السويد بين القلق من الحرب وتعثر عضوية الناتو
انضمام فنلندا إلى حلف الناتو قبل السويد أصبح أمراً مرجحاً، هذا ما أعلنه رئيس الوزراء أولف كريسترشون للشعب السويدي اليوم. إعلان رئيس الوزراء يثير قلق السويديين من بقاء البلاد تحت الضغط والتهديد الروسي، هكذا قالت زعيمة المعارضة مجدلينا أندرشون. القرار بيد تركيا الآن، غير أن كريسترشون حاول التخفيف من حدة التداعيات المتوقعة على السويد بالقول إن حكومته مستعدة لهذا السيناريو، مؤكداً أن عضوية الناتو ستتحقق في نهاية المطاف. لم يوضح رئيس الوزراء طبيعة الاستعداد الذي تحدث عنه، وهو أمر أثار انتباه مجدلينا أندرشون التي طالبت الحكومة بمزيد من الشفافية مع الشعب وأحزاب البرلمان. أندرشون رأت في انضمام فنلندا وحدها انتكاسة للحلف والسويد معاً، معتبرة أن ذلك يصب في مصلحة روسيا ويزيد المخاطر على السويد. جملة من الإجراءات طالبت بها أندرشون في حال انضمام فنلندا أولاً، منها العمل الدبلوماسي المكثف لضمان ألا تلحق هنغاريا بتركيا، علماً أن البلدين لم يصادقا بعد على طلبات العضوية. كما طالبت أندرشون بتقوية السويد وجبهتها الداخلية خلال الفترة المقبلة لمواجهة أي تداعيات محتملة.
حديث الحرب ومخاطر التهديد تتجلى اليوم في أكثر من موقف. الكنيسة السويدية تعزز استعدادها للأزمات والحروب. ومن ضمن الاستعدادات أن تكون الكنيسة قادرة على دفن 5 بالمئة من السكان وحماية المعالم الثقافية. منسقة أعمال الدفاع المدني في الكنيسة قالت إنه يجب ضمان دفن الناس بطريقة لائقة. ولتتمكن الكنيسة من الحفاظ على أنشطة الجنازة في أوقات الأزمات، بدأت مؤخراً إعداد أفراد للتعامل مع أوضاع الحرب. وتهدف الكنيسة إلى وضع خطط طوارئ في جميع مناطق عملها في أسرع وقت ممكن. من جهة أخرى، ارتفعت أعداد الشباب المطلوبين للتجنيد الإلزامي في البلاد بنسبة كبيرة مقارنة بالسنوات السابقة، مع تزايد التهديدات، وعلى وقع تطورات الحرب في أوكرانيا وطلب الانضمام إلى حلف الناتو. مصلحة التجنيد أعلنت اختيار 24 ألفاً و398 شخصاً من إجمالي 107 آلاف تم الاتصال بهم من مواليد العام 2005، ما يشكل زيادة بنسبة 400 بالمئة عن الأعداد المسجلة في العام 2017، عندما أعيد العمل بالتجنيد الإلزامي في البلاد. المديرة العامة لمصلحة التجنيد كريستينا مالم قالت إن عدد الشباب الذين يخضعون للتجنيد الإلزامي سيستمر في الزيادة خلال السنوات المقبلة.
