المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
مقالات الرأي: ما إن بدأت العلاقات الفاترة بين السويد وإسرائيل في التحسن، حتى حذر سفير اسرائيل من مغبة إشراك الـ SD في الحكومة المقبلة. لوهلة، أربك هذا التحذير العديد من الأجانب العرب في السويد الذين يشهدون يوميًا على تزلف الحزب المعادي للأجانب SD لإسرائيل، وآخره دعوة الـ SD للسويد بنقل سفارتها الى القدس تلبية لرغبة تل أبيب ما عزز لديهم مقولة أن عدو عدوي صديقي.
سبب رفض إسرائيل التعامل مع الـ SD
لعل العودة لأيديولوجية الحزب اليميني المتطرف الـ SD، تجعلنا نفهم التناقض في عدائه للأجانب والأقليات في السويد وبين تقبله لوجودهم خارجها وحتى دعمهم. جذور الحزب تاريخيا تدعم حركة القوة البيضاء٫ وهي الحركة التي تؤمن بتفوق سلالة يافث، الذي جاء من نسله العرق الأبيض في أوروبا، والتي عملت على إبادة كل من لا ينتمي الى ذلك العرق من سلالة سام وحام، مثلما فعلت النازية باليهود والعرب والغجر وغيرهم.
وحتى مع محاولات الـ SD إبعاد تهمة النازية عنه، إلا أن إيمانه بفوقية البيض ومطالبته بطرد كل الأنسال الأخرى من السويد، يجعل من حجته ضعيفة، وهذا ما أعلنته صراحة إسرائيل عبر سفيرها في ستوكهولم، زيف نيفو كولمان، عندما قال لصحيفة داغنس نيهتر إن العلاقات الإيجابية يمكن أن تتوقف في حال حدث تغيير وجاء حزب SD الى السلطة، مؤكدا ان “بلاده لن تجري اي اتصال مع الاحزاب اليمينية المتطرفة ذات الجذور النازية”.
موقف السويد من تحذير إسرائيل
فعليا، تحذير إسرائيل لم يلق أي رد من الجانب الرسمي السويدي ولا من الأحزاب أو حتى من الـ SD نفسه. لكن صحيفة الاكسبريسن، سارعت في اليوم التالي الى التأكيد على ضرورة إبقاء الحزب اليميني المتطرف خارج الحكومة في حال فوز كتلة المحافظين اليمينية المعتدلة.
ويأتي موقف الأحزاب السويدية الرئيسية الصامت من تحذير السفير الاسرائيلي الأخير، لكونهم يرفضون هم أنفسهم أن يكون الـ SD على سدة القرار. مع ذلك، تشير تقارير كثيرة مؤخرا الى خوف الأجهزة الأمنية من تنامي تأثير الـ SD المتصاعد في البلاد، من ضمنها البيان السنوي لجهاز الأمن السويدي إكسبو، جاء فيه أن مقر العديد من المنظمات اليمينية المتطرفة تقع في السويد وأن هذه المجموعات تشكل تهديدا أمنيا رئيسيا للسويد ودول الشمال.
تأثير اليمين المتطرف في السويد
يبدو أن تأثير اليمين المتطرف أكثر شمولاً مما كان يُعتقد سابقا. في وقت سابق من العام، طعن صبي يبلغ 15 عامًا مدرسه في ايسلوف. وقتها أشارت التقارير إلى أن الحادث تشابه مع هجمات اليمين المتطرف. كان لدى الصبي خطة وقائمة بالأشخاص الذين أراد قتلهم، واعترف برغبته في قتل الأقليات بسبب كراهيته لهم. من ايسلوف إلى ستوكهولم، استقال عنصر أمن من مقر عمله في البرلمان بعد أن تبين ارتباطه باليمين المتطرف ونشاطه في حركة تفوق البيض.
توسع تأثير اليمين المتطرف دفع أيضا بصحيفة داغنس اي تي سي الى إجراء تحقيق صحفي تبين فيه أن اثنين من عناصر الامن التابعين للشركة الأمنية أفارن Avarn Security هما من المتسوقين المنتظمين في متجر للنازيين الجدد على الانترنت يُدعى ميدغورد Midgård. بالاضافة الى أن العشرات من الموظفين يشاركون مواد يمينية متطرفة على وسائل التواصل الاجتماعي. وشركة أفارن هي الشركة الأمنية المكلفة بحماية مبنى البرلمان ودائرة الهجرة، من بين مباني أخرى، وبدءا من نوفمبر ستتولى حماية المكاتب الحكومية Regeringskansliet.
ومع أن اليمين المتطرف معروف بتشدده لتعاليم أيديولوجياته، وبغطرسته المائلة للعنف، إلا أن الـ SD ينكر الفكر العنصري علنا متظاهرا بالموضوعية حيال عدم فرض قيمه على العالم خارج أوروبا. وهنا نفهم التناقض في رفضه للأقلية اليهودية في السويد مقابل تأييده لإسرائيل ما دامت خارج أرضه. وتسقط هنا مقولة عدو عدوي صديقي.
أين نحن من التحذير الإسرائيلي
على ضوء ما تقدم وهذا التحذير، لا يسعنا، نحن الاجانب العرب في السويد، إلا الوعي ايضا لخطورة تأييد وصول اليمين المتطرف SD الى السلطة، أقله لضمان بقاء مجتمع متنوع يحترم الأقليات ويحافظ عليهم في بلد اخترناه وطنا يضمن حقوق وكرامة اولادنا.
ديما الحلوة
مقالات الرأي تعبر عن كتابها وليس بالضرورة عن الكومبس