المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
مجتمعاتنا الأوروبية متعددة الأصول والمذاهب والتوجهات، وكل منهم يعتمد جداوله الخاصة
في مجتمعاتنا الإسكندنافية، ومثلها كل البلاد التي يطول فيها النهار صيفًا حتى يصل إلى الـ 18 ساعة أو بل يتجاوزها إلى 20 ساعة في أماكن وأوقات معينة، تثار مسألة الصوم وتأخر وقت الغروب، وتداخُل وغياب علامات العشاء والفجر صيفًا.
مجتمعاتنا الأوروبية متعددة الأصول والمذاهب والتوجهات، وكل منهم يعتمد جداوله الخاصة، وبعض هذه المواقيت المعمول بها الأن فى اسكندنافيا ينقصها التأصيل الشرعي والفلكي، ويشوبها مُلاحظات جوهرية لا تخفى على أى مُتابع، وتنقصها شفافية الطرح والمصدر والأسلوب والأراء الشرعية والفلكية المُعتمدة فى الحسابات وقت توفر العلامات الشرعية بلا حرج، ولماذا اعتمد ترجيح رأى أو اجتهاد مُعين دون غيره وقت الحرج والمشقة وغياب العلامات؟
ولذلك تكثر الأسئلة أوقات الحرج والاضطراب وغياب العلامات صيفًا فتكثر الأسئلة عن جواز الإفطار من عدمه قبل غروب الشمس على عدد ساعات مكة المكرمة مثلًا، أو أسئلة حول جواز التقدير على أقرب البلاد حيث تتوفر العلامات طيلة العام بلا تداخل أو غياب، أو أسئلة بإمكانية القياس على المساحات الزمنية لبلاد الحرمين الشريفين حيث نزول الوحي( وأعني بالمساحات الزمنية طول الليل الشرعي بين المغرب والفجر الذي يليه، الفترة الزمنية ما بين المغرب والعشاء، الفترة ما بين العشاء والفجر، الفترة ما بين الفجر والشروق لمكة المكرمة وللمدينة المنورة )
بعض ما قيل عن أوقاتِ الصلاةِ في البلادِ التي يطولُ فيها النَّهارُ جدًّا أو العكس
ـ إذا كانت المدينةُ يطولُ فيها النَّهار جدًّا أو العكس، لكن يتمايزُ فيها الليلُ مِن النَّهار بطلوعِ فجرٍ صادقٍ، وغروبٍ كاملٍ لقرصِ الشمسِ خلالَ أربعٍ وعشرين ساعةً، فيجبُ على أهلِ هذه المدينة أن يُصلُّوا الصلواتِ الخمسَ في أوقاتِها المعروفةِ لعموم قول الله تعالى: ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا )، وقوله تعالى: ( إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا )، وقوله تعالى: ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ۚ ) فمن يرفض الاجتهاد في معرض النص لا يُجيز التقدير حتى أخر يوم تتوفر فيه العلامات لغروب كامل لقرص الشمس وظهور علامة الفجر الصادق، وعلى هذا فلا يجوّزون التقدير إلا اذا انعدم التمايز.
ـ أما وعلى حسب دار الإفتاء المصرية على موقعها الرسمي فإن البلاد التي تصل فيها ساعات الصيام إلى 18 ثماني عشرة ساعة يوميَّا فما يزيد كوضعنا فى اسكندنافيا فتُعَدُّ علاماتُها في حالة اختلال تُجيز التقدير؛ حيث يصعب على الإنسان صيام ثماني عشرة ساعة متواصلة ويزيد، وذلك بقول المختصين الذين يقررون أن الامتناع عن الطعام والشراب طوال هذه المدة يضر بالجسد البشري؛ وذلك على المعهود من أحوال البشر وتَحَمُّلِ أبدانهم، وما كان كذلك فلا يصح أن يكون مقصودًا بالتكليف شرعًا ( أما الأحوال التي لا يَزيد فيها حد النهار عن ثماني عشرة ساعة ولا ينقص عن ست ساعات: فإن أهلها مكلَّفون بأداء الصلوات في أوقاتها حسب توقيتهم المحلِّي، وبالصوم بدءًا مِن فَجرهم ـ الحقيقي ـ إلى غروب شمسهم، فإن شَقَّ ذلك على أحدٍ أو كان سببًا في اضطراب حياته أو اختلال عمله جاز له الإفطار وتأخير القضاء إلى الوقت السنوي الذي لا يكون الصوم فيه مُؤَدِّيًا إلى اختلال نظام المعاش. فتوى رقم : 12366 بتاريخ : 9 يوليو 2013 ).
بمعنى أنه يجوز بداية التقدير اسبوع تقريبًا قبل غياب العلامات حتى اسبوع تقريبا بعد عودتها .
والذي يعنينا هنا ليس ترجيح فتوى على فتوى، ولا انتصار لاتجاه على حساب آخر، وإنما التشخيص المنهجي بواقعية للحصول على فتوى مناسبة مؤصلة شرعًا وفلكًا بعيدًا عن أي إشكالات أخرى.
