إطلاق أول برنامج زمالة في ستوكهولم لصحفيين عرب بتمويل من سيدا

: 6/27/22, 11:33 AM
Updated: 7/13/23, 9:51 AM
إطلاق أول برنامج زمالة في ستوكهولم لصحفيين عرب بتمويل من سيدا

الكومبس – جاليات: احتضنت ستوكهولم الأسبوع الفائت، منتديات وجلسات حوارية بين ممثلين رفيعي المستوى لوسائل إعلام وحكومة ومجتمع مدني من السويد ودول عربية حول كيفية تحسين التنظيم الذاتي والأطر التنظيمية لوسائل الإعلام، ضمن برنامج الزمالة الدولي ( ITP ) بتمويل من الوكالة السويدية للتعاون الإنمائي الدولي (سيدا) وبتنفيذ من شركة نيراس بالتعاون مع معهد فويو ميديا Fojo، انترناشونال ميديا سابورت ( IMS ) وغلوبال ريبورتينغ Global Reporting.

مدير البرنامج في نيراس، خليل عنصرة

ويتيح البرنامج للمنتسبين من الدول العربية، والبالغ عددهم حوالي الواحد والعشرين، فرصة بناء القدرات بهدف إحداث تغيير حقيقي من خلال تخطيط وتنفيذ مشاريع للتنظيم الذاتي لوسائل الإعلام أكثر كفاءة واستدامة، وفقا لمدير البرنامج في نيراس، خليل عنصرة.

المشروع قائم على تعريف مفهوم التنظيم الذاتي في إطار عمل ديموقراطي في المؤسسات الإعلامية في العالم العربي. يشمل المشروع كل من يعمل في مهنة الصحافة. وفق ترشيح كل مؤسسة، قمنا بتنظيم مجموعة من الصحفيات والصحفيين من منطقة الشرق الأوسط، تحديدا من لبنان وتونس والمغرب، للعمل على مشاريع لها علاقة بالتنظيم الذاتي وكيفية العمل ضمن اطاره وسبل تطبيقه في الدول الإسكندنافية مثل السويد والدانمارك. معظم المنتسبين يمثلون مؤسسات إعلامية وهم معنيين بمجال الصحافة وحرية التعبير بالإضافة الى حرية الوصول إلى المعلومات، حسب عنصرة.

مديرة برنامج الزمالة الدولي، هالة بجاني

وبدأ المشروع عن طريق تقسيم عملية التنفيذ الى خطوات أصغر، وتم تسليم مهمة إيجاد المنتسبين الى منسقين في الدول المعنية، أو ما يعرف بالميسرين الوطنيين تحت إدارة هالة بجاني، مديرة برنامج الزمالة الدولي.

-أقوم بإدارة البرنامج على مستوى تنسيق الزيارات الى الصحف والمؤسسات المعنية بالتنظيم الذاتي بالسويد على قدر تمنيات وتطلعات المساهمين والمشاركين في المشروع، تقول هالة بجاني.

ماذا يستفيد المنتسبون والمشاركون من البرنامج؟

-الأشخاص المشاركون في البرنامج يعملون في مجال الاعلام منذ عشرات السنين، وليسوا بحاجة الى خبرة ومعرفة. لكن أهم ما يمدهم به البرنامج هو بعض الأمل. عندما ننظر الى السويد في الخمسين سنة الأخيرة، نرى أن لديهم قانون او دستور مشجع على الحرية المطلقة للصحافة يشبه قانون حرية التعبير والرأي في لبنان، لكن المسار الذي أوصل السويد الى تطبيق الدستور هو وعي مجتمعي بدأ مع وعي الأشخاص العاملين في الاعلام وإدراكهم أن مهمتهم الأساسية هي توسيع بقعة الحريات. في المقابل، نرى أن رقعة الحرية في بلدان مثل لبنان وتونس والمغرب تضيق أكثر مع تعاقب السلطات. لذا أتمنى أن يساهم البرنامج في تقوية النقابات لتكون نقطة تلاقي للصحفيين والصحفيات وتكتل عابر للآراء السياسية لان المهنة واحدة وحريتي وحرية خصمي بالسياسة هي نفسها.

