المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
علينا ان نفّرق بين المتعلم الذي إرتقى لمستوى اكاديمي في علم من العلوم الإنسانية التي نظمت وهذبت تفكير الإنسان ونفسيته وسهلت سبل عيشه مكتفيا بهذا العلم، وبين المثقف الذي أثرى فكره وغذى عقله بغالبية العلوم رافضا حصر نفسه في أسس وقواعد علم معين دون غيره.
كما علينا ان نفرق بين من أكتفى باتقان ما اكتسبه من الأتكيت والمثقف الأصيل والمتربى على الثقافة. ففي الحقيقية من الصعب او شبه المحال ايجاد تعريف شامل ودقيق للمثقف. لكن هنالك بعض السمات والصفات متفق عليها, حينما يتحلى بها شخص ما يمكننا ان نسميه مثقفا. عندها نكون منصفين بحق الثقافة والمثقف و نكون قد اعطيناه هذا الوسام.
فبرأي المثقف هو ذالك الشخص الذي يتحلى بصفات عديدة . منها و( اهمها) التواضع , الأنفتاح على التطورات التي تطرأ على مناحي الحياة بكل جوانبها من علوم الفنون وعلوم التكنلوجية وان يكون مطلعا على غالبية المدارس الفلسفية وعلم النفس والتيارات السياسية وعلم التاريخ وان يكون مواكبا للتطورات التي تحدث بحق علم الأنثربولوجيا بتواصل وعلم مقارنة الأديان وان يتقبل الرأي والرأي الأخر بروح بعيدة عن التعنت والتعصب و التزمت والعنف .
اضافة إلى ذالك على المثقف ان يكون مُطلعا على النتاجات البشرية من الأدب بجميع اصنافه من الشعر، المسرح والرواية الخاصة ببقية المجتمعات الأخرى وما تنتجه من إبداع فكري وثقافي، فهي تعتبر إرثا بشريا يمكن الإستفادة منه ليغترف من مناهلها. إذ على المثقف ان لا يتقوقع في مجتمعه فقط ليكون فريسة الأنعزال, فعلى سبيل المثال لا للحصر اصبح الأدب الروسي والفرنسي قبلة لمثقفي الشرق وأخذوا يطلعون على ما قدمه مثقفو و أدباء هذين الشعبين في تفجير الثورة الفرنسية عام 1789-1799 و الثورة البلشفية في عام 1917 اللتان غيرتا مجرى حياة البشرية نحو الأفضل وذلك في مرحلتين مختلفتين.
اما عن الجانب الأخر من شخصية المثقف والتي اعتبرها اكثر اهمية عليه ان يتحلى بقييم ومبادىء اخلاقية و انسانية وان يكون يحمل في دواخله العطف على الأنسانية بدون تمييز معتبرا انسانية الأنسان فوق كل اعتبار و يكون ناشرا ومرسخا لقيم التسامح ونابذا لقيم الإنتقام كما عليه ان يتسم بسعة الصدر ووسع افق التفكير وان لا يكون اسيرا للتقاليد البالية التي ورثها من الأجيال الغابرة التي لم تعد نافعة في العصر الذي يعيش فيه .
لذا ليس كل من ارتدى ثياب عصرية ومسك بيديه السكين والشوكة اثناء الطعام ومن اجاد الحديث او حصل على شهادة اكاديمية يعتبر مثقفا. إنما يجب ان يتميز بهذه الخصال المذكوره انفا كي نسميه مثقفا. فلا ابالغ إن قلت للمثقف قدسية لما تقع على كاهله من رسالة انسانية يستوجب عليه ان يكون امينا تجاهها ليكون قدوة ناضجة تعطي ثمارها المفيدة في المجتمع والوطن .
جوزيف صليوة سبي