“إثنين أسود”.. الكرون يهوي.. وحرب العصابات تستعر

: 9/18/23, 5:39 PM
Updated: 9/18/23, 5:40 PM

مع توقعات الركود الاقتصادي تتجه أنظار الناس في السويد هذه الأيام إلى صناديق تعويضات البطالة (A-kassor) لمواجهة نسب بطالة مرشحة للارتفاع. أنظار الحكومة اتجهت أيضاً إلى صناديق تعويضات البطالة، معلنة عن توجه جديد يهدف لتعديل آلية عملها. وزير العمل يوهان بيرشون قال إن الحكومة تريد رؤية صناديق بطالة تعتمد على الدخل بدلاً من عدد ساعات العمل، مؤكداً أن الحكومة ستقترح العام المقبل إعادة هيكلة للصناديق. الوزير اعتبر أن الاقتراح سيسمح لعدد أكبر من الناس بالحصول على تعويض بطالة، كما قد يؤدي إلى خفض فترات الانتظار للحصول على التعويضات. وكان بيرشون صوّب في عدة مرات سابقة على تعويضات البطالة، ودعا إلى تشديد متطلباتها لحثّ العاطلين عن العمل على إيجاد وظيفة جديدة. ولم يتم توضيح كل التفاصيل التي قد يتضمنها المقترح بعد، لكنه يستند إلى تحقيق تلقته الحكومة السابقة قبل ثلاث سنوات. التحقيق اقترح حينها ألا يقل دخل الفرد عن 120 ألف كرون سنوياً للحصول على تعويض من صندوق البطالة، من بين شروط أخرى جديدة. ويتطلب الحصول على تعويض من صناديق البطالة حالياً الاشتراك في الصندوق لمدة عام على الأقل، والعمل لما لا يقل عن 60 ساعة شهرياً لستة أشهر من الـ12 شهراً الأخيرة. كما يُشترط أن يكون الفرد عاطلاً عن العمل ومسجلاً في مكتب العمل، ويبحث بشكل متواصل عن عمل جديد.

الضغوط الاقتصادية ليست وحدها ما يؤرق حياة السويديين. حرب العصابات المستعرة تدخل أسبوعاً جديداً. أخبارها تحتل صدارة العناوين مع توالي المعلومات عن لائحة أهداف جديدة للاغتيال وضعتها العصابات المتناحرة، وخطة الحكومة لعقد اجتماع أزمة. تقارير إعلامية ذكرت أن القيادي المنشق عن عصابة “فوكستروت”، إسماعيل عبدو، وضع لائحة أهداف جديدة مستهدفة بعمليات الاغتيال، على رأسها زعيم العصابة نفسها رافا مجيد المعروف بالثعلب الكردي. وبحسب المعلومات، يريد عبدو تصفية جميع القيادات المحسوبة على رئيسه السابق، انتقاماً لمقتل أمه في عملية نفذتها العصابة قبل أسبوعين في أوبسالا. وفيما بات إطلاق الرصاص يقلق مناطق جديدة، عاشت مدرسة في نورشوبينغ حالة من القلق، بعد مخاوف من استهداف أحد موظفيها في أعمال العنف الأخيرة، جراء علاقة قرابة تربطه بأحد زعماء العصابة. الأمر دفع إدارة التعليم في بلدية المدينة إلى وقف الموظف عن العمل مؤقتاً، حفاظاً على سلامة طلاب المدرسة وموظفيها. الحكومة السويدية أعلنت عزمها عقد اجتماع أزمة لنقاش أحداث العنف الاخيرة التي حصدت سبعة قتلى خلال عشرة أيام في موجة تصفها الشرطة بأنها الأعنف والأخطر. وزير العدل غونار سترومر قال إن أعمال العنف الأخيرة تستدعي حشد سلطات مكافحة الجريمة وتكثيف عملها، معلناً عن دعوته إلى اجتماع طارئ يضم مجلس مكافحة الجريمة Brå، وقائد الشرطة، وإدارة الرعاية الاجتماعية، والمجلس الوطني للمؤسسات، وكذلك مصلحة المدارس.

الإثنين الأسود بالنسبة للعملة السويدية، هكذا وصف محللون ما جرى للكرون اليوم. سعر الصرف تدهور منذ الصباح ووصل عند الظهيرة إلى هبوط تاريخي لم تسجله العملة السويدية سابقاً. 12 كرون مقابل اليورو الواحد. سعر لم يكن يخطر لخيال السويديين ربما وهم يرفضون قبل 20 عاماً الانضمام لليورو. قيمة الكرون انخفضت بشكل متسارع خلال الأشهر الماضية وخسر أكثر من 7 بالمئة من قيمته مقابل اليورو منذ مطلع العام، بينما وصلت خسارته مقابل العملة الأوروبية خلال العقد الأخير إلى نحو 40 بالمئة. خبراء اقتصاديون كانوا توقعوا سابقاً أن يتخطى اليورو حاجز الـ12 كرون مع عدم وجود أي إشارات إلى تعافي الكرون قريباً، بل إن معظم التوقعات تشير إلى استمراره ضعيفاً حتى نهاية العام. الضغط على العملة السويدية مستمر مقابل الدولار الأمريكي أيضاً، كل دولار بات يساوي 11.22 كروناً، علماً أن الكرون انخفض بنسبة 7.5 بالمئة مقابل الدولار منذ مطلع العام. الهبوط المستمر للعملة السويدية أدى إلى تصاعد النقاش حول إمكانية تبني اليورو والتخلي عن الكرون، وهو مطلب يدفع به حزب الليبراليين في الحكومة والبرلمان. استطلاع أجرته الكومبس الأسبوع الماضي لمتابعيها عبر وسائل التواصل الاجتماعي أظهر تأييد 82 بالمئة من المشاركين لتبني اليورو، بينما تظهر إحصاءات الرأي السويدية تراجعاً مستمراً ومتصاعداً في عدد معارضي العملة الأوروبية الموحدة.

