السويد الجديدة وعيوب الديمقراطية

: 10/17/22, 6:31 PM
Updated: 10/17/22, 6:31 PM

السويد الجديدة وعيوب الديمقراطية

كيف ستصبح السويد بعد أن أعلنت مطرقة رئيس البرلمان، اليوم الـ 17 من أكتوبر العام 2022 عن بداية حكم جديد في هذا البلد الاسكندنافي، كيف ستصبح السويد التي نعرفها نحن الذين نعيش فيها؟ وكيف ستصبح السويد التي يعرفها العالم.
ماذا يمكن أن نسمي حقيقة أن حزبا واحدا حصل فقط على 20 بالمئة من مقاعد البرلمان هو من يتحكم الآن في البلاد، بينما سيجلس الحزب الحاصل على أكثر من 30 في المئة في مقاعد المعارضة، هل هذه مفارقة أم عيب من عيوب الديمقراطية الغربية إجمالاً والسويدية تحديداً…أهلا بكم

استقبلت السويد من ضمن من استقبلتهم هذا العام، عائلة يعاني جميع أفرادها من مشاكل ذهنية، العائلة المكونة من أب وأم و6 أطفال، ولأنهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، يحتاجون إلى موظفي رعاية على مدار أربع وعشرين ساعة لمدة سبعة أيام في الأسبوع، السويد هي نفسها اختارت هذه العائلة من بين عدة عائلات تنتظر دورها ضمن نظام حصص الأمم المتحدة.
كثيرون منا يعرفون أن السويد تستقبل بشكل طوعي آلاف اللاجئين عن طريق نظام الحصص، لكن قليلاً لا يعرفون أن مبدأ اختيار السويد لهؤلاء اللاجئين يجري فقط على أساس إنساني بحت، وليس على أساس الاختيار النوعي لكل لاجئ.
حتى اللاجئين الذين وصلوا إلى أراضيها بدون إرادتها، لا يتم منحهم الإقامات لأنهم الأفضل لها ولمجتمعها، الاختيار أيضاً يتم على أسس إنسانية.
لذلك نرى أن هناك كبار سن ومرضى وأميين يمكن أن يحصلون على الإقامات، بينما يمكن رفض آخرين قد تعتبرهم دول أخرى أنهم مثاليون وكان يمكن تصنيفهم لدى دول أخرى ضمن لوائح “اللاجئ المريح” المتعلم والسليم والقابل أكثر من غيره للاندماج أو الذي يحتاج إلى فترات أقل لكي يدخل إلى سوق العمل.

إضافة إلى ذلك نجد أن في مخيلة معظم سكان العالم، أن اسم السويد يقترن عادة، بمفاهيم راقية عن الرفاهية والمساوة وحقوق الإنسان، حتى عندما شنت مواقع ووسائل إعلام حملات مضللة عن السويد بقصد أو من غير قصد، بمناسبتين اثنتين، مرة بسبب تميز السويد في طريقة تصدي عقلاني بدون قيود مشددة في مواجهة جائحة كورونا، ومرة أخرى بسبب عدم فهم الحقائق الكاملة عن موضوع سحب الأطفال، والاعتماد فقط على مشاهدات وصور وشهادات من طرف واحد، في كلتا الحالتين بقيت مكانة السويد ودورها العالمي ظاهراً ومميزاً من خلال مساهماتها المالية السخية في دعم المنظمات الإنسانية الدولية، فالسويد تخصص سنوياً أكبر مساعدات دولية في العالم بالنسبة للناتج القومي، وبلغت هذه المساعدات في العام الحالي أكثر من 44 مليار كرون، إضافة إلى دور السويد الأممي في نشر مبادئ النسوية والديمقراطية وتشييد المشاريع الإنمائية ومحاربة الفقر في العالم.

هكذا كانت السويد حتى تاريخ اليوم، الـ17 من أكتوبر العام 2022 أما بعد هذا التاريخ وفي حال نجحت الحكومة الجديدة في ترسيخ نفسها فإننا أمام سويد مغايرة تماماً.
سبب هذا التغير الكبير في مكانة السويد الدولية، هو الخيار الذي اختاره حزب الـ SD لهذا البلد، مساعدات ومساهمات دولية أقل واستقبال أقل للاجئين مع تشديد لإجراءات البوليسية للاندماج.
قد يقول قائل معهم حق، بلدهم وهم أحرار بها، أو يمكن أن يقول آخر صحيح حتى أنا لم أعد أطيق رؤية الأجانب واللاجئين ومشاكل اندماجهم وثقافاتهم المختلفة، خاصة عندما يكون القائل من الأجانب ومن أصول مهاجرة أصابته النعمة وغيرت تفكيره جرعات الاندماج التي تلقاها في حياته، ومع أن هذا الشخص هو لاجئ وسيبقى لاجئاً حتى وإن كانت مرتبته لاجئ جيد في أعين أصحاب فكر الإس دي.
من يرى أن السويد ستصبح أفضل بسبب سياسة التشدد البوليسية وبسبب تقليل مساعداتها الإنسانية، لا يعرف معنى الضرر الذي سيلحق بالسويد ومكانتها الدولية، وبالتالي دورها ونشاطها التجاري والأممي، مقابل توفير حفنة من الكرونات، هؤلاء لا يعرفون إلى أين ستتجه السويد داخلياً وليس خارجياً عند تطبيق إجراءات الاندماج التي ينادون بها، ولا يعلمون أنهم يساهمون في زيادة الفروقات الطبقية بين الفقير والغني والفروقات الاجتماعية بين اللاجئ والسويدي الجديد من جهة والسويدي العرقي من جهة أخرى، وما قد يترتب على ذلك من زيادة في ارتفاع نسب أخرى من الجرائم.
إذاً حزب ليست لديه أغلبية، فقط 20 بالمئة، متحالف مع 3 أحزاب ضعيفة، حزب ليس لديه أي وزير، ومن الممكن أيضاً ألا يكون له أي ظهور إعلامي يناسب حجم تأثيره الخفي على حكم البلاد، وهو بالأصل مصنف كحزب معادي للديمقراطية، يحتل وبفضل هذه الديمقراطية التي يعاديها مركز الصدارة في حكم السويد، وبدونه لا يستطيع أي وزير ولا حتى رئيس الوزراء نفسه التصرف خارج اتفاق حدد سلفاً تأثير هذا الحزب على قرارات وعمل الحكومة وإطار تحركها ضمن حدود الميزانية؟ فهل هذه مفارقة أم عيب من عيوب الديمقراطية الغربية إجمالاً والسويدية تحديداً؟

أسئلة تطرح بعد 100 عام على التأسيس الحقيقي للديمقراطية السويدية، وتطرح الآن مع وجود بوادر أزمة اقتصادية تتزايد فيها معدلات الفقر في السويد، ويرتفع فيها خطر تفاقم الحرب الروسية على أوكرانيا، مخاطر أكبر وأعظم من تقليل المساعدات القليلة أصلاً على اللاجئين والفقراء وحرمان الناس من لم شمل عوائلهم ومنح إقامة لشخص أو عائلة تحتاج إلى مأوى.
ولكن للحديث بقة

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2023.