من يقف الآن مع 42 شاباً تعتقلهم الشرطة بسبب لحظات تهور

: 1/6/23, 7:25 PM
Updated: 1/6/23, 7:25 PM
ولكن زاوية من رئيس تحرير مؤسسة الكومبس
ولكن زاوية من رئيس تحرير مؤسسة الكومبس

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

(ولكن) على مبدأ “أُمهل ولا أُهمل” تريد الشرطة السويدية، كما يبدو استخدام القانون لمعاقبة كل من شارك بأعمال عنف “اضطرابات الفصح” التي اندلعت مع قيام المتطرف العنصري راسموس بالودان العام الماضي، باستعراضاته الاستفزازية في حرق نسخ من المصحف في عدة مدن سويدية. الآن تصر الشرطة على الاستمرار بملاحقة المذنبين حتى بعد مرور أكثر من 8 أشهر على اندلاع هذه الاضطرابات.
قبل يومين أوقفت الشرطة 6 أشخاص جدد تتراوح أعمارهم بين 19 و43 عاما ومن بينهم فتاة تبلغ من العمر 21 عاما، وهي أول امرأة تُوقفها الشرطة بتهمة ارتكاب جريمة تتعلق بأعمال الشغب هذه وتحديدا في Sveaparken الواقعة في مدينة أوربرو، ضمن حملة أسفرت لحد الآن عن توقيف 42 شخصا أغلبهم في سن الشباب، وجميعهم من أوربرو.
التهم الموجه للموقوفين من بين أمور أخرى: التخريب الجسيم ضد عناصر الشرطة والطوارئ، والذي يطلق عليهم “عمليات الضوء الأزرق” blåljusverksamhet نسبة للون الأضواء فوق السيارات التي تسارع لنجدة الناس وملاحقة الجناة.
أخبار اعتقالات وتوقيف المشتبه بهم والتي تتم بعد متابعة وتدقيق في المواد الفيلمية وغيرها التي سجلت أعمال العنف، تجري بالتتابع، ولكن وبنفس الوقت تجري وكأنها حدث عادي، خاصة بالنسبة لمن حرض وورط هؤلاء الشبان على اتباع هذا الأسلوب في الرد على شخص معتوه، يجلس الآن وينظر بعين الشماتة والرضى عما انجزه، لأنه هو بالضبط كان يريد أن يُثبت “همجية” المسلمين ومعاقبة البعض بالتوقيف والمساءلة القانونية.
لا شك أن هناك مذنبين، قذفوا الحجارة على الشرطة وعلى العاملين بطواقم الدفاع المدني، وأشعلوا النار وخربوا الممتلكات العامة، لكن من بين هؤلاء المذنبين ضحايا، نعم يوجد ضحايا جهات قامت بتحريضهم واستفزاز مشاعرهم، من داخل السويد وخارجها، أو على الأقل جهات كان يمكن لها أن توقفهم وترشدهم إلى اتباع طرق أخرى أكثر حكمة وتأثيرا، طرق لها جدوى في التصدي للعنصري الذي كان كما يبدو أكثر ذكاء من هؤلاء الذين حرضوا الشبان على استخدام العنف.
كان من المفترض أن تقوم الجهات الدينية الفاعلة والتي لها كلمة وتأثير على الجالية بالتحذير من عواقب استخدام العنف بالشوارع والتصدي للشرطة، وحث هؤلاء الموقوفين وغيرهم بالتوقف عن التعبير بالغضب بهذه الطريقة المضرة للمجتمع والمسيئة للمسلمين. قلة قليلة من القيادات الإسلامية حاولت أن تقوم بدور إيجابي، وقالت كلمتها بصدق وشجاعة، فيما التزم البعض الصمت وتكلم بشكل خجول البعض الآخر. الآن نرى أن المزيد من المشتبه بهم سيواجهون مصيرهم لوحدهم، ومن الممكن أن تصدر أحكام قاسية على البعض مما يمكن أن تؤثر على مستقبلهم وعلى حياتهم، وهم في مطلع أعمارهم.
نحن نرى وبغض النظر عن عمل الشرطة والجهات القضائية في ملاحقة المتورطين وتقديمهم للعدالة، يجب أن تظهر الجاليات المسلمة نوع من التعاطف، اتجاه الشباب الذين وجدوا أنفسهم في خضم مواجهات حركها أشخاص متطرفون، نوع من التعاطف من خلال تقديم دعم قانوني عن طريق محاميين وحقوقيين، ومن خلال إظهار أن هؤلاء الشبان قد أخطأوا ولكن يوجد أيضا أمامهم فرص للعودة إلى المجتمع ومتابعة دراستهم أو عملهم، دون أن يشعروا بأن الجميع قد تخلى عنهم.
كما وفي الوقت نفسه يجب تشديد العقوبات على الجهات المحرضة والتي من الممكن أنها شاركت أو لم تشارك بأعمال العنف. المحرضون هم من يجب أن يُعاقبوا خاصة من بقي منهم في المنازل يحرض عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل أخرى، فيما يواجه الآن بعض المغرر بهم خطر السجن والغرامات.

