اجتماع أممي طارئ لمناقشة “حرق المصحف”

: 7/4/23, 5:15 PM
Updated: 7/4/23, 5:15 PM

قضية حرق المصحف تبدو ككرة ثلج تتدحرج وتتحول إلى أزمة. القضية وصلت اليوم إلى الأمم المتحدة، حيث دعا مجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الأممية إلى عقد اجتماع طارئ لمناقشة ما أسماه “قضية حرق المصاحف في أوروبا”. باكستان هي من طالبت بعقد الاجتماع بعد إقدام شخص متطرف على حرق نسخة من المصحف أمام المسجد الكبير في ستوكهولم أول أيام عيد الأضحى الأربعاء الماضي. ومن المتوقع أن يعقد الاجتماع الأسبوع الحالي. فيما قال المتحدث باسم مجلس حقوق الإنسان باسكال سيم إن المجلس “سيناقش التصاعد المقلق في أعمال الكراهية الدينية المتعمدة والعلنية التي تتجلى في تدنيس المصحف في بعض الدول الأوروبية وغيرها”. الحكومة الباكستانية طالبت نظيرتها السويدية باتخاذ تدابير تضمن عدم تكرار الفعل مرة أخرى. ومن غير المعروف بعد ما سيسفر عنه اجتماع مجلس حقوق الإنسان، غير أن أستاذ القانون الدولي في السويد مارك كلامبيري قال إنها عملية سياسية تتخذ فيها الدول موقفا بشأن هذه القضية لأسبابها الخاصة، وستترقب السويد موقف الدول الأوروبية الأخرى في الاجتماع، متوقعاً ألا يكون للاجتماع الطارئ تأثير كبير على عملية انضمام السويد للناتو.

داخل السويد استمرت الإدانات لحرق المصحف الذي اعتبرته الكنيسة السويدية هجوماً ليس على المسلمين فقط بل على جميع المؤمنين. الكنيسة طالبت بإطلاق تحقيق للنظر في تصنيف الفعل جريمة كراهية وحظر حرق أو تدنيس جميع الكتب المقدسة، معتبرة أن لحرية التعبير حدوداً. مجلس الكنائس المسيحية أدان أيضاً حرق المصحف، داعياً إلى محاكمة مرتكبيه وتصنيف الفعل جريمة كراهية. المجلس يُعتبر أكبر مؤسسة دينية تمثل الطوائف المسيحية المختلفة في البلاد. وقالت الأمينة العامة للمجلس صوفيا كامنيرين إن حرق المصحف أمام مسجد ستوكهولم وفي عيد الأضحى “تجاوز حدوداً مهمة، واستهدف بوضوح مجموعة دينية”، مشيرة أيضاً إلى التداعيات التي خلفها الأمر خارجياً مع موقف الاتحاد الأوروبي ووزارة الخارجية السويدية و57 دولة في منظمة التعاون الإسلامي. الأمينة العامة أكدت أهمية إظهار التضامن مع المسلمين في السويد، فالبلاد ليست بحاجة إلى التناقضات الدينية الآن، على حد تعبيرها. وسائل الإعلام اهتمت اليوم أيضاً بتصريح لرئيس مركز مكافحة التطرف يوناس ترولي، دعا فيه إلى تعديلٍ القانون ليأخذ في الاعتبار مصالح السويد العليا والمخاطر الأمنية، فيما يتعلق بحرية التجمع والتعبير. وكان لافتاً قول الخبير إن الدستور في البلاد يسمح بفرض قيود معينة على حرية التجمع والتعبير، عندما يتعلق الأمر بالمخاطر الأمنية، غير أن قانون “النظام العام” لا يسمح بفرض قيود مماثلة، لذلك يجب تعديله. تصريح الخبير يعني أن حظر حرق المصحف قد يكون أسهل مما يعتقد، حيث لا يتطلب تعديلاً دستورياً ويكفي فيه إجراء تعديل قانوني.

آمال السويد بإتمام عضوية الناتو قبل قمة الحلف في ليتوانيا تتضاءل. الموقف التركي ما زال متشدداً، وأردوغان يؤكد أن أنقرة لن توافق على انضمام السويد إلا إذا امتنعت عن إيواء الجماعات التي تعتبرها تركيا إرهابية. أردوغان قال إن تركيا تتوقع من السويد أن تكف عن إيواء أعضاء أنصار حزب العمال الكردستاني المحظور وجماعة غولن التي تحملها أنقرة مسؤولية محاولة الانقلاب في 2016. أردوغان لم يأت على ذكر قضية حرق المصحف ضمن الشروط، في حين علق وزير خارجيته هاكان فيدان على الحادثة، معتبراً أن فشل ستوكهولم في وقف حرق المصحف “يثير تساؤلات حول ما إذا كان يمكن الوثوق بستوكهولم حقاً كعضو في الناتو”. فيدان أدان في مؤتمر صحفي مع نظيره الأردني أيمن الصفدي اليوم ما اسماه “الاعتداء الدنيء على القرآن الكريم في ستوكهولم وكذلك التغاضي عنه رغم التحذيرات”. وقال إن “حقيقة عدم قدرة النظام الأمني السويدي على منع الاستفزازات، يعطي الانطباع بأن السويد تجلب المزيد من المشاكل إلى الناتو، بدلاً من تعزيز قوة الحلف. كما أدان الصفدي حرق المصحف، مؤكداً أنه يشكل “عملاً متطرفاً يؤجج الكراهية ولا يمكن تبريره في سياق حرية التعبير”.

رغم العقبات التي ما زالت تعترض طريق السويد للانضمام إلى حلف الناتو، فإن الخطوات العسكرية تتسارع. اليوم أعلن وزير الدفاع السويدي بول جونسون انفتاح بلاده على وضع قسمٍ كبيرٍ من قوات الدفاع تحت القيادة المباشرة لحلف الناتو، بعد انضمامها إليه رسمياً. الوزير قال إن الحكومة ستناقش الأمر مع قوات الدفاع، مشيراً إلى أن للسويد مصلحة في امتلاك حلف الأطلسي قدرة ردع الحرب، ومؤكداً مزايا وضع عدد من الوحدات السويدية تحت قيادة الحلف العسكرية. ويحق للدولة العضو في الحلف اختيار حجم القوات التي تضعها تحت عهدة الناتو، حيث لا يمتلك الحلف قوى عسكرية خاصة به.

في ساعات الصباح وحيث لا عتمة تستر الجريمة، يقتحم عددٌ من الشبان الملثمين، متجراً للذهب في مركز تجاري، يسرقون محتوياته ويمضون في طريقهم، هكذا ببساطة. المشهد الذي يكاد يكون سينمائياً تكرر مراراً من قبل، وحصل اليوم في ضاحية تينستا شمال ستوكهولم. شهود عيان قالوا إن الملثمين غادروا المتجر، وهربوا من المدخل الخلفي للمركز التجاري، قبل أن يتواروا عن الأنظار. الشرطة وصلت بعدها إلى المكان، وطوقت المركز، كما استعانت بمروحية للبحث عن اللصوص في المناطق المحيطة. وفتحت الشرطة تحقيقاً تحت تصنيف جريمة سطو، فيما تزداد التساؤلات مع كل حدث أمني عن هشاشة الوضع الأمني في البلاد.

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.