تحديات خطيرة تواجهها الخدمات الاجتماعية أو ما يعرف باسم السوسيال في السويد. مديرو الخدمات الاجتماعية قالوا إن ذلك يؤثر على سيادة القانون، وسط اتجاه مستمر لترك الوظيفة من قبل الخبراء من الموظفين نتيجة التهديدات وصعوبات العمل ونقص الموارد. نقابة Vision أصدرت تقريراً استند إلى استطلاع لرأي المديرين الاجتماعيين الذين قال أكثر من نصفهم إنهم يجدون صعوبة في إعطاء سكان بلدياتهم الجهود التي يحتاجونها في إطار الموارد المالية القائمة. مسؤولون في النقابة قالوا إن الأمر أكثر سوءاً من المتوقع، مشيرين إلى أن النتائج مقلقة جداً. وعما يعنيه ذلك بالنسبة للناس في الممارسة اليومية، قالت النقابة إن “الأشخاص الذين لديهم الحق القانوني في تلقي الدعم من الخدمات الاجتماعية يخاطرون بعدم تلقيه”. 80 بالمئة من المديرين قالوا إن هناك خطر حدوث نقص واسع النطاق في الموظفين، وسط ظروف توظيف صعبة ستصبح أكثر صعوبة في السنوات الثلاث المقبلة. ويواجه 20 بالمئة من المديرين صعوبة كبيرة في العثور على موظفين لدرجة أنهم يعينون أشخاصاً يعرفون أنهم يفتقرون إلى المهارات الكافية. وإضافة إلى النقص الكبير في الموارد، لفت المديرون إلى ما أسموه تأثير “حملة التضليل” الموجهة ضد السوسيال كسبب لمشاكل التوظيف، إضافة إلى جرائم العصابات المتزايدة. وتحدث المديرون والموظفون عن كيفية تسرب الموظفين من المهنة عموماً، في أزمة فاقمتها الأوضاع الاقتصادية الراهنة وارتفاع العجز المالي في ميزانية البلديات. نصف المديرين أكدوا أن رعاية المسنين تضررت بشدة بسبب الوضع الاقتصادي الصعب، كما تأثر دعم الأطفال والشباب بشكل حاد أيضاً.

قد يصعب على من يعيش في السويد هذه الفترة، رؤية الإيجابيات الكثيرة المحيطة به بسبب الأزمات اليومية التي تفرض نفسها على جوانب مختلفة، وأبرزها الوضع الاقتصادي والمعيشي، لكن مقارنة مع دول العالم الأخرى تبقى السويد في صدارة دول العالم من حيث نوعية الحياة. مجلة US News and World Report أصدرت قائمة لأفضل دول العالم من حيث نوعية الحياة للعام 2023، واحتلت السويد المرتبة الأولى متفوّقة على جارتها النرويج الثانية على القائمة، وكندا الثالثة، فيما احتلت الدنمارك المرتبة الرابعة، وفنلندا الخامسة. البلدان الأوروبية حصلت على 7 من المراتب العشرة الأولى، مع خرق سجلته كندا وأستراليا ونيوزيلاندا، بينما احتلت الإمارات العربية المتحدة المركز 26 وقطر المرتبة 27. وجاء كل من لبنان وإيران وأوكرانيا في المراتب الثلاث الأخيرة على القائمة التي ضمّت 87 بلداً فقط. المعايير شملت الوصول على نطاق واسع إلى الغذاء، والسكن، والتعليم الجيد، والرعاية الصحية، والتوظيف، وكذلك الأمن الوظيفي، والاستقرار السياسي، والحريات الفردية، وجودة البيئة. مؤشر آخر ربما يكون مفاجئاً للبعض، فالسويد أيضاً في القائمة الشعبية لأقوى 25 دولة في العالم. القائمة تصدرتها دول كبرى هي الولايات المتحدة، والصين، وروسيا على التوالي، لكن السويد كانت أيضاً حاضرة في المرتبة الـ23، إلى جانب دول عربية تمكّنت كذلك من خرق الترتيب العالمي والتقدم بين الدول العشر الأولى. الاستطلاع الذي أجرته الشبكة الأمريكية نفسها تضمن آراء 17 ألف شخص قدموا أفكارهم تجاه 87 دولة مختلفة، لاختيار أقوى 25 دولة في العالم. ويقيّم التصنيف تأثير الدول بناءً على تصورات المشاركين لعوامل مثل القوة السياسية والاقتصادية والعسكرية.

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.
cookies icon