الميسرة الوطنية في لبنان، ربى الحلو

وعودة الى دور الميسرين الوطنيين في كل من لبنان وتونس والمغرب، تشرح ربى الحلو، الميسرة الوطنية في لبنان مهمتها قائلة:

– أقوم بالبحث عن فريق وأجهزه للمهمة. لم تكن مهمة سهلة في لبنان حيث اضطررت أن أبدأ من الصفر ومن العدم. بينما الوضع مختلف في تونس والمغرب لان لدى كلا البلدين تجارب مختلفة مع التنظيم الذاتي أو التعديل الذاتي (حسب ما سيمى في بلدان المغرب العربي) ونحن نفتقد لهكذا تنظيم. إثر انتهاء الحرب الأهلية في لبنان، تشكلت هيئات ومجالس وطنية لدعم الإعلام، لكنها لم تقدم أي شيئ للمهنة ولم تعمل كما يجب. كان الهدف ان آتي بمجموعة مؤلفة من سبعة أشخاص ومن سبعة مؤسّسات مختلفة، في وقت يشهد فيه البلد إنهيار لمؤسساته ويمر بالكثير من التجاذبات السياسية من كل الاطراف.

على أي أساس اخترتي المجموعة في لبنان؟

– قمنا بوضع إعلان على وسائل التواصل الاجتماعي وأرسلناه الى المؤسسات المعنية لترشح لنا إسما لديها وذلك لان الشخص الذي سيقع عليه الاختيار يجب ان يكون مرشح من قبل المؤسسة وليس بصفة فردية. وبعد الحصول على الملفات الشخصية نختار الاشخاص بحسب العدد المسموح وبناء على كفاءتهم واستعدادهم للعمل الفردي والجماعي ورغبتهم بإكمال البرنامج.

ما هي آلية العمل مع الفريق في بدايات البرنامج؟

-عقدنا لقاءات دورية فردية وجماعية الى أن حددنا معا هيكلية المشروع. كان أمامنا مشروع واحد يمكن أن يتم تطبيقه وهو تعريف التنظيم الذاتي. مفهوم التنظيم الذاتي غير شائع بين المؤسسات الإعلامية رغم أهميته. هو ليس بقانون بل إطار مؤسساتي ومسار إن تمّ تفعيله يحمي الصحفي داخل المؤسسة وبعيداً عن المحكمة العسكرية. هو مسؤولية وضمان للصحافة وحرية الرأي والتعبير. كما أطلقنا هذا المشروع في اليوم العالمي لحرية الصحافة بعد سنة من العمل المتواصل. واخترنا إطلاقه من بالتعاون مع منظمة اليونسكو ومنظمة التبادل الاجتماعي حيث دعونا ممثلين عن الدولة اللبنانية وقطاعات مختلفة. جميعهم تملكهم الفضول لمعرفة تفاصيل المشروع وكيف يمكن تطبيقه داخل مؤسساتهم.

هل كان هناك تنسيق دائم بينك وبين الميسرين الوطنيين في تونس والمغرب؟

-نحن كميسرين وطنيين نعمل سوية ونجتمع دائما ونتحاور فيما نعمل عليه. انا في لبنان اعمل على مشروع مع مجموعتي وبنفس الوقت اتابع ماذا يفعل مدراء المشاريع والميسرين الوطنيين في تونس والمغرب وانضمت الينا فلسطين ايضاً ونجتمع اسبوعيا. ونقارن ماذا نعمل وما هي الامور التي نعمل عليها، كما نقارن نظام وسائل الاعلام في لبنان بالنظام الموجود في تونس والمغرب، وفلسطين وهذا ليس سهلا لانك تعملين على ارضية مختلفة وبأوضاع مختلفة وببلدان مختلفة.

الصحفية المغربية في جريدة الصباح، نورة الفواري

ويتشارك المنتسبون الى البرنامج هدف التعرف الى تجارب الدول الأخرى في مفهوم التنظيم الذاتي، الحريات، حماية المصادر والممارسة الصحفية في كل من لبنان وتونس والمغرب بالإضافة الى السويد. ووفقا لنورة الفواري، صحفية مغربية في جريدة الصباح، فإن أكثر ما لفتها خلال مشاركتها ضمن برنامج الزمالة الدولي هو الإختلاف والتشابه في التجارب داخل المؤسسات.

