الكومبس – منبر: صادف أمس السبت 8 آذار/مارس الاحتفال بيوم المرأة العالمي، وخرجت مسيرات بعدة عواصم ومدن عالمية، ومنها ستوكهولم للمطالبة بحقوق أكثر للمرأة. ومع أن التعاطي مع هذه المناسبة يختلف من دولة إلى أخرى، إلا أنها تبقى مناسبة هامة للتذكير بحقوق المرأة إجمالا، وإن اختلفت معايير هذه الحقوق.
الكومبس – منبر: صادف أمس السبت 8 آذار/مارس الاحتفال بيوم المرأة العالمي، وخرجت مسيرات بعدة عواصم ومدن عالمية، ومنها ستوكهولم للمطالبة بحقوق أكثر للمرأة. ومع أن التعاطي مع هذه المناسبة يختلف من دولة إلى أخرى، إلا أنها تبقى مناسبة هامة للتذكير بحقوق المرأة، إجمالا، وإن اختلفت معايير هذه الحقوق.
هذا اليوم يعتبر عيدا له مكانة مميزة في عدة دول خاصة دول الكتلة الشرقية السابقة والجمهوريات التي كانت تؤلف الإتحاد السوفيتي. هذا التمييز يركز على المرأة أو الفتاة أو أي أنثى، على انها اليوم هي مركز احتفال في عيد يمر ليوم واحد في كل سنة
في هذه الدول، تتوقع أي إمرأة أو أنثى على وجه العموم، أن تتلقى هدية أو تهنئة مكتوبة أو شفهية، في هذا اليوم. التلاميذ في المدارس والجامعات والموظفون والعاملون وأفراد العائلة، معتادون على أن يكون هذا اليوم يوما نسائيا بامتياز، هذا إضافة إلى أن الحكومات تمنح الشعب عطلة رسمية بهذه المناسبة، وإن صادف يوم عطلة، يستعاض عنه في أحد أيام أول الأسبوع.
لهذا اليوم أيضا مكانة مرموقة في معظم دول العالم الثالث، تحاول أن تذكر فيه الحكومات أنها أنجزت وتنجز الكثير في سبيل حقوق المرأة، من خلال إقامة مهرجانات خطابية وتنظيم فعاليات لها طابع جماهيري. ومع أن أغلب من يتبنى هذه المناسبة ويحاول التشديد على الاحتفال بها، هم من الجهات المحسوبة على اليسار السياسي، إلا أنها مناسبة أصبحت دولية، ولها طابع عالمي.
هنا في السويد، مثل معظم الدول الغربية، لا يجري التركيز على المرأة كمادة احتفالية، كما في دول أوروبا الشرقية، ومنحها هذه الهالة الكبيرة من الاهتمام. بل يجري التركيز على أهمية المناسبة بالنسبة للمرأة.
سبب عدم هذا الاهتمام، في السويد، بالمرأة بهذا اليوم، لايعود إلى التقليل من شأن رمزية المناسبة، التي تعبر عن مكانة وحقوق المرأة في المجتمع، خاصة المراة العاملة وكيف انتزعت حقوقها عبر التاريخ، بل على العكس، هناك من يعتقد في اواسط حركات المدافعين عن حقوق المرأة أن المبالغة في تبجيل المرأة يظهرها وكأنها كائن آخر، لا يمكن مساواتها مع الرجل، وهذا يناقض أهداف هذه الحركات والمجموعات التي تسعى لأن يكون للمرأة حقوق وواجبات ونظرة لا تختلف عن الرجل.
إذا المبالغة بتعظيم المرأة وإفراد يوم لها، هو خرق لحقوقها، بالنسبة لمعظم الناشطين ضمن ما يعرف بالدفاع عن مكانة المراة بالمجتمع feminist .
