من يحترم البيئة يحترم السويد

: 10/28/14, 2:29 PM
Updated: 10/28/14, 2:29 PM
من يحترم البيئة يحترم السويد

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

الكومبس – مقالات الرأي: يقول الرسول العربي محمد عليه الصلاة والسلام: (إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل). وكان ذلك بمثابة عهد على الناس للحفاظ على البيئة حتى لو قامت الساعة، والسويد واحدة من أوائل الدول التي حافظت على هذا العهد، حيث استضافت ستوكهولم أول قمة لمواجهة التغيرات المناخية في عام 1972، وكانت من الدول السباقة لابتكار الأساليب التي من شأنها أن تحد من الآثار المدمرة للبيئة، وقد يستغرب البعض لو عرف أن الجسر الواصل بين مالمو وغوبنهاغن لم يستهلك شيئا من الطبيعة، فكله مصنع من النفايات التي تم تحويلها لإعادة استخدامها، ومن الأمور الملفتة للنظر في السويد هي طرقة فرز النفايات والتي تدل على مدى الحرص على الإفادة منها وتخفيف العابئ على الطبيعة.

أشارت مسودة تقرير للأمم المتحدة، بأن التغييرات المناخية قد يكون لها آثار خطيرة وواسعة على الإنسان والطبيعة، وتنص مسودة التقرير قيد الإنجاز على أنه ما زال هناك وقت أمام الحكومات لتفادي الأسوأ. ومن الجدير بالذكر أن هذا التقرير الذي سيعتمد خلال أيام في كوبهاغن بحضور أكثر من مئة دولة، سيصبح الدليل العالمي الرئيسي لجميع الدول التي تعمل على التوصل إلى اتفاق ترعاه الأمم المتحدة، لمواجهة آثار التغييرات المناخية خلال القمة التي ستعقد في باريس نهاية عام 2015، ويسبق هذه القمة اجتماعا تمهيديا نهاية 2014 تستضيفه ليما عاصمة البيرو.

واتفق زعماء الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي يوم الجمعة على خفض الانبعاث الحراري بحلول عام 2030 بأقل من 40 بالمئة من معدلات عام 1990 بالتحول من الوقود الحفري إلى الطاقة المتجددة كما حثوا الدول الأخرى المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري وعلى رأسها الصين والولايات المتحدة على أن يحذوا حذوهم..

وقد ورد في أحدى فقرات التقرير “إن الارتفاع المستمر في انبعاث الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري في العالم يزيد من احتمال أن تكون هناك نتائج خطيرة ومنتشرة ولا يمكن تغييرها على الناس والنظام البيئي”.

حرب المناخ المستمرة والمتصاعدة، ليست بعيدة عما اقترفته أيدي البشر، فعند الوقوف على الأسباب، نحدد في مقدمتها التغيرات المناخية الناجمة عن الانبعاث الكثيف لغاز ثاني أوكسيد الكربون، والذي بلغ حد الجنون في السباق الصناعي العالمي، المبني على الربحية دون إقامة أي وزن لما يخلفه ذاك الجنون من أثر على مصير الحياة على الأرض، ولا أحد اليوم يدعي أنه يدق ناقوس الخطر بهذا الشأن، فقد دق ناقوس الخطر منذ عقود، واليوم نعيش في خضم الكارثة، وحتى سؤال ما العمل بات من الأسئلة القديمة، فهناك العديد من الاتفاقيات والبروتوكولات العالمية ظلت حبرا على ورق، وما يزيد في أزمة الضمير العالمي حيال المناخ، هو استنكاف العالم عن تطوير تلك الاتفاقيات ووصول قمة كوبنهاغن في العام 2009 إلى طريق شبه مسدود، فجاءت كوارث عام 2010 لتفاقم تلك الأزمة، وتوضح أن الذين كانوا يحذرون منها لم تكن هوايتهم كتابة الشعر بالبيئة، حيث كان قادة العالم ينظرون إلى دعاة حماية البيئة على أنهم أناس مترفون، بينما كان بعضهم الأخر في العالم ممن كانوا يجهلون مخاطر التغيرات العالمية يقولون ما بال هؤلاء؟!

فبين غريق وحريق ومشرد وجائع، عاشت كل من باكستان وروسيا والهند والصين والكثير من الدول أثار التغيرات المناخية عام 2010، وهذه الكوارث لم تكن البداية ولكن كلنا أمل أن تكون النهاية ولا تتكرر، وأن تشكل صحوة حقيقية للضمير العالمي، فمن لم تحرك مشاعرهم «قصائد الشعر التي كتبها أنصار البيئة» نأمل أن تكون قد حركتها الأرقام، أرقام الضحايا والمتضررين من تلك الكوارث، فهؤلاء ليس مجرد أرقام بل هم بشر مثلنا لهم أسر، وكانوا يأكلون الطعام ويسيرون في الأسواق، ويعملون ويتواعدون وينتظرون أبنائهم وآبائهم وأمهاتهم على موائد الطعام.

ومن المحزن أن نرى العالم يعيش اليوم تحت وطأة تلك الكوارث، رغم تنبئه المبكر لخطورة ظاهرة الاحتباس الحراري، ورغم عدد المؤتمرات التي عقدت بغرض الحد من انبعاث الغازات التي تزيد خطورة الموقف، فكانت البداية في مؤتمر ستوكهولم عام 1972، وتلاه قمة الأرض في ريودي جانيرو عام 1992 حيث وقعت اتفاقية التغير.

المناخي بحضور 172 رئيس دولة، وأقرت ضرورة الحفاظ على نسب ثابتة لغازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي. وقد أكدت الاتفاقية أن العبء الأكبر من الانبعاث يقع علي عاتق الدول المتقدمة, وتضمنت تعهدات مالية وفنية متعلقة بنقل التكنولوجيا للدول النامية لمساعدتها علي التعامل مع تأثيرات التغيرات المناخية، ليأتي بعد ذلك برتوكول كيوتو عام 1997، علاوة عن جملة من الاتفاقيات تتعلق بتلوث المحيطات، التصحر، الإضرار بطبقة الأوزون، انقراض بعض الكائنات الحيوانية والنباتية، وأبرزها بروتوكول مونتريال حول حماية طبقة الأوزون، وليس انتهاء بقمة قمة كوبنهاجن في ديسمبر 2009 ، والتي شهدت مفاوضات صعبة بهدف التوصل إلى اتفاق عالمي جديد لحماية البيئة من مخاطر التغيرات المناخية كبديل لبرتوكول كيوتو، إلا أن تلك المفاوضات لم ترق إلى مستوى الخطر المحدق بالعالم وكذلك النتائج، وكذلك الحال بالنسبة لقمة ريو دجينرو 2012 وقمة الدوحة، وتظل أرواح ضحايا المناخ معلقة بين السماء والأرض، تناشد الضمير العالمي منح الأجيال القادمة حق الحياة.

مصطفى قاعود

كاتب فلسطيني – السويد

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.