ماذا تعلمتي هنا وستقومين بتطيبقه في المغرب؟

-الخلاصة التي خرجت بها يصعب تطبيقها. استمعت اليوم لحديث رئيس التحرير السابق لصحيفة اكسبريسن عن سقف الحريات العالي وأدركت كم هو صعب بالنسبة لنا نحن في المغرب تطبيقه. كما أن الوضع الاجتماعي للصحفي في المغرب متدني وأجره متواضع جدا. هناك من لا يتقاضى حتى الحد الأدنى للأجر فلا يمكن التحدث عن الأخلاقيات او تنظيم المهنة، في وقت من السهل الوقوع في شرك الفساد والرشوة.

لهذه الأسباب ترين أنه من الصعب تطبيق ما تعلمتيه؟

-نحن نحاول ان نطبق ولكن هو صعب التطبيق لأن لابد ان تتواجد ارادة سياسية. انتم مثلا تتحدثون في السويد عن نظام ديمقراطي 100%، والتي تسمح بممارسة مهنة الصحافة بشكل فيه تنظيم ذاتي واخلاقيات، نحن في دول، وفي بلدي شخصياً، تعتبر الصحافة تهديد للدولة، الصحفي يهدد أمن واستقرار الدولة بالنسبة لهم، ولذلك يرون أنه يجب وضع الصحفي تحت السيطرة، وأن لا تسمح القوانين بحرية الصحافة، لذا التنظيم الذاتي صعب تحقيقه.

صحفية استقصائية تونسية ومديرة إذاعة السيدة اف ام التابعة للمعهد العربي لحقوق الإنسان، نجوى الهمامي

ما يصعب تحقيقه في المغرب، يمكن أن يتحقق في تونس، وفقا لنجوى الهمامي، صحفية استقصائية تونسية ومديرة إذاعة السيدة اف ام التابعة للمعهد العربي لحقوق الإنسان.

– في الأول استنتجت أن ديمقراطيتنا في تونس تختلف بمعناها عن ديمقراطية السويد. لديهم سقف عالي جدا من الحرية رغم اننا نقاوم ونناضل للحصول على هذا السقف من الحريات. لكن لاحقا، عند زيارتنا لبعض المؤسسات اتضح انه يوجد أمامنا نوافذ كثيرة يمكن ان نبني عليها في تونس ونقوم بتصليح ما يمكننا تصليحه. أهم ما في التجربة هي المشاريع المشتركة بيننا وبين الفرق الأخرى من لبنان والمغرب.

هل تفكرين باستضافة صحفيين من السويد أو الدنمارك الى تونس، وماذا باعتقادك يمكن للزيارة ان تضيف لهم؟

-طبعا، هذا أمر ضروي وقمت بمناقشته مع القائمين على البرنامج في نيراس. يمكن تنظيم فعالية مثل هذه في تونس رغم أنها منهاره اقتصاديا ولدينا مشاكل سياسية كثيرة، لكن نحن في تونس لدينا تجارب اعلامية ناجحة، لدينا صحفيين وصحفيات أكفاء وقاموا بتغيير المشهد الإعلامي للأفضل. كما يعملون بجهد على جودة الإعلام التي نفتقدها حاليا في العالم العربي حيث نرى التوجه غالبا نحو اعلام الإثارة او التطبيل.

مديرة قسم الأخبار في المؤسسة اللبنانية للإرسال، لارا زلعوم

سقف الحريات في لبنان ليس منخفضا كما في تونس والمغرب، لا بل هو يشبه الى حد كبير ذلك الموجود في السويد، وفقا للارا زلعوم، مديرة قسم الأخبار في المؤسسة اللبنانية للإرسال.

-الفرق الوحيد هو أن الدولة في السويد هي التي تحمي حرية الصحافة، بينما دولتنا في لبنان لا تحميها. ولأكون عادلة، المشاكل التي نتعرض لها على مستوى الصحافة في لبنان مختلفة وأخطر عما هي في السويد. وعلى سبيل المثال، اذا عمل صحفي في لبنان على ملف فساد يخص نائب أو وزير، يمكن أن يتعرض للطرد من مكان عمله أو حتى التهديد بالقتل، بينما في السويد، كل أجهزة الدولة ستسعى الى مساعدته ومده بما ينقصه من مستندات، عكسنا تماما.

