المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
الكومبس – مقالات الرأي: لا يمر يوم أو أسبوع في السويد من دون وقوع هجمات ضد مخيمات اللاجئين الجدد أو هجمات أخرى ضد المقيمين الجدد، ونشطت هذه الهجمات بصورة رئيسية بعد تدفق اللاجئين من سوريا وإريتريا، ولكن لماذا معظم الهجمات ضد اللاجئين الجدد؟ وما هي أسباب هذه الهجمات؟ وهل حدثت مثل هذه الهجمات في السابق؟
رجل الليزر وضحاياه في مطلع التسعينيات من القرن الماضي
تدفق بعد أزمة البلقان وانهيار الاتحاد السوفيتي في مطلع التسعينيات من القرن الماضي أعداد كبيرة من اللاجئين إلى السويد، وأدى هذا التدفق في نهاية المطاف إلى تعرض العديد من مخيمات اللاجئين إلى هجمات وتهديدات ولاسيما خلال عام 1991، وصاحب هذه الهجمات تصريحات علنية معادية للأجانب من قبل بعض الصحفيين والسياسيين، كما عملت أحزاب رسمية مثل حزب ديمقراطيو السويد على بث الشائعات حول الأجانب، فتارةً ادعوا أن سياسة الهجرة تكلف السويد ما بين 40 إلى 80 مليون كرون سنوياً (في الواقع كلفت سياسة الهجرة آنذاك نحو 5 مليون كرون)، وتارةً أخرى ادعوا أن البلاد تمر بأزمة اقتصادية (كانت الأزمة الاقتصادية عالمية) وأن المهاجرين العاطلين عن العمل يستنزفون الضرائب وأن المهاجرين العاملين يسرقون أعمال ووظائف السويديين! خلاصة القول أن الأجواء الإعلامية والسياسية كانت مشحونة في تلك الفترة إلى حد الاستنزاف والتلاعب على عواطف المجتمع، مما أدى إلى ظهور رجل الليزر.
يون ولفكانك اليكسندر اوسونيوس، مواليد 1953، والشهير بلقب رجل الليزر، سويدي من أصول سويسرية وأم ألمانية، اشترى هذا القناص سلاح ليزر وبدا بشن سلسلة من عمليات القنص ضد المهاجرين بصورة عامة، يقول يون للصحفي السويدي جيليرت تاماس في كتابه رجل الليزر الصادر عام 2002 أن “هجماته كانت عشوائية خلال سنة 1991 واستهدفت بالدرجة الأولى الشعر الأسود ” في الواقع هو نفسه شعره أسود”.
ويضيف يون “كانت الأسباب كثيرة منها الأزمة الاقتصادية والتحريض الإعلامي والسياسي وحرق مخيمات اللاجئين. كان الاعتقاد السائد آنذاك بأن معظم المهاجرين من المجرمين والعاطلين عن العمل والمتحايلين بالعمل الأسود وأنهم -أي المهاجرين- من مجموعات عرقية-ثقافية مختلفة عن المجتمع السويدي وتقاليده”.
حُكم على يون في عام 1994 بالسجن مدى الحياة بتهمة السطو المسلح على تسع بنوك وقتل شاب إيراني يدعى جيمي رنجبر وكذلك إصابة أحد عشر مهاجر بجروح بليغة في الراس والصدر والبطن بسبب أعيرة القنص النارية وهم: “حسن زعترة فلسطيني من لبنان، عيسى ايبار مسيحي من سوريا، ديفيد جيبريماريام مسيحي من اريتريا، شهرام خسروي من ايران، تشارلز ضلاكاما من زيمبابوي، واخرين من الصومال والبرازيل واليونان”.
ما هي أسباب الهجمات اليوم؟
لا تختلف الأوضاع اليوم عن الأوضاع في سنة 1991. فتكرر المشهد وبلغ الذروة يوم أمس الاثنين التاسع من نوفمبر تشرين الثاني الجاري بإعلان السويد رسمياً على لسان رئيس الوزراء ستفيان لوفين بأن البلاد غير قادرة على استقبال اللاجئين كما فعلت في السابق، كما طالبت أحزاب اليمين بإغلاق الحدود والتسريع بأبعاد اللاجئين المرفوضة طلباتهم. ولم يتوقف الأمر إلى هذا الحد، بل طالبت السويد رسمياً الاتحاد الأوروبي ولأول مرة بتقديم لها مساعدة مالية استثنائية، وهو ما يشير إلى بداية نهاية مصطلح “دولة الرفاه”.
لماذا معظم الهجمات ضد اللاجئين الجدد؟
هذا السؤال لا يعني أن المقيمين أو حملة الجنسية السويدية معفيين من هذه الهجمات، ولكن اللاجئين الجدد هم الحلقة الأضعف في البلاد بسبب عوامل كثيرة منها عدم معرفتهم اللغة السويدية وقوانين البلاد -الدستور السويدي- والتضاريس الاجتماعية في المدن والقرى. والأخيرة هي الأكثر خطورة، فمعظم اللاجئين الجدد يعتقدون أن العائلات السويدية مفككة من الداخل أو أنهم لا يفهمون أو يدركون سلوكياتهم أو تصرفاتهم كأجانب أو غرباء، بينما في الواقع لديهم عادات وتقاليد تحكم حياتهم ضمن النمط الاجتماعي للأسرة أو المجتمع، كما لديهم خبرة في التعامل مع الأجانب والغرباء بصورة عامة ويخشون كذلك من تأثير العادات الروسية على مجتمعهم والتي تسللت إلى البلاد العربية عن طريق الحُكام الخونة منذ انهيار الدولة العثمانية مطلع القرن الماضي. فالشائعة في حال انطلقت – ولاسيما في المناطق والقرى والبلدات الريفية القليلة السكان- بمجتمعهم ووصلت إلى مجموعات (…)، فإن ذلك يعني ببساطة تحرك ثلاث سيارات بـ12 راكب وحدوث هجوم ضد لاجيء معين او ضد مخيم لاجئين. والشرطة تعرفهم جيدا ولكن لا تقوى على عمل شيء لسبب رئيسي وهو ان هذه المجموعات محترفة وخطيرة للغاية ومتشعبة داخل البلاد. وبعبارة اخرى فانهم لا يتركون ادلة ادانة.
لمشاهدة الوثائقي عن رجل الليزر يرجى التفضل بزيارة الرابط التالي: