السياسيون يتكلمون عن كسر عزلة المهاجرين ولا يتكلمون معهم

: 5/29/22, 1:43 PM
Updated: 7/13/23, 9:51 AM
السياسيون يتكلمون عن كسر عزلة المهاجرين ولا يتكلمون معهم

قرار الاشتراكيين الديمقراطيين بالانضمام للناتو اتخذ تحت ضغط انتخابي

نحن جزء من هذا المجتمع ويجب ألا نعزل أنفسنا بحجة “أنهم عنصريون ولا يحبوننا”

هل التقصير من الأحزاب السياسية لأنها لا تستطيع أو لا تريد استيعاب المهاجرين أم التقصير منا نحن؟

الكومبس – رأي: أشهر قليلة تفصلنا عن يوم 11 سبتمبر، اليوم الذي نتوجه فيه إلى صناديق الانتخابات لكي ننتخب أشخاصاً ينتمون لأحزاب ستتولى أمرنا 4 سنوات مقبلة، من خلال الهيئات التشريعية التي تحكم البلد، وهي البرلمان (الريكسداغ) أعلى هيئة تشريعية، ومجالس المحافظات أو الأقاليم، وأخيراً المجالس البلدية.

تصريحات المسؤولين الحزبيين المرتبطة بتلاحق الأحداث اليومية في السويد وخارجها تدل على أن الحملة الانتخابية قد بدأت مبكراً. ولعل موضوع انضمام السويد إلى الناتو، الذي اتخذ بفضل قرار الاشتراكيين الديمقراطيين يوم 15 من مايو بتغيير 200 عام من سياسة الحياد السويدية، هو قرار اتخذ تحت ضغط انتخابي، هذا الحزب الذي ينفرد بالحكم حالياً، رأى أنه في حال رفض الانضمام إلى الناتو، يمكن أن يخسر الانتخابات المقبلة، لأن كل أحزاب اليمين وحتى الوسط مع انضمام السويد.

فقط حزبا البيئة واليسار أصرا على موقفهما الرافض للناتو، مع وجود تيارات وشخصيات طبعاً داخل الاشتراكيين رافضة أيضاً للانضمام، لكنها التزمت ولو على مضض بالقرار المركزي.

رحلة دخول السويد إلى الناتو، لا تزال في أولها، فالفيتو التركي الذي جاء بشكل مباغت ليبتز السويد ضمن 5 مطالب معلنة، يريد أيضاً أن يضمن صمت ستوكهولم ودول أوروبية أخرى في حال قررت تركيا القيام بعمل عسكري شمال سوريا، بل هي بالأحرى أعلنت بصراحة عن العملية العسكرية لكنها تنتظر بعض التحضيرات ليس فقط العسكرية بل والسياسية أيضاً لكي تنفذها.

وجود لوبي كردي لا يستهان به داخل الحزب الاشتراكي، من الممكن أن يؤثر بشكل أو بآخر على أداء الحزب في الانتخابات، فيما يستغل حزب جديد اسمه “نيانس” عدة أحداث لكي يروج لنفسه حزباً بديلاً للأجانب وخاصة للمسلمين في السويد. ومع أن هذا الحزب استطاع تعبئة البعض من المستائين والغاضبين من تطبيق قوانين الرعاية القسرية للأطفال، واستطاع أيضاً تعبئة جزء من الغاضبين على الشرطة التي تحمي باسم القانون المتطرف بالودان أثناء قيامه باستعراضات حرقه نسخاً من المصحف، فإن حظوظ هذا الحزب قليلة بدخول البرلمان أو المجالس النيابية.

في آخر استطلاعات قامت بها مؤسسة دوكو السويدية المعنية بدراسة التطرف الديني، تبين أن حوالي 70 بالمئة من المستطلعين في الضواحي لا يعرفون شيئاً عن الحزب الجديد، لكن هناك أعداداً كبيرة تصل إلى 80 بالمئة ممن يعرفون عنه، يفكرون بانتخابه.