سياسياً، دخل التعاون بين حزب ديمقراطيي السويد (SD) والحكومة مرحلة جديدة اتسمت بالخلاف والتوتر. وبعد ستة أشهر من الانتخابات وتوقيع اتفاق “تيدو” الذي تشكلت بموجبه الحكومة، يبدو أن شهر العسل بين الطرفين قد شارف على نهايته. مصادر في SD اتهمت الحكومة بمحاولة “خداع الحزب” خصوصاً فيما يتعلق بسياسة المناخ. في حين قال مصدر حكومي إن الحزب كانت لديه ثقة مفرطة في ما يمكنه الحصول عليه من الحكومة. وكان SD اعتبر اتفاق “تيدو” نجاحاً تاريخياً له، حيث كان تأثيره واضحاً في كثير من المجالات، خصوصاً سياسة الهجرة وفرض سيادة القانون، لكن لم يُسمح للحزب بشغل مقعد في الحكومة رغم رغبته القوية في ذلك. ويبدو أن المزاج العام في SD لم يعد متفائلاً بالقدر الذي كان عليه بعد الانتخابات مباشرة، حيث قال قياديون في الحزب إن تأثيره على سياسة الحكومة غير متناسب مع كونه أكبر أحزابها، وفق نتائج الانتخابات. ويبدو الطرفان متباعدين فيما يتعلق بسياسة المناخ والاتحاد الأوروبي، حيث يتخذ الحزب موقفاً متشككاً من الاتحاد ويعتبر أن القلق من المناخ لا أساس له من الصحة. كما أدت قضايا أخرى إلى التوتر بين الحكومة وSD، مثل مطالبة الأخير بالمشاركة في تعيين رئيس الشرطة الوطنية ورؤساء هيئات أخرى. وكان رئيس الحزب جيمي أوكيسون اعتبر التعاون مع الحكومة “خطوة أولى” نحو مشاركة واسعة النطاق للحزب في الحكومة. غير أن ذلك يبدو بعيداً، حسب رأي السياسيين.
اقتصادياً، أكد حاكم البنك المركزي السويدي إريك تيدين توقعات الاقتصاديين، وأعلن عزم البنك رفع الفائدة مجدداً في أبريل بنسبة 0.25 بالمئة، في محاولة لخفض التضخّم. تيدين اعتبر أن “التضخّم أسوأ من ارتفاع الفائدة”، مشيراً إلى تداعياته على الأسر ومعيشتها. مستويات التضخم لم تتراجع حتى الآن، رغم أن البنك المركزي يتوقع حصول ذلك على المدى الطويل. حاكم البنك المركزي كشف عن تشكيل مجموعة خاصة لمتابعة تطورات أزمة البنوك الأمريكية على مدار الساعة. وقال إن المركزي لا يرى أي مخاطر على الاستقرار المالي والقطاع المصرفي في السويد حتى الآن، مشيراً إلى أن البنوك السويدية لديها متطلبات تنظيمية أكثر صرامة من البنوك الأمريكية. تيدين أكد أن المركزي السويدي يقيّم آثار الأزمة وتداعياتها وهو مستعدّ لاتخاذ إجراءات عند الحاجة، بما فيها تغيير نسبة الزيادة على الفائدة في أبريل المقبل.
في حكم قد يمثل دليلاً قضائياً لحالات مماثلة، خففت المحكمة العليا اليوم أحكاماً بالسجن على رجلين أدينا بأعمال عنف ضد الشرطة خلال ما عرف باسم “اضطرابات الفصح”. وحكمت المحكمة العليا اليوم على الرجلين بالسجن حوالي ثلاث سنوات لكل منهما لارتكابهما أعمال شغب في سفياباركين في أوربرو. بينما كانت محكمة الاستئناف قضت بمعاقبة الرجلين بالسجن خمس سنوات. وكان إقدام اليميني المتطرف راسموس بالودان على حرق نسخ من المصحف العام الماضي في عدد من المدن أثار موجة من الاحتجاجات تحولت إلى أعمال عنف ومواجهات بين المتظاهرين والشرطة، ما أدى إلى إصابة عدد كبير من أفراد الشرطة في مناطق مختلفة من السويد. وهذه المرة الأولى التي تنظر فيها المحكمة العليا قضية حسب القانون الجديد لعقوبة التخريب المشددة ضد الشرطة، ما يعني أن المحكمة المحلية ومحكمة الاستئناف ليس لديهما مرجع في الأحكام يعتمدان عليه عند تحديد العقوبات بحق المدانين.
الحقوق محفوظة: عند النقل أو الاستخدام يرجى ذكر المصدر