المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
منبر الكومبس: من السهل دوماً أن يعتبر الإنسان نفسه مجرد كائن تحركه الأقدار أو حتى حجر من أحجار شطرنج في لعبة يديرها الكبار، عندها يمكن لأصحاب هذا التفكير أن يرتضوا لأنفسهم هذا الدور، وبالتالي أن يعفوا أنفسهم من مجرد التفكير.
هذا الكلام عن عقد مركبات النقص لدى البعض ليست موجودة فقط بمجتمعاتنا القديمة التي نشأنا بها، والتي حاولت الديكتاتوريات الحاكمة من خلالها سلب إرادتنا وتعطيلها، لمصادرة أي أمل أو فرصة لكي نشعر بأننا فاعلين وبأننا أحرار وبأننا طاقة يمكن أن تستغل للتغيير.
ما يمكن ملاحظته أن هذا الشعور بالسلبية انتقل مع بعضنا حتى إلى هنا، إلى مجتمعات تعطي فرص متكافئة للجميع. وبغض النظر عن المدة التي قضاها في المجتمع الجديد حامل “فيروس الاستلاب” يبقى هذا الفيروس مسيطرا على تفكيره، مع تبديل في الأدوار، فهو قد استبدل أجهزة القمع والمخابرات بأجهزة أخرى مرئية أو غير مرئية تتحكم به على رقعة شطرنج أكبر مما كانت في بلاده.
قوى عالمية خطيرة ومنظمة ترسم له حياته مند أن يصحو من نومه إلى أن يخلد إلى فراشه، نظريات مؤامرة وأحداث جرى تنظيمها بدقة وعناية أعظم المخرجين وكاتبي السيناريو في العالم.
والحقيقة أن خطر هذا النوع من التفكير منتشر ليس فقط في أوساط العامة من الناس بل حتى بين مثقفين ومتعلمين يحاولون دائما أن يستخدموا عبارات تجميلية موجهة لإبهارك بما يعرفونه وأنت تجهله.
خطر هذا النوع من التفكير يجعلنا عاجزين عن الدفاع عن أنفسنا للتصدي لقوانين ومشاريع قوانين ليست من مصلحتنا تمرر دائما باسم الديمقراطية وعن طريقة إجراءات صناعة القرارات.
السلبية وعدم المشاركة في العملية الديمقراطية بحجة أن كل شيء مرسوم بشكل مسبق، طريقة تفكير تلحق الضرر ليس بنا فقط بل بالأجيال الأخرى من مجتمعاتنا.
أمثلة عديدة يمكن ان نسوقها لتأكيد ضرر وخطر طريقة التفكير التي تستلب عقولنا وتضعنا في خانة الكائنات التي تتنفس فقط دون أن تفكر، بدءاً من محدودية مشاركتنا بأي انتخابات إلى عدم مشاركتنا بأي عمل مدني يسمح به القانون للتأثير أو لتغيير قرارات تضرب بنا.
هذه فقط دعوة للجميع بأن يعرفوا أولا حقوقهم وواجباتهم اتجاه مجتمع يحتضنهم ويقدم لهم الفرص والامكانيات، وأن لا يعتبروا أنفسهم ضيوف أو غرباء أو أن يعيشوا على الهامش بدون أن يكونوا فاعلين.
د. محمود صالح آغا
رئيس تحرير شبكة الكومبس