“أيلول أسود” في السويد
أيلول أسود سويدي. 12 شخصاً قتلوا بإطلاق النار والتفجيرات ضمن حرب العصابات الدائرة حالياً في البلاد. آخر الضحايا ثلاثة سقطوا الليلة الماضية وصباح اليوم بين ستوكهولم وأوبسالا. انفجار ضخم استهدف منزلاً في منطقة Fullerö بأوبسالا قرابة الرابعة فجر اليوم، وراحت ضحيته شابة بريئة من أصل فلسطيني عمرها 25 عاماً. مصادر ذكرت للكومبس أن الشابة طالبة ماجستير وهي أكبر إخوتها. فيما أصيبت العائلة والمنطقة بصدمة كبيرة لفقدانها. الانفجار استهدف منزلاً فارغاً من سكانه ضمن دوامة الانتقام في عصابة فوكستروت التي يقودها رافا مجيد الملقب بالثعلب. غير أن الانفجار الضخم تسبب بأضرار كبيرة في ثلاثة منازل مجاورة، أحدها منزل عائلة الشابة. الشرطة أعلنت في وقت لاحق القبض على شخصين للاشتباه في ارتكابهما جريمة القتل. منطقة Jordbro في بلدية هانينغه جنوب ستوكهولم، كانت هي الأخرى مسرحاً لإطلاق نار عند منتصف الليل أسفر عن مقتل شخص بالرصاص وإصابة آخر. وأعلنت الشرطة بعد فترة قصيرة القبض على ثلاثة شبان يشتبه بتورطهم في الحادثة، بينما تحدث شهود عيان عن سماعهم دوي أكثر من 15 طلقة نارية في المنطقة. وفي ساعات الليل الأولى قتل شاب في الـ18 من عمره في منطقة Fruängen جنوب ستوكهولم، تبيّن بعدها أنه مغنّي راب شهير. فيديو من موقع الحادثة، أظهر إطلاق النار على الشاب خلال وجوده على الأرض، ما يشير إلى عملية اغتيال مستهدفة. شهر سبتمبر شهد موجة عنف دموية، سببها الرئيس انشقاق داخل عصابة “فوكستروت” بين الثعلب رافا مجيد وحليفه السابق اسماعيل عبده. وبدأت موجة العنف بمقتل والدة عبده في أوبسالا قبل أسابيع، لتتبعها أعمال انتقامية دامية طالت محسوبين على الطرفين وأقارب لهما، وسقط جراءها 12 شخصاً، بينهم أبرياء لا علاقة لهم بالصراع الدائر.
الصراع بين الشبكات الإجرامية تهديد خطير لأمن السويد. هكذا يلخص قائد الشرطة السويدية أندش تورنبري الوضع، مؤكداً أن الشرطة تبذل ما في وسعها لوقف العنف. على الصعيد السياسي كان لافتاً مطالبة رئيسة حزب الاشتراكيين المعارض مجدلينا أندرشون بنشر الجيش في البلاد لوقف عنف العصابات. أندرشون قالت إن على الحكومة أن تنظر بعيداً عن اتفاق تيدو وأن تبدأ التصرف بقوة، مضيفة “هذه ليست السويد”. وكان رئيس الحكومة الأسبق ستيفان لوفين قدم اقتراحاً مماثلاً بتعديل القانون لتمكين الجيش من مساعدة الشرطة. ودعا رئيس حزب ديمقراطيي السويد SD جيمي أوكيسون مؤخراً إلى دراسة إمكانية نشر الجيش لمواجهة العصابات. مطالب الاستعانة بالجيش تلقى صدى لدى الحكومة رغم حديث رئيس الوزراء أولف كريسترشون أمس عن عدم جدوى ذلك. اليوم كشفت صحيفة أفتونبلادت أن الحكومة تدرس إمكانية الاستعانة بقوات الدفاع. وذكرت أن الحوار حول القضية يجري داخل وزارة العدل، وأنه من المتوقع أن يُقدم اقتراح ما قريباً. وزير العدل غونار سترومر أكد وجود حوار داخل الحكومة حيال القضية. فيما قال وزير الدفاع بول جونسون إنه لا توجد حالياً خطط للاستعانة بالجيش. مطلب آخر ظهر اليوم وتمثل في إعلان حالة الطوارئ. رئيس المجلس البلدي في هانينغه سفين غوستافسون من حزب المحافظين قال إن السويد ليست بحاجة إلى إظهار التضامن من الوزراء بل إلى تشريعات مؤقتة تفرضها حالة الطوارئ. غوستافسون عبر عن شعوره بالإحباط بعد أحداث العنف أمس، وناشد الحكومة التحرك بسرعة، مشبها العنف بوحش ينتشر في جميع أنحاء السويد، حيث يفجر المجرمون المنازل ويطلقون النار في الملاعب الرياضية.