ماذا لفتك في السويد أيضا؟

-ما لفتني هو كيف استطاعوا الانتقال من ثقافة الفايكينغ الى دولة مؤسسات. ومن خلال وجودي في السويد، رأيت أن ما نحن بأمس الحاجة إليه في لبنان هو إعادة تعليم. نحن فقدنا اساسيات القيم، مثلا في لبنان نستطيع ان نرمي القمامة من الشباك على الطريق، لذا لم يعد لدينا حتى الاساسيات وهذا ما يجب ان نعمل عليه لننمي الثقافة التي تسمح لك بحماية حرياتك.

عملك هو في غرفة الاخبار، عندما دخلتي الى غرف الاخبار في السويد ما اول اختلاف لاحظتيه؟

-على مستوى العمل لم ارَ اي اختلاف. لكن الامور الصعبة التي تواجهنا اليوم في لبنان، هم تخطوها في السابق. هم يسبقوننا أيضا في عملية الانتقال من وسائل الاعلام التقليدية الى الرقمية بحوالي العشرين سنة. نحنا بدأنا الان.

في حال استقبلتم وفد من السويد في المؤسسة التي تعملين بها، ماذا تعتقدين انه باستطاعتكم ان تظهروه لهم؟

-التعامل مع المهمات الصعبة. هناك فرق في المشاكل التي نتعامل معها في لبنان وتلك في السويد، مثل في حالة تغطية عدم قدرة شخص على دخول المستشفى والموت على أبوابها، في هكذا حالة لا أعرف ماذا يمكن ان يفعل الصحفي السويدي.

ماذا عن مسألة حماية المصادر التي أبديت اهتماما خاصا بها؟

-لم أكن أعلم أن المصادر غير محمية في القانون واستغربت تلك المسألة جدا. كنت أدرك أن الإعلامي محمي من القضاء، بمعنى اذا سالني القاضي عن المصدر استطيع ان أرفض كشف المصدر. لكن تبين انه في القانون ليس هناك وضوح، ويمكن للقاضي أن يتسبب لك او للمؤسسة التي تعملين فيها بمشكلة. وهنا تكمن أهمية إشتراكنا في برنامج الزمالة الدولي لأنه أتاح لي وللمؤسسة الإعلامية فرصة معرفة التنظيم الذاتي وكيفية تعامل الصحفي مع المصدر وحمايته في حال اضطر إلى المساءلة القانونية.

الصحفية في جريدة النهار اللبنانية، رولا معوض

وفي حين يوجد تفوق رقمي (ديجيتل) في السويد على مستوى الإعلام المرئي، تلاحظ رولا معوض، الصحفية في جريدة النهار اللبنانية، أن النهار كانت سباقة في العالم العربي عند تحولها من الصحافة المطبوعة الى المنصات الرقمية، وهي الآن لا تقل تطورًا عن الصحف السويدية.

وبينما أبدت إعجابها بمكانة الصحفي المكرمة والمعززة في السويد، رأت معوض أن السويد لا تخلو من ازدواجية في المعايير فيما يتعلق بالحريات.

الباحثة والصحفية في أحد المنظمات المدنية في لبنان، رولا نجم أبو مراد

ولمنظمات المجتمع المدني المعنية بالحريات والمساواة حصة في برنامج الزمالة الدولي، أملًا بإحداث بعض التغييرات في مفهوم المجتمعات لحرية التعبير. وتقول رولا نجم أبو مراد، الباحثة والصحفية في منظمة مدنية في لبنان، أنها ستحرص عند عودتها الى البلاد على العمل في مسألة توسيع إطار مفهوم الحريات. حيث أنه بعد اطلاعها على قوانين السويد، رأت نجم أبو مراد أن رغم التشابه في قانون كلا البلدين، لا تستخدمه السويد في عمليات القمع أو الحد من الحريات بل في تعزيز المزيد من الحرية.

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.