المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
الكومبس – مقالات الرأي: في حوار هاتفي، كشفت صديقة لي، تسكن إحدى المدن السويدية عن مخاوفها وقلقها من الأخبار التي تتناقلها الصحافة السويدية، منها موقع "الكومبس" حول جرائم الكراهية التي باتت تحدث بين الحين والحين.
قالت لي الصديقة: هل تتوقعين ان تتطور الأحداث أكثر بالشكل الذي نقلق فيه على أبناءنا وهم في الشارع او حتى على أنفسنا؟ هل سيحدث ان نسير يوماً في الشارع ويبصق بوجهنا أحدهم او يعتدي علينا بالضرب، فقط لأن سحناتنا تكشف اننا مهاجرون؟
أقل من عام واحد يفصلنا عن الإنتخابات السويدية بعد آخر إنتخابات جرت عام 2010 وما حققته من نتائج صادّمة بفوز حزب سفاريا ديموكراتنا المعادي للمهاجرين، ونجاحه في الفوز بعشرين مقعداً في البرلمان السويدي.
الإنتخابات في السويد ليست كحالها في الدول العربية، رغم ان صناديق الإقتراع واحدة. لجهة إن الإنتخابات في بلداننا معروفة النتائج مسبقاً او تكون نتاج غير سليم لعقود طويلة من الدكتاتوريات، لذا فهي لا تصدّم الكثيرين، بل تولد خيبة، تُضاف الى خيبات أمل سابقة، تعودت عليها شعوبنا. بعكس السويد كنموذج للدول الغربية التي تقيس صناديق الإقتراع بشكل صادق رأي الناخبين بأحزابهم، لذلك قد تأتي النتائج غير متوقعة، وفقاً لما جرى إنجازه خلال فترة الأربعة أعوام التي تفصل بين دورة إنتخابية وأُخرى.
سياسة حزب سفاريا ديموكراتنا، كريهة لكل من يحترم الإنسانية ويعي ان وجود البشر او عيشهم في مناطق دون أخرى، أمر ليس بمقدور غالبيتنا أخذ القرار فيه، فمعظمنا يعيش في المنطقة التي يُولد فيها. حتى ان تشكلنا وخروجنا للحياة، أمر ليس لنا الحديث فيه، ما نُلزم عليه فقط هو القبول بالواقع، فلماذا يُنكر سفاريا ديموكراتنا حق الناس بالعيش في المكان الذي يجدون فيه أمنهم وإستقرارهم؟
سياسة حزب سفاريا ديموكراتنا، كريهة. ليس فقط على المستوى الجماهيري في السويد بل على مستوى سياسييه أيضاً، بين الأحزاب وقادتها، لجهة ان المنافسة بين الأحزاب الحاكمة والمعارضة في البلد، تجري وفقاً لما يقدمه كل حزب من خدمات للمواطنين، بغض النظر عن إنتماءاتهم الفكرية ولونهم وعقيدتهم وأديانهم وللنجاح الذي يحققه كل حزب في الوعود التي أخذ على عاتقه تحقيقها أثناء حملته الإنتخابية لا على أساس ضمر العدائية للإنسان والتمييز على أساس إنتماءه لوطن غير السويد ولشعب غير السويديين.
سياسة حزب سفاريا ديموكراتنا، كريهة. لكنها للأسف إنها موجودة وفعّالة لدى اوساط من المجتمع. بل إنها في بعض الأحيان تحقق نتائج مُبشرة لهم، تنشرح له صدور قياديي الحزب ومؤيديهم، مرتكزين على الأخطاء او المشاكل الصادرة من بعض الأجانب، هنا او هناك، كالفوضى التي عمت هوسبي في أيار (مايو) الماضي، رغم ان الخطأ لا جنسية له، يمكن ان يأتي من السويدي حاله حال الإجنبي، فما بالك ان كان الإجنبي قادم من بلاد، تقع ثقافاتها على طرفي نقيض من ثقافات، الدولة المضيفة، السويد.
أغلب إستطلاعات الرأي التي تجريها مراكز ومعاهد مختصة في السويد، تبين ان حزب سفاريا ديموكراتنا ورغم الفضائح التي أحاطت بقيادييه الشباب، حقق تصاعداً شعبياً بين الناخبين، حيث إحتل ولأكثر من مرة المرتبة الثالثة بين الأحزاب الأكثر شعبية في السويد، منافساً بذلك حزب البيئة على مركزه، ما حدا برئيس الحزب جيمي أُوكسون الى الإعلان الى ان بقاء الحزب في هذا المركز سيكون من أولى إهتماماته وأهدافه الرامية الى تحقيقها في المستقبل.
الأحداث الجارية في العالم العربي وما يعنيه ذلك من زيادة حجم اللاجئين الى السويد، يضيف هدفاً لصالح سفاريا ديموكراتنا، فهذا يعني المزيد من الأعباء المالية على ميزانية الدولة والمزيد من العاطلين عن العمل والمزيد من العمل الدؤوب من أجل إدماج القادمين الجدد في مجتمعهم السويدي الجديد.
هل تخدم تطورات الأوضاع في العالم العربي صعود الأحزاب العنصرية ومنها سفاريا ديموكراتنا؟ هل تعتقدون ان الحزب سيحصل على المزيد من الأصوات في الإنتخابات القادمة؟ هل يقلقكم فوزه؟ وما الذي يعنيه فوزهم على أرض الواقع؟ هل المهاجرون في دائرة الخطر من تزايد جرائم الكراهية ضدهم؟ وكيف نحول دون ذلك؟ وكيف لنا نحن الأجانب المساعدة في ذلك؟ أم ان الأمر من مسؤولية الحكومة فقط؟
حنين سامي