فيما كانت الاقتراحات تتوالى لطريقة التعامل مع الموجة الأعنف التي تشهدها السويد منذ 50 عاماً، اختار رئيس لجنة العدل النيابية عن SD ريكارد يومسهوف تصويب سهامه تجاه الهجرة والمهاجرين. يومسهوف كتب في تعليق أن الهجرة الجماعية دمّرت واحدة من أكثر دول العالم أماناً وتجانساً، مطالباً بمحاسبة المسؤولين عن هندسة ما أسماه المجتمع متعدد الثقافات والجرائم. ورفعت موجة العنف الأخيرة مستوى الخطاب العنصري المتطرف الذي ينتشر بشكل خاص عبر موقع تويتر ضد المهاجرين. وتولى الأمر ناشطون وسياسيون ونواب من حزب SD بشكل خاص، إضافة إلى ناشطين في حركات أكثر تطرفاً. وتعرّض السياسيون من أحزاب المعارضة، وحتى من بعض أحزاب الحكومة، لهجوم من حسابات المتطرفين، عند أي إدانة للخطاب العنصري. ويتركز الهجوم المتطرف بشكل خاص على الحزب الاشتراكي المعارض ورئيسته مجدلينا أندرشون، ووزير العدل السابق مورغان يوهانسون، ويحملهما مسؤولية العنف والهجرة. كما طال الهجوم حزب الوسط، بعدما أطلقت اثنتان من نوابه في البرلمان الأوروبي حملة Hej Hassan، التي ألقت الضوء على مساهمات المهاجرين في السويد ونجاحهم، مقابل عبارة Hejdå Hassan التي أطلقها SD شامتاً بترحيل 26 عراقياً من السويد. كتاب سويديون حذّروا من اكتساب الخطاب العنصري زخماً متزايداً مع توالي أحداث العنف والاتهام الموجه بشكل مباشر وغير مباشر تجاه المهاجرين.
الحكومة تمضي قدماً في خططها لإنشاء سجون للقاصرين، عوضاً عن مراكز رعاية الأحداث الحالية والتي شهدت حالات هروب متكررة خلال السنوات الأخيرة. الحكومة كلفت اليوم مصلحة السجون ببدء العمل لافتتاح السجون الجديدة مطلع العام 2026، رغم أن اقتراح لجنة التحقيق السابقة تحدث عن العام 2028 كموعد لإنشاء هذه السجون. ويتعلق الأمر تحديداً بالقاصرين بين 15 و 17 عاماً الذين يرتكبون جرائم خطيرة. ووفق القانون الحالي، يُحكم على هؤلاء عادة بالرعاية الإجبارية داخل ما يسمى دور الرعاية Sis، وهي المنازل التي تعرضت لانتقادات كبيرة في الأعوام الأخيرة. وزير العدل غونار سترومر اعتبر أن مصلحة السجون تتمتع بخبرة وقدرة مختلفة للتعامل مع المجموعة المستهدفة.
يخضع شاب يبلغ من العمر 27 عاماً للمحاكمة بتهمة ارتكاب جريمة التحريض على الكراهية ضد مجموعة من البشر خلال إحراقه المصحف في لينشوبينغ قبل ثلاث سنوات. المدعية العامة إيفا نيمك نورد قالت إن حرق المصحف بحد ذاته لا يعتبر تحريضاً على الكراهية وفق قانون حرية التعبير السويدي، لكن في حالة هذا الشاب “هناك ظروف تشكل تهديداً للمسلمين، وتوجد حاجة إلى توضيح حول الخط القانوني في هذه المسألة”. وكان المتهم نشر فيديو على الإنترنت، يظهره وهو يحرق نسخة من المصحف على شواية مع شرائح من لحم الخنزير، قبل أن يتم وضع المصحف المحروق عند مدخل مسجد في لينشوبينغ. المدعية العامة قالت إن الموسيقى التي استخدمها الشاب في الفيلم، يمكن ربطها بالهجوم الإرهابي الذي استهدف جامعين في مدينة Christchurch في نيوزيلاندا، وأدى إلى مقتل 51 شخصاً. وكانت الشرطة السويدية وجهت أيضاً شبهة التحريض ضد حارق المصحف سلوان موميكا. ومن غير المعروف ما إن كان الادعاء العام سيوجه له اتهامات.