الانتخابات الأوروبية

مسلمو السويد والانتخابات الأوروبية

: 4/30/24, 1:25 PM
Updated: 4/30/24, 1:55 PM
مسلمو السويد والانتخابات الأوروبية

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

الكومبس – رأي: في العقود التي خلت كانت جميع انظار الأحزاب السياسية في السويد تتجه مع كل موعد انتخابي نحو المواطنين اتباع الديانة الإسلامية، وتطرح التساؤلات حول مشاركتهم في العملية الانتخابية. ولا يُعرف تحديداً عدد من يتمتع بحق التصويت من المسلمين، لأن القانون العلماني يمنع تعداد المواطنين حسب انتمائهم الديني، لكن مختلف التقديرات لمتخصصين في استطلاعات الرأي تشير إلى أن الإسلام هو الدين الثاني في السويد بعد المسيحية اللوثرية ( البروتستانتية)، وأن عدد المسلمين يشكل 12 بالمئة من مجموع السكان البالغ حوالي 10.5مليون نسمة. وهذا يؤكد وجود نصف مليون صوت انتخابي للعرب والمسلمين في السويد.

تاريخياً يعدّ المواطنون السويديون من أصول عربية ومسلمة أرضاً انتخابية خصبة للاشتراكيين الديمقراطيين وحزب اليسار والبيئة، بالنظر إلى الوعود الاجتماعية التي ما فتئ اليسار عموماً يقدمها ويروج لها لصالح هذه الفئة المهمشة من السويديين. لكن في هذه الدورة الانتخابية للاتحاد الاوربي 2024 تغيّر الحال ولم تعد الأحزاب التقليدية تهتم بأصوات العرب و المسلمين كمجموعات عرقية ودينية لأسباب عدة منها:

عزوف التجمعات العربية و الإسلامية – في مجملها – عن المشاركة في الانتخابات، سواء أكانت برلمانية أو بلدية أو مقاطعات (محافظات) أو أوروبية، لأن اليسار واليمين فشلوا في احترام التعددية الفكرية والثقافية للمواطنين من أصول مسلمة كما كانوا يفعلون في الدورات السابقة. بالمقابل يتنافسون على اقتراح قوانين تحد من تاثير الدين على المواطنين ويركزون في خطاباتهم على الإسلام السياسي من خلال توصيفات للمسلمين بأنهم يرفضون الاندماج ويفضلون العيش في مجتمعات منفصلة وأن بينهم راديكاليين وإسلامويين يسيطرون على قرارهم و مراكز تجمعاتهم وخصوصاً المدارس الإسلامية و المساجد. وتشريع قانون يحد من وجود المدارس الدينية.

ومن المفارقات العجيبة أن الأحزاب اليسارية طالما عدّت أصوات العرب و المسلمين مضمونة، لذلك لا تكاد تقوم بأي مجهود لاستقطاب أصوات هذه الفئة من المواطنين السويديين، لأن خياراتهم محدودة ومضمونة لهم.

الحقيقة أن الجماهير العربية والمسلمة غاضبة من هذا التحول اليساري من نصير للمظلومين والمهمشين الى ناقد شديد اللهجة لهم ولقيمهم، والبعض يصفها “خيانة” الاشتراكيين والأحزاب الرافدة لهم، لوعودهم المتكررة بايجاد حلول عملية لمشاكلهم؛ خصوصاً في قضايا مثل نزع الأطفال من ذويهم، وبشكل كبير أيضاً السماح لكل من هب و دب في نشر الإسلاموفوبيا والتطاول على الرموز الدينية باسم حرية التعبير، وأيضاً طرد العديد من السياسسين من أصول عربية و مسلمة تبوؤوا مراكز مرموقه في هذه الأحزاب، بحجة عدم التزامهم بقيم العلمانية والديمقراطية وتواصلهم مع متطرفين ومتشددين إسلاميين واصدار اتهامات لم تميز بوضوح بين المسلمين والإرهاب.

هذه الوضعية كرست تشتت أصوات العرب والمسلمين، ولم يعودوا يصوتون استراتيجياً كما كانوا يفعلوا سابقاً. ولا تعرف نسبة المقاطعين من ذوي الأصول العربية والمسلمة للانتخابات الوطنية والأوربية. والأرقام الرسمية عن نسبة المشاركين تقول إن نسبه مشاركة السويديين تزيد على 87 بالمئة من مجموع من يحق لهم التصويت و قد تصل إلى النصف لدى السويديين من أصول أجنبية.

اليمين المتطرف -وعلى رأسه حزب ديمقراطيي السويد Sverigedemokraterna- يسوق خطاباً تخويفياً يُحذر من أن السويد في طريقها إلى خسارة هويتها القومية والسلم الأهلي بسبب الهجرة الواسعة القادمة من البلدان العربية و المسلمة والتي تهدف إلى أسلمة السويد. وعلى مستوى آخر، يسوّق الحزب عبر شبكات التواصل الاجتماعي فكرته المتعلقة بمعاداة الأجانب وذوي الأصول غير الأوروبية باعتبار أنهم -حسب دعايتهم- يعيشون على المساعدات الحكومية ويرفضون العمل.

و في هذا العام في شهر يونيو يستعد الناخبون لاختيار ممثليهم في الاتحاد الأوروبي، ومن هنا نوجه خطاباً للناخبين من أصول مسلمة أن يتفقوا مع الأحزاب التي اسسها مسلمون على إطلاق قائمة حرة تضم مسلمين في المدن الكبيرة، تحت مسمى القائمة الوطنية Medborgarlistan وهي تكتل غير حزبي والقانون يتيح ذلك، وعملياً ننجح في ايصال ممثلين لنا في هذه المدن. وأقول يمكننا إيصال عشرة على الاقل يمثلوننا في الاتحاد الأوروبي .

د. محمود الدبعي

مستشار دولي للعلاقات

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.