هؤلاء “الفيمينيستي” أو جزء كبير منهم، لا يريدون أن يكون للنساء يوما في السنة يتميزون به عن الرجل، ولسان حالهم يقول وماذا عن بقية أيام السنة؟ هل يجب أن لا نلقى أي اهتمام طوال العام في انتظار هدية أو معاملة مميزة في يوم واحد فقط كل عام؟
المسيرة التي خرجت في شوارع ستوكهولم أمس بمناسبة يوم المرأة العالمي، طالبت بمزيد من الحقوق للمرأة في السويد، واعتبر المشاركون أن الطريق نحو تحقيق المساوة بين الرجل والمرأة في السويد لا يزال طريقا طويلا.
ولأن مؤشر مفهوم “الفيمينيزم” أو حقوق المرأة، يتفاوت بين شخص وآخر وبين حركة سياسية أو اجتماعية وأخرى، نرى أن هناك من يعتبر حصول المرأة على المزيد من الامتيازات ومساواتها مع الرجل يضع مفهوم انوثة المرأة وتركيبتها السكيولوجية وحتى البيولوجية في دائرة الخطر.
ولأن السويد حققت الكثير من الانجازات على مستوى المساوة بين الجنسين، من الصعب ان يتخيل البعض إلى أين ستجري الأمور إذا استمرت المطالبة بالمساوة بين الرجل والمرأة.
رفض اعطاء الاهتمام ومنح الهدايا للنساء في يوم المرأة العالمي، يصل إلى درجة الغضب لدى بعض “الفيمينيستي” من مجرد أن تقديم التهنئة الشفهية للمرأة بهذا اليوم،فما بالك بأن تسعى لتقديم هدية لها، كما يفعل معظم رجال وشبان دول اشتراكية سابقة مثل روسيا وأوكرانيا وهنغاريا وغيرهم.
مفهوم “الفيمينيزم” أصبح يرتبط كما يبدو بهرموات الأنوثة السياسية قبل الهرمونات البيولوجية لحاملي هذه الأفكار. فلا يوجد أي حزب سياسي، خاصة من الأحزاب الممثلة بالبرلمان إلا وله برامج خاصة لتحقيق المساوة للمراة وتطوير حقوقها.
هناك من يعتقد بأن لجوء الرجال السويديين للزواج من نساء أجنبيات وخاصة من أسيا، مرده البحث عن الأنوثة قبل البحث عن الجمل في المرأة، ولأن الرجل بطبعه يميل إلى أنوثة المرأة أولا، يرى البعض أن هذه الميزة، التي تميز النساء عن الرجال أصبحت هي أيضا مهددة بالانقراض في المجتمعات الغربية.
و لقضية المرأة في السويد والمطالبة بحقوق أكثر، عدة اوجه، خاصة عندما تنعكس تناقضات كبيرة بين الأجانب والقادمين الجدد تحديدا وبين المجتمع وشروطه العامة. لنجد حالات طلاق عديدة حصلت في أواسط الأجانب والعرب بمن بينهم، يرجع سببها إلى عدم القدرة على استيعاب شروط المجتمع الجديد، والتأقلم معه مع المحافظة على العادات والتقاليد الموروثة.
هناك نساء لا تزال تنتظر هذا اليوم ،يوم 8 آذار لكي تشعر بأنها مميزة عن الرجل ولو ليوم واحد في السنة، قد يكون شعورا انثويا طبيعا، فيما بلغت مطالب المساواة بين الرجل والمرأة إلى حد فرض عدم استخدام ضمائر اللغة الخاصة بالتأنيث على تلاميذ في مدارس معينة، لكي لا يشعر الإناث أنهم مميزون حتى من خلال لغة المخاطبة، وبين الحالتين لا بد من التاكيد على أن للمرأة حقوق، لا تمنح لها على سبيل المكرمة، بل يجب انتزاعها وفرضها على المجتمع، ويبقى للرجل مطلب واحد هو الإبقاء على أنوثة المرأة وعدم الجز بها في مساومات المساوة مع الرجال.
د. محمود صالح آغا