أنت من يستطيع إكمال صورة السويد 

: 2/9/24, 4:35 PM
Updated: 2/9/24, 4:35 PM

في مناطق معينة فقط من السويد يمكن لأي شرطي توقيف وتفتيش حتى الأطفال، ضمن تغييرات في القانون ستمنح الشرطة صلاحيات أكثر، لمكافحة النشاطات الإجرامية، فهل تتحول السويد من بلد ديمقراطي إلى دولة بوليسية؟  

لحقت السويد بعدة دول غربية وجمدت مساعداتها للأونروا بناء على معلومة غير موثوقة، في وقت يمر به سكان غزة بكارثة حقيقية، فهل تخلت السويد عن إنسانيتها؟  

تصريحات متكررة لسياسيين حكوميين وغير حكوميين ترمي باللوم على المهاجرين واللاجئين في تزايد معدلات جرائم القتل وفي تزايد البطالة وانخفاض مستوى التعليم، وتكاد كل مشاكل السويد تكون بسبب الأجانب فيها حسب تصريحات هؤلاء، فهل تحولت السويد فعلاً إلى بلد عنصري؟ 
أهلاً بكم  
يمكن لأي شخص يتابع بسطحية عناوين الصحافة السويدية، تكوين صورة سريعة وقاتمة عن السويد، صورة تظهر وكأن السويد أصبحت بوليسية وعنصرية وغير إنسانية، صورة تزيد من عزلة وتهميش المحبطين، خصوصاً عندما يبحث الإنسان المهمش عن المعلومة التي يريد هو أن يسمعها، والتي قد يجدها في وسائل التواصل الاجتماعي، على لسان من يلتقط من أي خبر ما هو جاذب وإشكالي ليضعه في قالب الإثارة.
المتابع فقط لهذا النوع من الإعلام، يمكنه بسهولة أن يحكم على السويد بأنها إما مثالية ومدينة أفلاطون الفاضلة، أو أنها دولة بوليسية تخطف أطفال المسلمين وتجبر التلاميذ على تعلم الجنس وتشجعهم على المثلية الجنسية وتحرّض النساء على تفكيك العائلة، ليقول لنفسه: أنا لست وحيداً هناك العديد ممن يشعرون مثلي بالسخط والإحباط من هذا المجتمع، وبالتالي يرمي كل الحق على الآخرين ويريح نفسه من عناء أي جهد، على الأقل للبحث عن الحقيقة، أو للمشاركة والمساهمة بالتأثير على المجتمع الذي يعيش فيه. 

ولكن السويد في الحقيقة هي ليست فاضلة ومثالية كما يعتقد البعض وبالتأكيد ليست كما يصورها البعض الآخر بهذا السوء والقباحة، السويد بالنسبة للناس الواقعيين، ساحة صراع بين قوى مختلفة، قوى قد لا تناسبنا وأخرى متوافقة معنا، ولكن عندما نقرر أن نكون على الهامش ونفسّر كل ما يجري حولنا بأحكام مسبقة، فنحن بالتالي اخترنا نمط حياة لا يمكننا أن نكون فيه فاعلين أو مؤثرين، بل إننا نخذل من يريد أن يساعدنا من سياسيين وأحزاب ومنظمات مدنية. 

من خلال تجربتنا كوسيلة إعلامية هدفها تقليل الفجوة المعلوماتية في المجتمع، لاحظنا أن هناك عدداً من المتابعين يتوقعون منا أن نهاجم السويد، لكي نثبت أننا ندافع عنهم، يعني كلما هاجمت السويد كلما شعروا بأنك معهم وناطق رسمي باسمهم، وهناك من يطلب منا أن ندافع عن السويد لكي نثبت ولاءنا لهم لأن هؤلاء اختاروا أن يكونوا سويديين أكثر من الملك السويدي نفسه…

نحن نحاول دائماً توضيح دورنا الإعلامي في أننا لا نهاجم ولا ندافع، ليست مهمتنا أن نهاجم ولا أن ندافع، همنا هو إيصال المعلومة لأكبر عدد من المتابعين، إيصال المعلومة الكاملة، والمفهومة والتي تساعد الجميع على تكوين تصور عن كيف يسير المجتمع هنا. المعلومة التي نريد إيصالها لأكبر عدد من المتابعين هي الكفيلة بحمايتهم من الخطأ والكفيلة بإنقاذهم من الوقوع في التهميش والعزلة، وربما هذه المعلومة تساعدهم أكثر على أخذ دورهم بالدفاع عن حقوقهم وإنجاز واجباتهم.   

