المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
مقالات الرأي: هكذا استقبل الشعب السويدي العمل الإرهابي الجبان، لقد غنوا من أجل الحياة ومجدوا ضحاياهم، ووضعوا الزهور وأوقدوا الشموع، في مكان دماء الضحايا وقدموا الزهور لرجال الشرطة، تكاتفوا وغنوا معاً يداً بيد، وبصوتٍ واحد هتفوا ضد الإرهاب، بل وتحدوه بروح المواطنة وحب بلدهم والإخلاص للقيم الإنسانية التي تربوا عليها ويطبقونها في حياتهم، فلا تفرقة ولا تمييز بين إنسان وآخر بسبب لونه أو جنسه أو عرقه أو طائفته أو مبدأه.
وقفوا يوم الأحد 9 أبريل/ نيسان بالآلاف جنب المكان الذي شهد الجريمة الإرهابية يوم الجمعة 7 أبريل/ نيسان 2017، والذي سقط جراءه خمسة شهداء وخمسة عشر جريحا من الناس الأبرياء المسالمين، وسط العاصمة السويدية ستوكهولم.
شعب لا يعرف العنف، بل ينبذه، شعب مسالم يعيش الهدوء ويكافح من أجل نشر السلام في جميع العالم، ويحتضن مئات الآلاف من المهاجرين والمغتربين والمهجرين من كافة دول العالم، ويقدم لهم العون ليبدأوا حياتهم هنا بأمان، والمؤلم أن المجرم الذي أرتكب هذه الفعلة الشنيعة وعائلته المكونة من زوجته وأربعة أطفال أحد هؤلاء الذين ينعمون بخيرات هذا البلد الآمن والذي يجسد القيم الإنسانية الأصيلة في تعامله مع الآخرين. قدم من أوزبكستان ليستقر هنا، في السويد، قام يوم الجمعة بقيادة مركبة حمل ضخمة للمرور فوق أجساد الأبرياء وهم في الشارع ومن ثم يقتحم أحد أكبر المجمعات التجارية من بوابته الزجاجية، ليهشم المجمع وأجساد الأطفال والنساء والرجال المسالمين. فأي عقلية همجية يملكها هؤلاء…؟؟؟
كنا هناك في شارع دروتننكس كاتان (شارع الملكة) وسط ستوكهولم حيث شهد الحادث الإجرامي المروع، من قبل أحد مغفلي القوى الظلامية الحاقدة على البشرية والإنسانية، قبل اليوم تم أغلاق الشارع وكما ترونه في بعض الصور فارغ لكن الآلاف قدموا الى هنا وهم يحملون الورود والشموع، ويكتبون أجمل الكلمات التي تعبر عن عمق القيم الإنسانية الطيبة وحب الحياة ونبذ الكراهية نرى السيدات الطاعنات في السن والشابات والشباب والشيوخ في المكان، علما ان أعتقال المجرم كما تم معرفته أنه تم بناءا على مساعدة المواطنين الحريصين على وطنهم وحبهم لشعبهم.
يبدو ان الحقد الأعمى ليس له حدود، هكذا الإرهاب، يستمر من بلادنا العراق والمناطق الأخرى التي لا زالت تشتعل بالحروب والصراعات، ليصل اليوم الى مدن آمنة بل بحبوحة من السكينة والهدوء تجد فيها القيم الإنسانية بعيدا عن الحقد والأنانية، تجد فيها ظلال السلام والاستقرار، لكن يبدو هنالك من لا يروق له أن يرى أناس أختاروا الحياة الإنسانية بعيدا عن شريعة الغاب والوحشية، ولكن هيهات، أن القيم الإنسانية تترسخ وستترسخ وستسطع شمس الإنسانية على كل البشرية.
تحية للسويد، البلد الوديع الآمن الهادئ، بلد في مقدمة البلدان التي أختارت الحياة.
اللعنة على الظلاميين أينما كانوا، ومجدا للشهداء، وتحية للشعوب المحبة للحرية والحياة والسعادة و الطامحة الى التقدم والنجاح. يدا بيد ضد الإرهاب وضد الحاقدين على الحياة.
محمد الكحط / ستوكهولم
مقالات الرأي تعبر عن أصحابها وليس بالضرورة عن الكومبس