وبذلك سيشكل هذا الحزب مصدر إزعاج للاشتراكيين الديمقراطيين، لأن معظم الأصوات التي يمكن أن يحصل عليها الحزب الجديد، ستأتي ممن كانوا يصوتون للاشتراكيين، وهذا ما يثلج صدر اليمين طبعاً، عندما يرى أن هناك تشتيتاً لأصوات المؤيدين للأحزاب اليسارية إجمالاً والتي تطرح نفسها على أنها تقف مع الفئات الضعيفة.

في الفترة الأخيرة شهد الاشتراكي الديمقراطي في مدينة مالمو حركة نزوح عنه من قبل عدد من أعضائه العرب، ومنهم من كان من الكوادر القديمة، وحجة هؤلاء أن الحزب يهمشهم ولم يضع أسماءهم في أي من القوائم الانتخابية، وهناك من اتهم الحزب بالقيام بتصرفات عنصرية، بتفضيل أعضاء من أصول غير عربية عليهم.

وبغض النظر عن مدى صحة هذه الادعاءات فإن هناك خللاً ما في عملية التمثيل العربي في هذا الحزب وفي غيره من الأحزاب، بل هذا الخلل موجود في الحياة السياسية السويدية في المجمل. وهذا يتطلب إعادة تقييم لأداء القوى والشخصيات والجمعيات العربية والناطقة بالعربية ومدى تأثيرها وحجم مشاركتها بالنشاط السياسي العام، لأن تهمة “العنصرية” و”التهميش” لا تبرر التقصير.

هناك من يقول وبحرقة قبل أن يجرب المسلمون أو الأجانب إجمالاً تأسيس حزب خاص بهم، هل جربوا الانتماء إلى الأحزاب السياسية الموجودة أو على الأقل هل جربوا أن يكونوا ورقة انتخابية ضاغطة على هذه الأحزاب؟

حسب قياسات الرأي يهتم السويديون حالياً بأربع قضايا رئيسية وهي:

أولا: مسألة الانضمام للناتو وما يرافق ذلك من تحديات أمنية خارجية.
ثانيا: الصدمات التي حدثت مع الشرطة في الضواحي وهو ما له علاقة بمسألة الاندماج عموماً.
وثالثاً: ارتفاع أسعار الوقود واسعار المواد الأخرى والبحث إجمالاً في مسألة أمن ومصادر الطاقة  
إما رابعاً فتأتي مسألة التقاعد، وتحديداً كم ولمن يمكن زيادة الرواتب التقاعدية.

كما نشاهد الآن كمية التصريحات السياسية التي تتناول مصطلحات مثل: الأجانب، المهاجرين، اللاجئين، المولدين في الخارج، إضافة إلى تعابير لها علاقة بالضواحي وكسر العزلة ومشاكل الاندماج، ومشاكل لها علاقة بسمعة السويد والثقة بالمؤسسات السويدية، ما يؤكد أن هؤلاء المعنين الذين يتكلم عنهم السياسيون ويُذكرون بوسائل الإعلام يومياً، يجب أن يكون لهم تمثيل أفضل في السياسة السويدية، وبدل أن يتكلموا عنهم يجب أن يتكلموا معهم.

فهل التقصير هو من الأحزاب السياسية لأنها أحزاب، لا تستطيع أو لا تريد استيعاب من هم من أصول مهاجرة؟ أم أن التقصير هو منا نحن؟ لأننا لا ننخرط ولا نشجع أولادنا وبناتنا على الانخراط بالسياسة.

هناك أحزاب سياسية عريقة يتزعمها أشخاص من أصول مهاجرة وهناك وزراء أيضاً من أصول مهاجرة، ما يعني أن الفرص موجودة، ولكن هذا لا يعني أيضاً أن الطريق أمامنا وأمام أطفالنا مفروش بالزهور. المهم أن نعرف أننا جزء من هذا المجتمع وألا نعزل أنفسنا بحجة أنهم عنصريون ولا يحبوننا ولا بحجة أننا غضبنا أو حردنا من موقف أو تصرف، فيجب ألا نعاقب أنفسنا بحجة أننا مظلومون. الانتخابات اقتربت ويجب أن نشارك ونشجع الجميع على المشاركة

رئيس التحرير

محمود آغا

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.