المشكلة الحقيقية هي في فهم واستيعاب دور الإعلام الذي يسعى للمهنية والحياد، في بلد مثل السويد. نحن وغيرنا من الوسائل المهنية واجبنا البحث عن الحقائق وتقديمها لك ومن أهم مسؤوليتنا نشر ما يحدث في المجتمع بمصداقية وحياد والحرص على إظهار الرأي والرأي الآخر، لكن هذا لا يكفي لأن هناك مسؤولية مقابلة تلقى عليك أنت كمتلقي، مسؤوليتك أن تقرأ الخبر أولاً بشكل كامل، وتكون جزءاً من نقد المصادر، نحن ندعوك دوماً إلى التأكد من مصدر الخبر ومن وضعه أيضاً ضمن السياق الحقيقي له، وعدم التعامل مع الأخبار كجزر منفصلة، واجبك البحث والتدقيق لكي نتساعد معاً في إكمال الصورة، صورة عما يحدث من حولك. 

الصورة تبقى ناقصة إذا قلنا مثلاً إن الشرطة يمكن أن توقف حتى الأطفال ببعض المناطق وتفتشهم، يجب أن نعرف أكثر عن محددات وظروف تطبيق هذا القانون، في حال إقراره، ويجب أن نعرف مدى الحاجة لمثل هذا القانون لوقف عنف العصابات، وكيف يتم استغلال الأطفال في عمليات توزيع المخدرات، بل حتى في عمليات نقل الأسلحة والقتل. 
الصورة تكتمل عندما نرى كيف حصل شاب سوري اسمه محمد وأمام 100 منافس، و300 مشارك على الجائزة الأولى المخصصة للوكلاء العقاريين في كل السويد، محمد بلوط ابن مدينة درعا السورية ورحلة نجاحه التي بدأت من قوارب الموت نحو السويد، توقفت عند محطات عدة يمكن أن تكون رحلته مثالاً واضحاً لمحاربة العنصرية، التي قد يكون جزءاً منها مجرد وهم في نفوسنا. 
تكتمل الصورة عندما نستطيع توجيه سؤال واحد لشخص خرج على التيكتوك يتهم ويشهر بالكومبس لأنها قابلت القائم بأعمال السفارة السورية في السويد: كيف تدعي أنك هربت من بلدك بسبب الديكتاتورية والقمع، وتأتي إلى هنا لتمارس على وسيلة إعلامية أشد أنواع الديكتاتورية وتريد قمعنا ومنعنا من استضافة ضيف وجدنا أن لديه معلومات مفيدة تخص أكثر من 330 ألف سوري في السويد، من المعيب فعلاً أن يتطاول ناشط وبشكل شخصي على صحفيين لأنهم استضافوا سفيراً أو سياسياً لا يروق له، نحن لا نمنع أحداً من أن ينتقد، أو أن يظهر عدم رضاه حول أي مادة نقدمها، لكن رجاء لا تقمعني ولا تشهر بي وتتهمني بتهم معيبة لأنك لا توافق على ما قدمته لك، خاصة أن رأيك يتعارض حتماً مع آراء غيرك، وكأنك لم تجد بعد حرية الرأي والتعبير في السويد والتي كنت تبحث عنها في بلدك. 

هذه أمثلة عدة على أهمية هذا النوع من الصحافة الذي تقوم به الكومبس، وغيرها من المواقع المهنية، الموضوع ليس مجرد ترجمة ونقل للأخبار، أو اختيار لصورة أو لفيلم يمكن أن يحصد مشاهدات، الموضوع هو أن نكون بالقرب من الناس مثل الصديق الوفي في أوقات تكون المعلومة ثروة حقيقية لا تقل أهميتها عن الغذاء والشراب. 
المعلومة التي نحرص على استخلاصها وتقديمها بشكل سلسل ومفهوم، في المكان والوقت المناسبين هي التي للأسف تخلق لنا متاعب، بل وأعداء، لأن للموضوعية ضريبة، ولأن الحقيقة أحياناً مؤلمة ولها دائماً من يحاربها. 

نعم لا يزال يعاني العديد ممن لهم أصول مهاجرة في السويد من الشعور بالعزلة والتهميش، ومما زاد الطين بلة تصرفات عديدة للحكومة الحالية عززت هذا الشعور، ولكن هل يعلم هؤلاء المهمشون طوعياً أو قصرياً بأن مفاتيح فك عزلتهم بأيديهم، في حال عرفوا حقوقهم واستخدموا هذه الحقوق بشكل جيد؟ معرفة حقك كإنسان قبل أن تكون مواطناً يتطلب منا أن نكون فاعلين أكثر بالمجتمع، والمجال مفتوح أمام الجميع، رغم الصعوبات، لأن إكمال الصورة الناقصة هو من واجبك أيضا 

وللحديث بقية، ولكن إلى اللقاء

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.