المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
الحكومة لا تزال تسبح في مستنقع حزب الـ SD العنصري
في سابقة أثارت جدلاً واسعاً، اضافت الحكومة السويدية المجنسين، إلى اقتراحها تقديم المال لكل مهاجر يريد العودة لبلده، في خطوة تبدو وكأنها تقدم هذا المال مقابل التخلي عن الجنسية السويدية ومغادرة البلاد. البعض يرى أن القادم أسوأ خاصة إذا كان هذا المقترح، هو مجرد “بالون اختبار” لقياس ردود أفعال المهاجرين والمجتمع السويدي، ليتبعه اقتراحات جديدة أشد إمعانا بمخالفة قيم السويد ومبادئها. إمام إما صمت أو تغاضي عما تمارسه الحكومة والحزب الداعم لها من سياسات معادية للهجرة وللجوء وحتى للاندماج.
الحكومة السويدية اليوم ومن خلال هذه السياسات قد لا تفكر كثيرا بتداعيات ما تقوم به، في السعي إلى “تطفيش اللاجئين” والحد من أعداد من تسمح لهم بالبقاء أو من خلال لم الشمل، في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من نقص حاد في اليد العاملة. يعتمد الاقتصاد السويدي بشكل كبير على مساهمة المهاجرين في قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم والنقل، مما يجعل أي محاولة للحد من الهجرة مخاطرة قد تؤدي إلى شلل في هذه القطاعات.
لكن تداعيات هذه السياسة لا تتوقف عند حدود الأزمة في الاقتصاد فقط، بل تتعداها إلى النسيج الاجتماعي. يشعر العديد من المهاجرين بالتهديد، ليس فقط من السياسات الحكومية المتشددة، بل أيضًا من حملات التضليل التي تروجها مجموعات عبر منصات التواصل الاجتماعي مثل “تيك توك”. هذه المجموعات تستغل التوترات الاجتماعية وتروّج لمزاعم خطف أطفال المهاجرين من قبل السوسيال، مما يعمّق من شعور العزلة والخوف لدى المجتمعات المهاجرة.
التناغم الحادث حاليا خاصة في التوقيت بين اقتراحات تشجع على ترك اللاجئين للسويد، مع حملات التضليل التي لها نفس الهدف، يثير العديد من التساؤلات، ويضع الكثير من الأسر التي تجد صعوبة في الاندماج تحت ضغوط شديدة.
فيما قد تواجه الحكومة أيضًا تحديًا كبيرًا في الحفاظ على الأمن الاجتماعي والعاطفي داخل المجتمع. التوترات بين القيم السويدية التقليدية ومتطلبات العصر الحديث، بالإضافة إلى الضغوط الاقتصادية، جعلت من الصعب على عدد من الأسر المهاجرة الاندماج بشكل فعال، فهناك من يرى أن أدوار الأهل بداخل الأسرة قد تغيرت، ولم تعد الأم مدرسة كما كانت، ولم يعد الأب هو المربي الذي كان في الماضي.
الحلول لهذه الأزمة المعقدة تتطلب تضافر جهود الجميع. من الضروري أن تفتح الحكومة السويدية قنوات حوار فعّالة مع قادة المجتمعات المهاجرة ومنظمات المجتمع المدني، وأن تتبنى برامج اندماج شاملة تهدف إلى تحسين ظروف المهاجرين وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي لهم.
وفي الوقت نفسه، يجب أن تتخذ الحكومة إجراءات حازمة لمكافحة التمييز والعنصرية، مع إعادة تقييم السياسات الاقتصادية بما يضمن حماية الفئات الضعيفة من آثار التضخم والغلاء.
الأزمة الحالية تمثل اختبارًا حقيقيًا لقدرة السويد على التكيف مع التغيرات الديموغرافية والسياسية، وهي تتطلب حلولًا شاملة ومبتكرة تشارك فيها جميع الأطراف المعنية لبناء مجتمع متماسك ومتعدد الثقافات.
والأهم من ذلك رفض تمرير اقتراح ترك البلاد وربما التخلي عن الجنسية مقابل المال، لأن هذا الاقتراح وفي حال أصبح قرارا نافذا، من الممكن أن يفتح شهية اليمين المتطرف إلى اقتراحات أخرى وسن قوانين تتوافق مع سياساته المعلنة المتخصصة بالهجرة واللجوء وحتى الاندماج