من الصعب أن تجد أحد في مجتمع مثل المجتمع السويدي أن يتعاطف مع مغفلين لا يعرفون القانون، مقولة “القانون لا يحمي المغفلين” صالحة أكثر هنا من أي مكان آخر، لأننا نعيش في مجتمع منفتح ومجتمع قائم على توفر المعلومة وسهولة الحصول عليها.
ومع ذلك نرى أن الجاليات المسلمة يجب ألا تترك هؤلاء الشباب، غير المتورطين بالتحريض، لمواجهة مصيرهم لوحدهم، كما قلنا وتقديم مثال للمجتمع بأن مثل هذه المواجهات واستخدام العنف يجب ألا تتكرر. خاصة أن اليمين المتطرف حاول استخدام العاطفة القومية وهيبة الشرطة التي اهتزت، من خلال وضع زيت العنصرية على نار الاستفزازات والفتن والتحريض.
أحد أسباب صعود اليمين المتطرف ووصول حزب الـ SD إلى المرتبة الثانية بين أكبر الأحزاب السويدية بعد الانتخابات الأخيرة، هي مشاهد رؤوس رجال الشرطة الدامية ومشاهد سيارات الدولة وهي تحترق، بعد أن تم استثمار هذه الصور وتوظيفها في حملة ممنهجة شعارها فشل سياسة الاندماج بسبب كثرة أعداد المهاجرين واللاجئين وكرم الحكومات السابقة في منح الاقامات والجنسيات.
كل ذلك تمت ترجمته إلى الاتفاق الذي أطلق عليه “تيدو” وعلى أساسه تم تشكيل حكومة مقايضة بين حزب يريد تمرير سياسة هجرة واندماج متشددة مع 3 أحزاب تريد الحكم وتتوق إليه.
ما فعله بالودان هو فعل شنيع ومقزز ومدان، وأدانته فعلا رئيس الوزراء السابقة مجدالينا أندرشون ووزير العدل في حكومتها مورغان يوهانسون، ورئيسة حزب الوسط، وعدة شخصيات سياسية واجتماعية.
ولكن عواقب التصدي الخاطئ لهذا الفعل الشنيع جلب على المسلمين والأجانب تبعات أخطر مما كان أحد أن يتصور. كل ما نتمناه أن نتعلم من هذا الدرس ومن دروس أخرى تجري من حولنا يوميا، مع أن الأكثرية وفي آواخر استعراضات بالودان الاستفزازية أدركت أن التصرف الأمثل مع مثل هذا الشخص هو “التطنيش” أو التجاهل وعدم الاكتراث به، من جهة، وتقوية الحضور المجتمعي المؤثر للجاليات من خلال الإعلام وتنظيم مظاهرات سلمية حضارية مرخص لها، من جهة أخرى، أي اتباع طرق أخرى عديدة شرعية ومتاحة ولها تأثير أكبر وأرقى، لصالح الجاليات ومكانتها ومشاعرها، طرق للتعبير عن الرأي أفضل من قذف الشرطة بالحجارة وإحراق سياراتها، وللحديث بقية ولكن إلى اللقاء

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.