الدولة الّتي تقيم فيها وهو : بأنّه لن تتم دراسة طلبك في حق اللجوء هنا في هذه الدولة، وبأنّه سيتم نقلك إلى الدولة المسؤولة.

في حال عدم موافقة طالب اللجوء على إرساله إلى دولة أخرى لديه إمكانيّة تقديم التماس أو مراجعة ويمكنه طلب تعليق النّقل لمدّة الالتماس أو المراجعة، وعند تلقي طالب اللجوء قرار النّقل الرّسمي من السلطات يكون لديه 21 يوم لتقديم التماس إلى محكمة الهجرة. أثناء هذا الإجراء يكون لدى طالب اللجوء حقّ توكيل محامي، ومساعدة لغوية بشكل مجاني في حال عدم القدرة على تحمُّل التّكاليف.

محمد راجحة

المقالات تعبر عن رأي أصحابها وليس بالضرورة أن تتوافق مع رأي الكومبس

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2025.
cookies icon