فنحن مازلنا في حاجة إلى المزيد من اللقاءات التواصلية وتوسيع الدائرة وفسح المجال لانضمام بعض أهل التخصص الفقهي والفلكي والرصدي والحسابي والطبي ممن يمثلون مختلف الأصول والاتجاهات والمذاهب على أن يأخذ كل منهم وقته الكافي لعرض مُقترحاته بوضوحٍ. ومُدارسة ومُناقشة الأطروحات بمشاركة أصحابها مجتمعين. وكذلك مداومة التواصل مع المُهتمين المحليين من مُختلف المُدن كي نتبادل الأفكار ونكون رأيًا واقعيًا مناسبًا قابلًا للتنفيذ وأن نصل مجتمعين بلا تمييز وبلا إقصاء إلى التوافق المرجو على أنسب الأراء لجداولٍ موحدة.
ـ كما أننا بحاجة إلى نشر ومطالعة الدراسات الشرعية والفلكية والعلمية المؤصلة لكل جزئية من جزئيات المقترحات وآلياتها المتبعة بشكل دوري.
ـ كما أننا بحاجة إلى تنظيم ومتابعة عمليات الرصد وفق المعايير العلمية المعتمدة من قِبَلِ أهل الإختصاص وبمشاركة المهتمين في مواقعهم لطمئنة قلوب العباد ( ولا مانع من الرصد أحيانًا في أجواء غير مطابقة للمعايير من باب التوعية والاستئناس والاستدلال وسيظهر ذلك جليا من التوثيق البيئي المُرفق بكل حالة رصد )، وبيان ما قُبل منها ولمَ قُبل ، وما رُفض منها ولماذا رُفض، وتأصيل كل ذلك علمياً.
ـ وإذا كان بيننا من يعاني من تأخر العشاء وتبكر الفجر فقط فهناك من يعاني إضافة إلى ذلك من تأخر وقت غروب الشمس أيضاً.
فالمطلوب هو التعرف عن قُرب على أصحاب المُعانة أنفسهم وإتاحة مُشاركتهم في تقديم المقترحات وترجيح الأيسر والأنسب لأحوالهم.
ـ مقترح للنقاش حول مواقيت الصلاة فى خطوط العرض العليا :
ـ { ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ … وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ۚ }
ـ الالتزام بعلامات الأوقات الحقيقية لدخول أوقات الصلوات الخمس طيلة فترة توفرها بلا حرج أو مشقة.
ـ إمكانية جمع الظهر مع العصر. وجمع المغرب مع العشاء لأصحاب الأعذار.
ـ تثبيت وقت العشاء إذا تداخل / أو وصل / أو تخطى نهاية ثلث الليل الشرعي الأول. لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( صَلُّوها فيما بين أن يَغِيبَ الشَّفَقُ إلى ثُلُثِ اللَّيلِ )
تداخل : أعني قبل وصوله إلى نهاية ثلث الليل الشرعي الأول بمقدار رفع الآذان وأداء الفرض بسننه القبلية والبعدية. نصف ساعة تقريبًا قبل ثلث الليل.
ـ الالتزام بالأوقات الحقيقية للإمساك طيلة فترة توفرها لتجنب الخروج عن النص القرآني إلا إذا توفرت أدلة شرعية تُجيز التقدير بخلاف ذلك أثناء فترة الحرج والمشقة { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ۚ }.
ـ تثبيت وقت صلاة الفجر عند نهاية ثلث الليل الشرعي الأخير ( للصلاة وليس للإمساك ) عند وصول العشاء الحقيقي إلى نهاية ثلث الليل الشرعي الأول ( إذا ما اجتمع وقت العشاء الحقيقي مع نهاية ثلث الليل الشرعي الأول وبقي ثلثا الليل لدخول وقت الفجر الحقيقى في نفس الليلة فيثبت وقت الفجر من هذه الليلة للصلاة دون الأمساك حتى تغيب علامته فيُستمر على اعتماد نفس الوقت المثبت بعد ذلك للإمساك والصلاة معًا ).
ـ ما هو أقل زمن يمكن أن يُعتمد لليل الشرعي لأي نقطة جغرافية؟
ـ { وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ ۚ }
ـ { إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ }
ـ أقترح للنقاش بأن يكون أقل طول يُمكن أن يُعتمد لليل الشرعي لأي نقطة جغرافية هو مساحة الفترة الزمنية لآخر ليلة يحدث فيها غروب كامل لقرص الشمس يتبعه عَتمة ثم ظهور لفجر صادق حقيقي لنفس النقطة الجغرافية.
