يجب أن نفرّق بين التعاطف مع العائلات واستهداف السويد ومؤسساتها

: 2/7/22, 8:24 PM
Updated: 2/7/22, 8:24 PM
ديما الحلوة
ديما الحلوة

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

وسط التعاطف مع الأسر المسحوب أطفالها، انطلقت حملة شائعات واسعة النطاق، استهدفت عدداً من المؤسسات السويدية وفي مقدمتها جهاز الشرطة وسلطة الخدمات الاجتماعية. وتم بث عشرات الفيديوهات على قنوات التواصل الاجتماعي تحت مسمى “خطف الأطفال في السويد” إضافة إلى تخصيص قنوات يوتيوب حول هذا الموضوع.

اللافت الآن، أن نرى هذا الزخم من الشائعات والفيديوهات التي تروج لما يسمى “خطف أطفال المهاجرين” من قبل سلطة الشؤون الاجتماعية وبمساعدة الشرطة. لن أخوض في هذا المقال في القوانين السويدية، المتعلقة بسحب الأطفال، مع أهمية الإشارة إلى أن تلك القوانين مشرّعة ومنفّذة في السويد قبل وصول اللاجئين إليها، بمعنى أنها لم تُسن من أجل سحب أطفال العائلات المهاجرة، بل من أجل حماية الأطفال بغض النظر عن خلفيتهم العرقية أو الدينية.

على العموم، تفاقمت المشكلة واتخذت أبعاداً عديدة، بدعم الإعلام الرقمي، الذي يفسح المجال لنشر وتدفق المعلومات من كل حدب وصوب إلى المتلقين دون عناء التحري عن صحتها، أو بذل أي مجهود لمعرفة منبعها الأصلي. ولهذا السبب تقوم بعض الجهات باستغلال سهولة الوصول إلى الناس عبر استخدامها وسائل التواصل الاجتماعي المتنوعة، للترويج لشائعات مغرضة تقصد من ورائها بث الكراهية والضغينة وزرع الفتنة في المجتمعات المدنية بهدف تخريبها من الداخل، عن طريق تخويف المهاجرين، وخاصة المسلمين منهم، من فكرة الاندماج، وتحريضهم على معاداتها بذريعة أنها تشكل خطراً عليهم. ولهذا من المهم استعراض بعض الحالات المماثلة التي بدأت السويد تشهدها في السنوات الأخيرة والتي تصب في هذا الهدف. فقبل إطلاق حملة ترهيب الجاليات العربية والإسلامية من “بعبع” خطف الأطفال، والتي اكتشفت أجهزة الأمن السويدية، أن الذي يقف وراءها أشخاصاً معروفين من أصول راديكالية، يتسترون خلف حسابات وهمية، كشفت أجهزة الأمن السويدية عام 2014، عن مدى تغلغل فكر التنظيم الاسلامي داعش داخل السويد، مؤكدة أنه استخدم العديد من القنوات لترويج خطابه المتطرف، كما استخدم بعض أئمة المساجد، الذين قاموا بنشر خطاب تحريضي يدعو إلى الانضمام الى صفوف التنظيم في سورية والعراق. وبناء على اتهامات الأجهزة الأمنية “سابو”، أصدرت دائرة الهجرة في يونيو 2019، قراراً بترحيل خمسة منهم من أصل ستة على خلفية “الميول السلفية والتشدد الاسلامي”.

وكان” سابو” اعتقل الأئمة بموجب قانون مراقبة ذوي الأصول الأجنبية الذين يشكلون خطراً على أمن السويد، وذلك في إطار حملة الاعتقالات التي قام بها بعد أن أظهرت الأرقام ارتفاعاً كبيراً في عدد الإسلاميين المتطرفين في السويد على خلفية الحرب السورية وتشكيل المنظمة الإرهابية داعش وانتشار حملاتها الإعلامية. وقد تمكن سابو يومها من الوصول الى أدلة تدين بعض الأشخاص والمنظمات الاسلامية التي بدأت بالتخطيط لشن حملات تستهدف سمعة السويد، عبر المراقبة، ونتائج البحوث التي أعدتها جهات معنية بتكليف من الأجهزة الأمنية.

ومن الأهمية بمكان، أن نشير أيضاً إلى الحرب التي تعرض لها ماغنوس رانستورب، المتخصص في شؤون الإرهاب، على خلفية دراسته ” المجتمعات الموازية” التي قام بها بتكليف من وكالة الطوارئ السويدية التابعة لوزارة الدفاع، والتي انتقد فيها حركة الإخوان المسلمين في السويد، وقال إن نشاطاتها تستهدف محاربة الاندماج وتأسيس مجتمعات إسلامية موازية للمجتمعات السويدية العلمانية. كما تمت مهاجمته في نوفمبر الماضي، من قبل الصحفي أندرياس كريغ الأستاذ بكلية الدراسات الأمنية في كينغز كوليدج- لندن، الذي اتهمه بتلقي أموال من دول عربية بهدف تشويه سمعة الإخوان، ووصم المنظمات الإسلامية بالإرهاب.

إذاً إن استغلال ” قانون سحب الاطفال” ليس المحاولة الأولى للإسلاميين في الإساءة الى السويد حكومة ومجتمعاً، واتهامها بمعادة الإسلام والمسلمين بل ووصفها بـ “دولة الإرهاب” .

وفي ظل التحرك الحثيث للراديكاليين وعلى وقع تلك المحاولات يأتي السؤال التالي: هل ستكتفي تلك الجهات باستغلال الإعلام الرقمي لزعزعة أمن المجتمع في السويد؟ وإلى متى ستستمر في استغلال أوجاع المهاجرين؟

نطرح هذه التساؤلات مع التأكيد على الجميع متعاطف مع أي عائلة يتم سحب طفل من أطفالها، لكن ليس بهذه الطرق تعالج المشكلة.

ديما الحلوة

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.