ـ فيستمر اعتماد غروب الشمس لصلاة المغرب ما كان بين غُروبها وبين شروقها فترة زمنية = طول آخر ليلة شرعية غابت بعدها علامة ظهور الفجر الحقيقي + فترة زمنية تسمح برفع آذان الفجر وآداء السُّنة والفرض ( نصف ساعة تقريبا قبل الشروق )
ـ وبذلك سيكون أطول يوم شرعي مُقدر بين الـ 18 إلى الـ 19 ساعة، وسيتراوح أقصر ليل شرعي مُقدر بين الـ 6 إلى الـ 5 ساعات وقت الحرج وعندما تتداخل الأوقات أو تغيب بعض علاماتها في فترة منتصف الصيف. ( البعض وكما لاحظنا من قبل قد أفتى بـ 6 ساعات، والبعض بـ 5 ساعات لأقل ليل شرعي يجوز بعده التقدير )
ـ فهل يُثبت عند ذلك وقت المغرب دون النظر لغروب الشمس؟
وهل يُستمر على ثبات وقت الفجر التقديري دون النظر للشروق بعد ذلك؟
ـ مثال : لو افترضنا أنه بين آخر ظهور لفجر حقيقي والمغرب الذى قبله 5 ساعات مثلًا فسيكون :
أخر مغرب يُثبَّت + 5 ساعات + نصف ساعة لأداء صلاة الفجر = دخول وقت الشروق الحقيقي. ( فيُثبت عند ذلك وقت المغرب والشروق )
الخلاصة : ـ إظهار الأوقات الحقيقية في الجداول.
ـ إذا ما التقى وقت العشاء بنهاية ثلث الليل الشرعي الأول ( يُثبت وقت العشاء، وكذلك يُثبت وقت الفجر للصلاة حتى العودة مرة أخرى إلى التقاء وقت العشاء بنهاية ثلث الليل الشرعي الأول ). ويُستمر على الإمساك للصيام في الأوقات الحقيقية لظهور الفجر ما لم تصدر فتوى مؤصلة شرعًا بخلاف ذلك.
ـ ثم يُثبت وقت صلاة المغرب وتُجمع مع العشاء إذا التقيا في وقت صلاة العشاء المُقدر أو تخطاه وكان بين الغروب والشروق فترة آخر ليلة شرعية + نصف ساعة تقريبا قبل الشروق الحقيقي فيُثبت أيضَا وقت الشروق من باب التقدير للفجر عند قصر الليل الفلكي.
بعض الإشكاليات أثناء المناقشات الدائرة
تناول البعض لمعلومات خارج تخصصه بشكل غير مدروس قد يؤدى إلى نوع من التضليل أو الغش غير المُتعمد.
حسب بعض المصادر الطبية فإن الامتناع عن الطعام لـ 20 ساعة ولأيام متتالية من شأنه أن يصيب العضلات بالضمور ثم بالتكسّر، وتزداد معه بمرور الأيام نسبة الخطورة والضرر في حالة العمل والجهد العضلي.
البعض ورعًا يتمسك بظاهر النص وأنه لا اجتهاد مع النص ( ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) فهل من مجيب على معنى مُسمى الليل في القرأن الكريم؟ وهل هو نفسه ما ينطبق على ليلنا المضيئ صيفًا؟ فالقرآن الكريم يصف الليل بأنه سكن ولباس، وفيه أحوال وأوقات مختلفة، يبدأ بالغروب وفيه الشفق والغسق والظلمة والعتمة والسحر والفجر الكاذب ثم طلوع الفجر الصادق. هذا هو الليل الذي يقابل النهار.
فهل يصح إطلاق الليل على ساعة واحدة أو ساعتين أو حتى خمس ساعات لا يحل فيها ظلام أصلاً ويتداخل فيها شفق العشاء مع وقت الفجر قبل غياب علامتيهما، حيث تبقى الشمس قريبة جدًا من خط الأفق ويمسي الليل مضيئًا؟
إن علاقة الاسم بالمسمى هنا مبحث لغوي فقهي فلكي هام جدًا تُبني عليه عشرات المسائل العلمية والعملية.
ـ فهل يمكننا القول هنا إن أقل طول يُمكن أن يُعتمد لـ الليل الشرعي لأي نقطة جغرافية هو : مساحة الفترة الزمنية لآخر ليلة يحدث فيها غروب كامل لقرص الشمس يتبعه عَتمة ثم ظهور لفجر صادق حقيقي لنفس النقطة الجغرافية. وهو ما يعني ضِمنًا أن أقصر ليل شرعي مُقدر سيتراوح بين الـ 6 إلى الـ 5 ساعات تقريبا وقت الحرج وعندما تتداخل الأوقات أو تغيب بعض علاماتها في فترة منتصف الصيف؟ أو عندما لا يصل انحطاط الشمس إلى 15 درجة تحت الأفق؟
وهل إذا ذهب معنى الليل يمكننا أن نأخذ بالتقدير المنصوص عليه في حديث الدجال بأسس علمية، وليس وفق مقولات عائمة من هنا أو هناك؟
ويبقى السؤال : متى يجوز التقدير لأوقات الصلاة؟ وكيف نقدر؟
طاهر أبوجبل
مقالات الرأي تعبر فقط عن آراء أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن خط الكومبس وسياستها التحريرية